[ناجى جوهر]

المعتوهة والعجوز

الجزء التاسع


فخرج متوشحا بمحزمه متسلحا بخنجره حاملا

سحلة صغيرة (حَلَةْ) في يده

وعندما وصل إلى الملعب وبينما كان الصبية منهمكون في اللعب

تقدّم إلى وسط الملعب مستفزا مشاعرهم , متحديا ارادتهم

متوهما انهم سيتوقفون عن اللعب إحتراما له إلى أن يمر

وكانت هذه حماقة أخرى

لكنهم لم يعيروه إهتماما , خاصة بعد أن حذّروه وطلبوا منه المضي

من درب آخر ورفض

فأستمروا في اللعب وركل الكرة حتى تعمّد أحدهم إصابته

إصابة مباشرة , فوقعت الحلة من يد , فثارت ثائرته

وشرع يسب ويشتم ويلعن , ثم إدعى أنه كان يحمل مصوغات ذهبية

فتوقف الصبية عن اللعب واخذوا يبحثون معه عن القراريط المفقودة

فلم يعثروا على شيء فهاج وماج وسأل عمن ركل الكرة إليه

وعندما رفضوا الإفصاح عن إسم الفاعل أستل خنجره

وأخذ يجري خلف الكرة يريد بعجها وإتلافها

وكانت هذه حماقة ثالثة

فما كان من الصبية إلا أن هزؤوا به وأستسخفوه

وجعلوا يركلون الكرة أمامه وهو يجري خلفها وقد جن جنونه

فلمّا تقطعت أنفاسه وخارت قواه , و لم يجد التبجيل

الذي كان يتوقعه عاد إلى منزله مذموما مدحورا

وقد زاد حقده على الرجل الغريب

الذي أفشل جميع مخططاته بكرة من المطاط

وبيَّت النية على طرده من البلدة

وفي السوق كان حديث الناس منصب على الكروع

التي سحرت شباب القرية , وغيرت سلوكهم

وكان عم بشارة يسمع حديثهم وهو يتميّز من الغيظ

فلمّا عجز عن كتم غيظه هب واقفا وصاح

فيهم : يا لكم من مغفّلين , إن تلك الكروع

التي جلبها ذلك الغريب ما هي الا فتنة

يريد بها الهاء ابناءكم عن واجباتهم

فيجب عليكم تمزيق تلك الكرة اللعينة

وطرد هذا الفاسق من بلدتنا

فسخر الناس منه , وضحكوا على حمقه

فأغتاظ غيظا شديدا , وتوجه من فوره إلى صديقه الوالي

وفي غير وقت الزيارة , إذ كان الرجل يتناول غداءه مع أسرته

لكن عم بشارة فقد أعصابه تماما , ولم يطق ,صبرا على الإنتظار

وعندما سمع ابن الوالي الشكوى همس في أذن والده :

يتبع إن شاء الله