سكينة الرحمات

[محمد عباس على]

سَكينةُ الرحماتِ
---------------


قصيدة شعرية
-------------




أيقظت قلبّى من عميق ثباتِ
ورددت عينى عن هوى العبراتِ

ورميت للطرقات طول ترددى
وسعيت فى أرض المنى بحياتى

وصرفت قلبى عن حروف تشاؤمى
تلك الحروف كثيرة الأنّاتِ

فالليل يبدو للفؤاد كأنما
عرف الضياءَ وأنكر الظلماتِ

وصبيحة الأحلام أشرق نورها
وأتتك تعزفُ أبدع النغماتِ

والحورُ تسعى والحياءُ يضمها
ضم العيونِ لأروع النظراتِ

فلكل فاتنةٍ تلوح بهاؤُها
يسبى العقول بصاخب الومضاتِ

تبدو لعينك فى صبيحة عمرها
زهرٌ تفتّح بعد طول أناةِ

تلك الحياة اذا علمت قصيرة
فالحق بحظك قبل طول فواتِ


ياسائلى ماذا يروقك ؟
هاهنا
نورُ الوجودِ وغايةُ الحيواتِ

لهفى على نور الصباح وسره
عند البكور ورقة النسماتِ

لبراءةِ الطفل الغرير اذا بكى
وصفاءه فى صحبة الضحكاتِ

لعذوبة الضحكات عند ركوضها
عبر الفؤاد رشيقة الخطواتِ

والزرع يدنيه النسيمُ مقبّلا
فيميل فى صخبٍ مع القبلاتِ

وأقّبل الآزهار فى أغصانها
وأداعب الأطيار بالكلماتِ

وأروحُ أهمسُ للنجوم أبثها
سر الورود ولوعة الزهراتِ

وأدق باب البدر أسأل هل رأى
بين البدور السابحات فتاتى

وأدير عينا للجمال وسحره
أيان كان فتلك بعض صفاتى

وأجامل الفجر الوليد بطلتى
وتذوب وجداً بالغروب حياتى

أرنو لنور الشمس حين ولوجها
باب السماء ومقعد الملِكات

فالكون يحلو حين تنظر راضياً
لشروق يومك والنهار الآتى

ويكون مراً إن رميت بنظرةٍ
عبر الدموع لقادم اللحظاتِ

فانعم بفاكهة الوجود وضمها
ضم الأريب لأطيب الثمراتِ

وانعم بأنغام الحياة على الربى
واسلك طريق النور فى الفلواتِ
--------------
دنياك أنثى إن ملكت قيادها
ترويك رياً من نمير سقاة

وتكون عندك ماملكت زمامها
مِلك اليمين رقيقة الانصاتِ

وتصون ودك فى الدقائق كلها
لاتستجيب لفتنة اللحظات

فيضٌ من الأشواق يملأ قلبها
وتدور حولك حية النبضات

والويلُ كل الويلِ حين تظنها
أرض الوفاء رفيقة العثرات

كالماء تفلت من براثن قيدها
وتكون كالثعبان فى الافلاتِ

فهى الرقيقة حين تطلب ودها
صلباً كسيف لايميل لعاتِ

فاذا ارتخيت رمتك من أفكارها
وسقتك ماء الذل والحسرات

وبغير قلبٍ تلتقيك عيونها
وبغير سمعٍٍ تحسن الإنصات

وبرغم هذا فالنعيم رضاؤها
والسحر حين تجود باللفتات
---------------
انا قد رضيت من الحياة بوحدتى
مادام نور الله يملأ ذاتى

من جاء يسعى للإله فزاده
نبض يؤب لساحة الآيات

سبحانه المعبود جل جلاله
رب الوجود ومانح البركات

فارفع يديك الى السماء مسّلماً
وأدع الإله القابل الدعوات

واملأ وجودك من رحابة نوره
واسكن بروحك واحة الرحمات

وانهض لربك بالمحبة راضياً
واسجد بقلبك سائر الصلوات

فالقلب يشرق بالصفاء وبالرضا
والروح تنبض عفة الرغبات

الله ربى بالسكينة خصنى
وأعاد بالرحمات رسم حياتى

فتركت خلفى مارأيت بناظرى
الى ماتراه بصيرتى وصلاتى