القوافي المدرار في حسناء الديار

[جاسم القرطوبي]

سحَّت سحابُ الشعر ِ من شرياني = فسقت مرابع حيها وكياني (1)

ولهـــــى النسيمُ بشعرِها فبدت به = كلماتُ وجدي في لمىً فتان ِ

واها ً لحسناءِ الدِّيـــــار ِ فإنّـــــها = فتكت بناسك حبِّها الهيمان

وسألتـُــها أنْ لا تــــــزورَ بظلمة ٍ = كيلا تنيرَ حوالـكَ الأكـــوان ِ

فيـََرى اختناق قلوبنا في نبضـها = أهلُ المآقي ثـَــمَّ والعميـــان ِ

باللهِ يا من لامنـــــي في عشقتي = هلا لثمت معي قذى الجدران

إنْ لم تكن ذقتَ الهُــــــيامَ فإنني = بحرٌ أحاط َ بشخصه الرهباني

أعتى أعاصير الدنى في موجِه ِ = وكوارثِ الزلــزال ِ والطوفان ِ

يا ناعسَ الأجفان ِ عذتُكَ منك إذ = سلبت رموشُكَ مهجتي وجَناني

فعليكَ مِنكَ أخافُ يا أنا فارعوي = يا فاتـــــنَ الإنسان ِ والشيطـان ِ (2)

فتبسْمت عجبـــا ً وقالت يا فتـــى = مهلا سأفصحُ في الهوى ببيان ِ

للسمِّ في جـــــوفِ الأفاعي قصة ٌ = ما بينَ لادغــــة ٍ وذا شـتـــــان ِ

فاستقبلت قنـــــــــوات قلبي بثـّه = وتناقلت أخبارَنــــــــــــا بلســان ِ

يا جارة َ الوادي رويـــدا إننــــــي = لي في الهوى أمل ٌ بكم يــزدان ِ

باقات ودي في المــــــــــودة خدها= أزهاره سمقت شذى ً بجـِناني (3)

يا لاعجَ الأشـــواق ِ من غسق النوى = أجزاءُ مؤمنكــم لظى النيران(4)

وارحمتــــــــــــــــاهُ لمدنف ٍ مستجديا = لحظات وصـــل ٍ منكمُ وحنان ِ(5)

لو كان يُدرِكُ مـــا الهوى ما الشوقُ ما = وقــــــتُ الجفاء لكفَّ قبل الآن

مالي ســـــــــــوى روحي وباذل راحتي = وشقاء راحي للـــــــتي بمكان ِ


لم أنسَ ليلـــــــــــة َ عيـــــــدِ ميلادي بها = فارقت طيف حبيبتي المِيسان ِ(6)

ودّعتـــــــــــــــهُا والدَّمْـــــــــعُ زفرة َ وابل ٍ = يرمي بسجِّيل ِ الجفا أجفاني

وئِـــــــــــدت شواهدُ للغـــــــــــــرام بيومها = لله أشكــــــــو علتي وزماني

إنْ مِتُ يا ريمَ الـــــــــــفلاة بغصــــــــــــتي = حَدثُ الولادة والفنـــــــا سيان ِ

----
1 – وسَحَّ الدَّمْعُ والمطرُ والماءُ يَسُحُّ سَحّاً وسُحُوحاً أَي سال من فوق واشتدَّ انصبابُه.
وساحَ يَسِيحُ سَيْحاً إِذا جَرَى على وجه الأَرض
2 - الرَّعْوى والرَّعْيا النزوع عن الجهل وحسنُ الرجوعِ عنه.
3 – الجِنان بكسر الجيم الجنات والحدائق ، وبفتح الجيم القلب .
4 - ولاعَجَه الأَمْرُ: اشْتَدَّ عليه ، وأَلْعَجَ النارَ في الحَطَبِ: أوْقَدَها.
5 - الدَّنَفُ: المَرَضُ اللازِمُ المُخامِرُ، وقيل: هو المرض ما كان
6 - وامرأَة وَسْنَى ووَسْنانةٌ: فاترة الطَّرْفِ، شبهت بالمرأَة الوَسْنَى من النوم، وامرأَة مِيسان، بكسر الميم: كأَن بها سِنَةً من رَزَانَتِها

بقلم : جاسم القرطوبي
مقاعسة 2/10/2009م