عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-03-2015, 11:10 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي مغامرات مزعج ذاته 4




مغامرات

مُزعج ذاته


آأوذي نُف


إنه رجل على أعتاب الكهولة، لم يتزوج قط
ولا يفكر مطلقا في الزواج
حكمته في الحياة:
إبتعد عن الشر وغني له
إلا أنه لا يتقيد بتلك الحكمة قيد أنملة
ونحن إنما نقص بعضا من مغامراته لكيلا
يقع غيره في نفس الأخطاء مستقبلا





تاجر عومة



جنى تجّار السمك في الموسم الماضي أرباحا مجزية
بسبب قلة العومة المصطادة (السردين) وكثرة الطلب من قبل المزارعين
ومربي المواشي على هذا العلف والسماد العضوي الممتاز والرخيص
فقرر مزعج ذاته إمتهان هذه المهنة أي تجارة السمك وهو لا يمتلك الخبرة الكافية
ولا يعرف أسرار هذه التجارة وحاولت أسرته وأصدقاؤه ثنيه عن تلك الفكرة
إلاّ أنّه أصرّ على تنفيذها, وقد تمكّن منه الحسد والجشع

فأستغلّ المبلغ الذي باع به محل الحلاقة, مضاف إلى ما إقترضه من هنا وهناك
في توفير مستلزمات تجار السمك فأشترى برّادا وميزانا وعربة نقل وصناديق بلاستيك وغيرها
وبدأ فعلا في شراء الأسماك من صيادي القرية ثُمّ يبيعها في المدينة المجاورة
فحقق مكاسبا مرضية وتحسّنت أحواله المادية كثيرا, وأصبح تاجرا معروفا

ولكن وللأسف فإن بعض الناس يعميهم الطمع عن رؤية الحقائق الواضحة
وبخاصة عندما يذوقون طعم المال, ويرن في أذانهم صوت الريال
فيرتكبون الحماقات الفاضحة
وعندما إقترب موسم صيد سمك السردين (العومة) أخذ مزعج يعد العدّة ويهيئ الظروف
وقد عزم على شراء أكبر كمّية ممكنة من وفي نيّته أن يقوم بتخزينها, محتكرا بضاعته
إلى وقت الغلا فلا يبيع إلاّ في موسم الخريف حين تلح حاجة المربين
إلى ذلك النوع الممتاز من العلف الموسمي

وفعلا صاد الصيّادون كمياتٍ جيدّة, وإبتاع منها التجّار قدرا معلوما
أمّا مزعج ذاته فقد أشترى بمعظم رأس ماله, ورفض أن يبيع حالا
وقد عرضت عليه أسعارا مغرية,
ممنيا نفسه بالأرباح الخيالية عندما يطرق المحتاجون بابه فلا يبيع إلاّ بسعرٍ خرافي.
ولم يقنع بذلك القدر من الأرباح, وطمع في إستغلال حاجة الناس الملحّة بعد حين

فأمر بدفن السردين المجفف في حفر عميقة كما هو معتاد
ثم عاد إلى ممارسة نشاطاته بشكل طبيعي, وهو لا يشك
في الثراء العريض القادم, وضرب بكل القيم عرض الحائط

وفي يومٍ من الأيّام هطلت على المنطقة أمطار غزيرة سالت على إثرها الوديان
وحفرت المياه المتدفّقة أخاديدا في الأرض, فخاف مزعج على بضاعته المدفونة
لكنّ لا أحد يستطيع أن يخرج من داره في تلك العاصفة العنيفة والأمطار الغزيرة
وعندما توقّفت الأمطار وهدأت العاصفة ركب سيارته مع بعض العمّال ليتفقد كنزه المدفون

وفي الطريق شاهد برك الماء تملاْ الأنحاء فأشتدّ خوفه وتسارعت نبضات قلبه
وكلّما أقترب من الحفر شعر بمزيدٍ من الهلع على رأس ماله الذي قد يضيع هباءا
إذا ما وصلت المياه إلى السردين المدفون

وحاول أن يسلّي نفسه بعبارة: إن شاء الله خير لكنه شعر بالخجل من قولها
لأنّه أدرك أنّ الله سبحانه وتعالى ليس براضٍ عن سوء نيّته وأنه لا يستاهل خيرا من وراء الإحتكار والإستغلال
وفعلا صدقت توقّعاته, فوجد الحفر قد إمتلأت ماءا

وطبعا لا يمكنه إعادة التجفيف لأن اللحم قد ذاب في الماء ولم يبقى من السردين غير العظام تغطيها القشور
وخسر خسارة فادحة

فجلس متحسرا يردد:


لا تخدعن بأطماع تزخرفها ********* لك المنى بحديث المين والخدع

فلو كشفت عن الموتى بأجمعهم *** وجدت هلكهم في الحرص والطمع




يتبع إن شاء الله




رد مع اقتباس