روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     كفيف [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,536ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,797ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,304
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,501عدد الضغطات : 52,280عدد الضغطات : 52,384

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-05-2014, 09:05 AM
الصورة الرمزية عمر حامد
عمر حامد عمر حامد غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 92

اوسمتي

افتراضي ســـــــــــــواح

سواح

(1)
فوجٌ من الأسماك تتراقصُ على سطحِ جُزءٍ من لُجينِ ماء البحر الصافي، يُصابُ ذلك الجُزءُ بالقشعريرة لتهتاج النوارس فتشُنُّ هجوما فوضوياً على الفقاريات التي لا حول لها ولا قوّه، وتتحول تلك الطيور إلى ( جَو – مائيات ) في لمحٍ البصر فترمي بأجسادها المثخنةِ بالريش إلى الماء، لتخرُجَ منهُ وفقاريةٌ رشيقةٌ تتراقصُ بين فكّيها، فتنشُطَ غدة الكظر في داخل الشاب وتتقيأ الأدرينالين الذي قرع طبول نبضات قلبه، فيصابُ بنوبة الغضب التي طالما حاولَ السيطرة عليها، وجعلَ يكُرُّ ويفرُّ في مكانه! ، ويصيح بالنوارس : "كفى .. كفى".


ها هي النوارسُ بفوضويتها تُلاحقُ بعضها في سرقة الفقارية من بعضها الآخر, فأربعةُ نوارس تُمارسُ السرقة على بنات فصيلتها وكأنما ذاك الفوج من الأسماك في البحر لا يكفيها، أيُّ سُخفٍ علنيٌّ هذا؟ جعلَ يُتابعها من عالمه السُفلي وهي فوقهُ تسلبُ بعضها البعض وإذ بسمكةٍ تُفلتُ سهواً من فكي نورسٍ تعيس الحظ لتسقُطَ السمكةُ الصغيرةُ بجانبه وهي لا تُصدّقُ بالنجاة! ولكنها تحت قدميهِ على اليابسة الإسفلتية تتلبط! فالتقطَها وقد سُرَّ سُرورا عظيما! وكأنما قد ضَفرَ بسبيّةٍ، وصاحَ بالنوارس: "ها قد نصرني الله".


وجعلت السمكةُ المسكينةُ تتراقصُ بينَ كفّيه وتترجاه بعينينِ حزينتين, فأشفقَ الشابُّ عليها! لتفاجئهُ إحدى النوارس وقد اقتربت منهُ دالقةً فاها! لا يدري حنقاً أم جوعاً, فاقتربَ الطيرُ منهُ أكثر وقد نفش ريشه يُناظُرهُ بحنق، فبادلها التحدي! وعلِمَ أنها تُطالبُ بحقها الساقط من السماء!. فأبى إلا أن يخوض المعركةَ، فخبأ "أمل" في جيبه وكرَّ على الطيرِ الذي فرَّ من أمامه بدوره ضاربا جناحاهُ مُعتلياً يطلبُ أذيالَ السماء!.
تهلّلَ وجههُ مُبتهجاً لضفرهِ هذه المعركة من الحرب المستمرة، تفحّصَ سمكة السردين التي كانت على وشك لفظ أنفاسها الأخيرة ليجزعَ لحالها، فما كان منهُ إلا أن أخرج "أمل" من جيبه –محاولا إنعاش السمكة- صبَّ شيءً منها على جسد الفقارية المسكينة التي بدأت حركتها تقلّ، عندها لم يكُن هناك وقتٌ كي يفكر, فأُعادها سريعا إلى البحر برميةٍ رقيقة آملاً أن تستعيد نشاطها وترجع إلى أهلها.
وما أن لامست السمكةُ لُجّة البحر حتى اقتنصتها إحدى الطيور, فصاح بها وهو يقذفُها بكل ما يُحملُ أمامه : " اللعنةُ عليكِ يا كُرة الريش القبيحة ", فيصادف جنونهُ هذا مركبةٌ يرتادُها بعضُ الشباب ليطل أحدهم من النافذة ويصيحُ به مُستفزا :


  • عاش سوّاح


فما كان منهُ إلا أن أطلقَ عليه رصاصةً من رصاصاته المعهودة :


  • أبوك!.






