...
ثم لفت انتباهه الجزء الآخر من الصورة تلك التي من الناحية الأخرى لمنزلنا ،أذهلته تلك البيانات، في البداية لم يدهش إلا من التغير المفاجئ لذاك المنزل البسيط الذي كان به حظيرة حيث أصبح منزل فاخر ،ومن التغير البسيط التي أحدثته تلك الأصباغ على بقية المنازل إلا إن التغير في الجهة الأخرى كان تغير جذري فقد أصبحت الأراضي الفارغة بنايات شامخة وأصبحت بعض المنازل التي كانت من طابق واحد منازل كبيره فاخره بعد أن جاءت تلك ألآت وجعلت هذه المنازل مستوية مع الأرض ،وتمت إعادة بنائها من جديد بشكل أجمل ...
كان لبضع لحظات يمشي جانبي وهو في صمت عميق شارد الذهن ينظر إلى تلك المباني ..
ثم قال فجأة :
أليس هذا ملعب الفتيان الذي كان تعلو فيه أصواتهم وهم يركضون وراء الكُره ؟؟!!!
مالذي حل به لما أصبح كالأطلال وما بال هذه الكومة من الركام تتوسطه
وأين ذهبوا ألئك الفتيه أين هم ؟؟؟
فأجيبه : لقد كبروا وربما أصبحوا الآن لاعبين في أحد الأندية المعروفة ‘أو ربما أصبحوا يركضوا وراء لقمة عيشهم كما كانوا يركضون وراء الكورة ، وهذه الكومة هي من جراء هذه الحفريات لتلك المباني .
ثم نظر إلى ما بعد الملعب وقال :أليس هنا كان بيت عمتك أين هو ؟
فقلت له : هاهو أمامك فقد تم هدمه فيما سبق وتم بنائه من جديد .
وهو مازال متسمر ينظر في البيت ‘ويحدث نفسه كيف كان وكيف أصبح
ثم قال : أين تلك الفتيات التي كانت كل يوم تتجمع عند عتبة هذا الباب أين هم ؟؟
فأجابته : لقد كبرنا وأصبح الكثير منهن معلمات يدرسنا أجيال ،والعديد منهن تزوجن ،وأصبحنا أمهات ...
ابتسم وقال : يالا الزمان مر سريعاً مازلت أذكركن جميعا عندما كنتن تلعبن وتلهونا في كل زاوية هنا وهنا ، مازلت أتذكر عندما يذهبوا الفتيان للعب في المعلب الآخر في مكان أخر وكنتن تعملن على احتلال ملعبهم واللعب فيه
"بيضه"
"عنبر"
حتى
" كورة القدم".
فضحك وضحكت أنا معه بعد أن كان وجهي متجهما، ومتذمرا من كثرة الأسئلة ..
ثم أكمل مازلت أذكر تجمعكن في الأعياد وأنتن بكامل زينتكن وتطرقن باب كل منزل هنا من أجل الحصول على الحلوى والعيديه ..
أغرقت عيناي بالدمع وقلت له : كانت أيام جميله رحلت ،ولن تعود .
،وأكملنا المسير ثم التفتت فجأة أوقفني ذاك الصوت العالي لصدا تلك
الصفعة القوية
التي مرت عليها السنين إلا أن صداها مازال يذوي في الأفق رغم كل تلك السنين ..
نظر إلي وكأنه قرأ أفكاري فقال :
أعلم ما تتذكريه في هذه اللحظة
أنا أجزم أنك تتذكري تلك
الصفعة القوية
التي صداها يسري حتى الآن
فقلت له : نعم وكأن المشهد حصل من دقائق وليس من سنوات عديدة وكان ذلك في صباح يوم من أيام الشتاء حيث كانت الليلة السابقة لهذا الصباح ليلة شتاء ماطرة ...
يتبع الجزء الرابع