(2)
في جولته عندما تكونُ الشمس في كبد السماء يختار أحياناً إحدى مقاهي العاصمة المتراصّة -لا ليشرب فنجاناً من الشاي - فكل ما يملك من مال يوفرهُ في شراء زجاجة الأمل الرخيصة ولكنهُ اعتاد أن يجلس مع شلة شباب يلعبون الورق ويرشقون دُخان الأرجيلة، يستأنسونَ بوجودهُ فيجودون عليه بما شاء من فناجين القهوة، إلا أن صاحبنا تردد بالولوج الى المقهى، لعلمهِ التام بأن رفقة المقهى قد وصلهم بلا شك قصة شتمه صباح اليوم للشباب المستهزئين به ورصاصته التي أطلقها (أبوك) -وهم بلا شك- سينتقدون ردة فعله كالعادة في سعيهم أن يخرجوه من عزلته التي جعلته بعيدا عن المجتمع الذي رفضه كإنسانٍ سوي.
قَفَل أخيراً راجعاً إلى الشاطئ بعد تردد، وعقلهُ الباطن يطِنُّ في داخله:


  • لماذا شتمت الناس مُجدداً؟ وما يُضيرك أن عايروك بلقبك -سوّاح-؟ هل جُرِحَت مشاعرك؟ وهل ثمّةَ فيك ما يُجرحُ أصلاً؟.


هزَّ برأسِهِ يُمنةً ويسرةً كالعادة ليُخرس عقله الباطن، وما أن وصل إلى شجرةٍ كئيبةَ المنظر حتى فتح زُجاجة الأمل ليملأ جوفهُ بجُرعاتٍ منها حتى يهرب من واقعه المرير، وحتى ينسى الناس والمجتمع.
"ما أوقَحَ لذّتها!" –صاحَ بهِ عقلُهُ الباطن- فأطلق عليه رصاصة الرحمة بجرعةٍ أخيره عساها تُخرسه، إلا أن سوّاحاً رجعَ إلى نفسهِ ووعوده الكثيرة التي قطعها على نفسه للإقلاع عن "أمل"، كاد أن يُرهقها أرضاً ولكنه قرر في نهاية الأمر بأن يدفنها الى موعدٍ معلوم تحت شجرة الشؤم.





(3)
في مثل هذه الساعة من بعد صلاة العصر كان يُعاقرُ أمل عادةً، إلا إنهُ قرر أن يذهب الى الشاطئ لمتابعة الفتية يلعبون كرة القدم هناك.
يصلُ إلى الشاطئ مُتنفساً الهواء العليل، أعجبهُ طنينُ النوارس على غير عادته و شعر بانشراحٍ كبير وهو يراقبُ صبيةً صغاراً يبنون قلعةً من الرمل، أعجبتهُ ابتسامتهم فبادلهم الإبتسام, فما كان من أحدهم إلا أن أطلقها : " ثوّاح !".
صدمتهُ الكلمة! بل صعقته، وقف مُحدقا بالطفل السمين الأشرم الذي عايرهُ بلقبه، تهيأ الطفلُ كي يجري هربا منهُ، كان بمقدوره ان يلحق بهذه الطفل السمين ويوسعهُ ضربا، بدأ الأدرينالين بالتدفق والغضبُ المهزوم بدى ظاهرا على عينيه.
"هدئ من روعك " – باغتهُ العقل الباطن- فأخذ نفساً عميقا، شعر بشيءٍ من الراحة فسأل سوّاح الطفل عن اسمه إلا أن الطفل الشقي رفض, ولكن أحد الأطفال قال : "اسمه حمد " , فتصنع سوّاح ابتسامةً شقيةً فضحكةٌ جبّارةً وقال : "حمدون الدُب "! وكررها مرارا : "حمدون الدب" ونجحت الفكرة! بدى أن الطفل تأثر, والتقطَ حجراً ينوي أن يرميه على سوّاح ، "اركض" –أوعز لهُ العقل الباطن - فجرى هاربا عن الطفل الذي استسلم بعد عشرين مترا، التفت الى الطفل المستسلم الذي بدأ بالبكاء، انتاب صاحبنا نوعٌ من النشوة، وبدأ يلهث فجثا على رُكبتيه وسلّم الأرض الرملية كفّيه، لقد أفقدتهُ "أمل" الكثير من لياقته.
جلس قريباً من فتيةٍ يلعبون كرة القدم أشارَ لهُ أحدُ الفتية كي يلعب معهم ،فرفض في بداية الأمر، إلا أن الفتى أصر .. ليوعز عقلهُ الباطن : "وما المانع ؟! محاولةٌ جيدةٌ كي تلتحم شيءً فشيءً مع المجتمع كي يتقبلك".
وفعلا خلع سوّاح نعلهُ ورفع ثوبهُ وربطهُ بوسطه، ودخل ساحة الملعب الرملي، كان منظرهُ شاذا نوعا ما، فالفتيةُ الآخرون يلبسون ملابسا رياضيةً، بينما يلبسُ ثوبا، حتى بعضُ الشباب من هم في سنه كانوا يلبسون ملابسا رياضيه .. "ولكن العتب مرفوع" –يقول عقله الباطن - .
لم يلمس سوّاح الكرة كثيرا ولكن كان كلما جرى بها حمّسهُ اللاعبون، فشعر بسعادةٍ كبيرة، ولم ينتبه أحدٌ لدموعه تتلألأُ في مُقلتيه وهو يشاركهم، مُمتناً للفتيةِ الذين يقدمون لهُ من الخدمة ما لا يُقدّرونها! .


  • <LI style="TEXT-ALIGN: center">لا تفرح كثيرا .. إنما هي الروح الرياضيةُ لا أكثر وهي لا تدوم خارج الملعب, بل تنتهي بانتهاء اللعب –حادثتهُ نفسه- , فشعر سوّاح بشيءٍ من التعب !
  • بل هم عامة الناس كلهم يحملون جانباً خيّراً –أخرس عقلهُ الباطنُ نفسه – فشعر بحماسةٍ كبيرةٍ وهو يجري خلف الكره.


ها قد بدأت الشمسُ بالمغيب ووقتُ اللعب على آخره، يُحاول أحد اللاعبين أن يُراوغ سوّاح وهو يُعاكسه، يدخلُ جسمان غريبان إلى الملعب لم يلحظهما سوّاح الذي أخذ الكرة من اللاعب الآخر وأخذ يجري بها، إلا أن أحداً لم يعترض طريقه من الفريق المنافس! ولكنهُ استمر جاريا بالكرة لأنهُ يشعر بجسمٍ يُلاحقه، امتدت يد الشخص الذي يلحقه وكان يظنهُ لاعبا من الفريق الآخر، أمسكت كفّهُ بثوبه وأسقطهُ أرضا !، "ما هذا" سأل نفسه التي لم تُجب عليه .. حاول سوّاح الوقوف .. لكن الشخص ركله ! .. فقام بسرعةٍ هذه المرّة .. ليتفاجأ بوجود الصبي السمين الذي عايبهُ، ومعه والدهُ على ما يبدو، والذي انتهر سوّاح قائلا :


  • <LI style="TEXT-ALIGN: center">لو لمست ولدي مرّه ثانيه بقلع لك عيونك.. تسمع؟
  • ما لمسته ولدك، هو اللي شتمني، أدّب ولدك أحسن لك


لم يتحمل الرجل الكلام! فمن هو سوّاح حتى ينصحه هذه النصيحة ؟! رفع الرجلُ يدهُ عاليا ليلطم سوّاح إلا أن أحد الشبان أمسك بالرجل ودخلَ معهُ في شجارٍ تبادلا فيه بعض الشتائم وساند بعض اللاعبين الشاب الذي دافع عن سوّاح، بينما أخذ شابين بهِ بعيدا ونظراتُ الشفقة تكادُ تُقبّلُ صاحبنا الذي بدا مهروساً من الموقف.
لبس نعلهُ وأنزل ثوبهُ وكانت قدماهُ ترتعشان من الموقف.


  • <LI style="TEXT-ALIGN: center">لقد هَدمَ والدُ الطفلُ كل ما بنيته ! –حادثتهُ نفسه –
    <LI style="TEXT-ALIGN: center">لا، بل قد كَسبتَ اللاعبين الشبان كلهم –قاطع العقل الباطن نفسه – انظر حولك!
    <LI style="TEXT-ALIGN: center">يا سوّاح انت نكرةٌ في المجتمع لا أكثر!
  • بل أنت منهم ولا ينقصك شيء إلا أن تستمر في محاربتك نفسك!


بعد أن هجع الناسُ في بيوتهم ، كان صاحبنا تحت الشجرة الكئيبة التي خبأ تحتها "أمل" ونفسهُ تواسيه بوجودها تحت الشجرة ولكن عقلهُ الباطن يرفض.
أخذ يحفر الجزء الذي دفن فيه أمل ..


  • <LI style="TEXT-ALIGN: center">إياك ! –داهمه عقله الباطن الذي كان صوته خافتاً نوعاً ما–
    <LI style="TEXT-ALIGN: center">لا تهتم لهذا الهاتف السخيف الذي زرعه رفقةُ المقهى في داخلك زاعمين بأنهُ عقلك الباطن ! –جاوبته نفسه ! –
    <LI style="TEXT-ALIGN: center">سمير أنت في الطريق السليم لا تنحرف عن المسار!
  • على الأقل للمرة الأخيرة!


كان جواب نفسه له مُكررا ولكنهُ مُجدٍ في هذه اللحظة من التردد " للمرة الأخيرة" , فتح القنينه وبدأ بالرشفة الأولى شعر بحرارتها تكادُ تُقطعُ أحشائهُ وصاح : "آه " , هذه الـ (آه) .. هل كانت بسبب مرارة وخبث الطعم؟ أم بسبب النشوة؟ هو نفسهُ يجهل الإجابة!.
تمادى الظلامُ في هذه الليلة, وأملُ تُفرغُ آخر ما في جعبتها من جنون إلى جوف سوّاح الذي حاور نفسهُ في هذه الساعة من منتصف الليل : "آه , يا لهذه النشوة! كم هو جميلٌ طعمُ الثمالة, صحيح أن الرشفةَ الأولى تعطيك الحماسة التي لا مثيلَ لها لارتشاف المتبقي من قنينة الأمل الرخيصة, ولكن الثمالة هي التتمة والختام للعالم السرابي الذي تخلقه لي كل يوم" .
قاطع حديثهُ الذي خاطب به نفسه عراك قطط بجانبه, فأمسك بقنينة الأمل الفارغة وألقاها عليها, وكاد أن ينهض اليها ليخوض معها معركةً كتلك التي خاضها مع طيور النورس صباحاً, لو لا أنهُ تجلّد وقال: " إلى متى سأظلُّ على هذه الحال؟ أما آن لي أن أُنفّذ وعدي الذي قطعتهُ على نفسي مراراً وتكراراً؟ أما آن لي أن أهجرك يا أمل؟ أيتها القنينةُ الرخيصة؟ , لقد سبّبتِ لي من المشاكل ما يكفي كي أطلقك ثلاثاً، بل وقد أحططتِ من قيمتي الإنسانية، أيُّ جُرمٍ أكبر من هذا يا أمل؟ كُنتُ أبحثُ عن أسمك دائما (الأمل) سعيتُ لهُ سعي الوحوش للغزالة الشريدة في الغابة, إلى أن انتهى بي المطاف عندك, شربتك كثيرا وها هو أملُـكِ الآن يُرديني على قارعة الطريق".
واستدركَ قائلاً :
- أين أنت يا مرشدي الفاضل؟ أين أنت يا من أطلقوا عليك "العقل الباطن"؟ هل سَكَرتَ أنت الآخر مع ما تقيأتهُ أملُ في باطني؟"
وأطلق ضحكةً طويلة تحت الشجرة الشبح، وغاب بعدها في غيبوبةِ نومٍ كأنها الإغفاءةُ الأخيرة.

يُتبع
يُتبع
__________________
لا لَــيــلَ يـكـفـيـنــا لـنـحـلُـمَ مـرّتـيـن
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:19 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية