روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     كفيف [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,526ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,787ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,282
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,492عدد الضغطات : 52,271عدد الضغطات : 52,375

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > النقد والكتابات الأدبية والسينمائية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-09-2010, 04:01 PM
الصورة الرمزية فهد مبارك
فهد مبارك فهد مبارك غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 1,479

اوسمتي

افتراضي قراءة نقدية في قصيدة كومة أحزاب للشاعر صالح السنيدي

دسرٍ وألواح مع شراع وأخشاب
وبلغتهم بالحــق ما قــــال ربّـــــي

واحييت وجه النور في صفحة كتاب
واسقيت عطشى الدين منهاج دربي

حتـــى إذا هبـت بـــوارح والاسبــــاب
شــــيء جــلا منـي وشيءٍ ذهبّـــي

كن الدراري حـولت فــــوق لـــهداب
مــن ثقلـــها مـــا شـفت منحات سربي

وجــاك النصيح وساقلك كومة أحزاب
جزت الصراط وصافي الحوض شربـي

كن الملا عابوا على (نوح) ما جـــاب
صـــــوت اليـــقين ودعــــوة الرب تنبي

كل ما انمّــر بشيــخ يحـــلف لكـــذاب
يضــــحك ويستـــهزئ ألا الريـــح هبّي

تبني سفينة في حصى سيـــح وتراب
وتســـكن جبــابٍ مـــا لهــا بحــر يغبي

مجنون لا تجري على كل مسحــــاب
هــذا (سواع) و ( ود ) وعـ البيت لبّي

وهذا (يغوث) الــيوم واقف عالعتـاب
يروي شــــهود الـــقوم تاريــــخ غربـي

ومسي على ريح (الصبا) مرسي اطناب
ولا هبّــت ( النكبــا ) تمايــل لعبــــي

كن ( السهى) عندي وعند الفجر غــاب
وهبـت ( دبورٍ ) ونسفـت كـل حــزبــي

وطارت مـن الدنيــا نـواهيـب واســـراب
وأبــواب مـن فـوق السمـاء روح تجبـي

ونادت عيــون الأرض يا حـي لك جــاب
رب السمـــاء وربٍ عــلى الكــل يربــــي

وتـخايــلت عـنــدي عــذاريــب وعتـــاب
وألا الســــفينة بــحــرها طـــود يــحبــــي

اروايـــةٍ وتـــأصــلت منـــك الأنســــاب
( أبـو قـبيـس ) اللــــــي تبــادى فـ عبّــــي

مــن ســالــف الأزمـــان للـكــل محراب
وكـــــلٍ بـــكــــى ليــــلاه يــا نـــار شــبّــــي

وانمـــرّ فالـدنيــا ســــــفارى وأغـــــراب
وانثــــــور نـــوبـــاتٍ ومـــرات نـــخبـــــي

وخــيــوط ننشـــرها ضـحاضيـح وحـجـاب
وانــثــوّر الــــدنيــــــا عـــــلى خيـــــل تسبـي

عاحيــــدرة وضــرغــام وحجــول وحــراب
صـــــفنٍ بيـــــاض الــــبرق مــــن كــــل حدبي

شكيمةٍ عنــــد الـــــعرب مجــــــد وأنشــــاب
يـــا لابـــةٍ تحـــــت الـــرمــــد نــــار تكــبــــــي

نصنع سفينة لــو بــــقــى دســــر وأخشـــــاب
ونبـــــلّــــغ الـــدنيـــــا تـــعـاليـــــم ربّــــــــــي


كومة احزاب ..

جاءت هذه القراءة للقصيدة أولا وقبل كل شيء للبحث في جماليات هذا النص من حيث العوامل التي أدت إلى تكونه بلغته الشعرية ،ودراسة زمن تكون الصورة الذهنية التي أثّرت في تشكل النصّ ولغته. والملفت في هذا النص الأحداث التاريخية على مستويات متعددة قصد منها الشاعر الوصول إلى مبتغاه ..

بنية النصّ:

هناك عدة عوامل لعبت دورا هاما في تشكيل النص ولغته .. وهذه العوامل هي:

اولا : الزمن :وهو من بين العوامل التي سوف نتطرق لها في قراءة القصيدة ، من خلال طرح السؤال التالي ؛ هل للزمن تأثير في تشكل الصورة الذهنية التي أدت إلى تشكّل لغة النص ؟ .
عندما نتطرق لعملية الإيحاء ، يمكن أن ندرك أن هناك زمن استغرقه الشاعر حتى تبدأ الصورة الذهنية في التشكل لتعطينا تلك الصورة الشعرية التي تكون ماثلة أمامنا في النص أو أنها تشكل لغة النص ، وبشكل عام دور الزمن في إظهار ملامح الصورة الذهنية على شكل لغة تحتاج إلى من يسبر أغوارها ، ولذلك سوف نلاحظ أن بعض الصور الذهنية تشكّلت عناصرها (الشخوص والأماكن والأحداث..) اعتمادا على زمن الاستغراق في عملية الإيحاء ، ولكن هل هذا الزمن الذي تم استغراقه يؤثر في امتداد أو قصر الصورة الذهنية ، بمعنى هل له تأثير في اختزال عناصر الصورة الذهنية من عدمه ، وهل له تأثير ملموس في التخلص من بعض العناصر وولادة أو إيجاد بعض العناصر في الصورة الذهنية..؟

لقد اعتبرتُ أن هنالك زمن واحد يعطينا عدة أزمنة متفرعة منه ، وهذا الزمن مثل الفلاشات التي تومض معبرة عن بداية ونهاية خلق الصورة الذهنية بعناصرها ، وهذا الزمن اسميناه :

1ـ الومضة الزمنية : (تم استخدام هذا التطبيق للزمن في قراءة نقدية سابقة للشاعرة هجير ، ولكن هنا سوف يكون بتفاصيل واستنتاجات وتحليلات جديدة لم تكن في سابقتها ..)هذه الومضة عبارة عن الزمن الكلي لتشكل الصورة الذهنية التي سوف تعطيني في نهاية هذا الزمن لغة النص ومعبرا عنها بالكتابة أو الكلام . إذن ، وبناءا على ذلك نجد في البيت الثالث هذا التشكل :

حتى إذا هبّت بوارح والاسباب
شيء جلى مني وشيء ذهبّي

حيث يمكننا تقسيم الومضة الزمنية إلى :

ـ الزمن الآني (فيزيائيا يسمى الزمن اللحظي) : وهي اللحظة التي يعتبر الشاعر جزءا منها يعيشها بكل تفاصيلها المحيطة ولا أقصد هنا الزمن الذاتي الذي يؤدي الى انقضاء عمر الإنسان على الأرض أو كما يسمى فيزيائيا ( الساعة البيولوجية داخل جسم الإنسان ) ، إذن، نجد في الشطر الثاني من البيت الثالث أن الشاعر حتى يرسم صورته الذهني ويشكلها سوف يحتاج إلى استغلال زمن في نفس اللحظة التي هو فيها ربما تكون أجزاء من الثانية أو ثانية أو أكثر ، حيث نجد الشاعر مثلا في البيت الثالث قد اختزل الزمن بشكل وامض ، أعطى فلاشات متسارعة جدا في ذهنه وهذا آليا يؤدي إلى قصر الزمن الآني في تشكيل الصورة الذهني ولكنه من جانب لا يؤثر على الزمن الذهني (سوف نتحدث عنه لاحقا) ، وبالتالي كان استغلاله للزمن الآني قصير جدا وخير ما يمثل ذلك الشطر الثاني : (شيء جلا مني وشيء ذهبّي) ، هذا الشيء الذي جلا منه والشيء الذي ذهب به جاءت تفاصيله في بقية الأبيات سواء السابقة أو اللاحقة في القصيدة ، وكأن الشاعر في لحظة زمنية أراد أن يخبرنا وهو في حالة تشكلت فيها الصورة الذهنية ، بأنه سوف يخبرنا عن الأشياء التي شغلت باله وفكره سواء الشيء الذي ظهر منه وعبّر به ، أوالشيء الذي جعله يتحرك ويذهب حيث نجد هنا (شيء ذهبّي) صورة الفعل الذي كان له تراكمه التاريخي لأمته التي يحمل جراحاتها وانتصاراتها وكذلك انكساراتها ..

ونلاحظ في البيت الرابع عشر أن الزمن الآني لتشكل الصورة الذهنية كان أطول من الزمن الآني في لحظة تشكل الصورة الذهني في البيت الثالث في شطره الثاني ؛ إذ يقول الشاعر في البيت الرابع عشر :

وطارت من الدنيا نواهيب وسراب
وابواب من فوق السماء روح تجبي
نلاحظ في هذا البيت الشعري أن الشاعر انتقل بصورته الذهنية من الدنيا إلى أبواب السماء ؛ حيث نجد أنه استغرق أولا في الطيران وهيئته ومن الذي طار ، ثم المجال ما بين الدنيا وأبواب السماء ، ثم الروح وما تجسد هذه الروح التي وجدت في السماء والرسالة التي تحملها ، ثم نجد هذه الأبواب المتواجدة فوق السماء ماذا تحمل من مدلولات وكذلك العلامات أو الإشارات اللغوية الأخرى : ( نواهيب ، وسراب ، فوق السماء ، روح تجبي )، وكذلك التفاصيل التي رسمت في الصورة الذهنية عند اكتمالها .. إذن ، يكون الزمن الآني في هذا البيت أطول عنه من البيت الثالث من القصيدة ، والسبب في ذلك راجع إلى العلامات اللغوية ذات الإيقاع المتنوع بتفاصيله كما ذكرناه سابقا ..

كما أننا لو نلاحظ البيت التاسع عشر ، حيث يقول الشاعر :

ونمرّ فالدنيا سفارى وأغراب
ونثور نوبات ومرّات نخبي

نجد هنا ثلاث علامات هي : ( انمرّ ، نثور ، ونخبي )، وهذه الأفعال باتحادها مع العناصر الأخرى في علاقات أخذ عامل الزمن ممثلا في الزمن الآني وقته الإستغراقي حتى تتشكل الصور الذهنية ، حيث نجد صورة ذهنية لكل مفردة أو دال ، ويكون عددها ثمان صور ، ثم الصور الذهنية في التراكيب ، بمعنى أن كل دال بعلاقاتها مع الدوال الأخرى تعطينا صورا ذهنية(مدلولات) أخرى والهدف الرئيسي هو الوصول إلى الصورة الذهنية النهائية (مدلول المدلول)؛ وهي صورة الإنسان بكل تفاصيله في هذه الدنيا :الميلاد والموت (نمر)، والحياة (سفارى) ، وفترات قوّته(نثور) وفترات ضعفه (نخبي)، وبين هذه التفاصيل توجد تفاصيل أخرى .. رسمت في ذهن الشاعر أثناء انتقاله من صورة ذهنية إلى أخرى ، ولذلك نقول أن الزمن الآني يتحكم فيه زمن لا يوجد في الزمن المحسوس ، وهذا الزمن الموجود في ذهن الإنسان هو العامل الرئيسي ، ويمكن أن نقول أنه توأم للصورة الذهنية ..

ـ الزمن الذهني (فيزيائيا يسمى الزمن التخيلي ) : وهو الزمن الذي يوجد في الذهن ، بمعنى أنه يمر في ذهن الشاعر ويعيشه الشاعر وكأنه يعيش الزمن الحقيقي ولكننا نحن لا نحسّ به إلا إذ اخرجه في شكل لغة منطوقة أو مكتوبة ، ودائما ما يرتبط بذكريات في الماضي ، ولذلك فإنه ينتقل من الحياة في الزمن الحقيقي إلى حياة أخرى عندما يبدأ بتذكر الماضي لأنه هنا انتقل من الزمن الحقيقي إلى الزمن الذهني ، ثم يعود مرة أخرى إلى الزمن الحقيقي عندما تكتمل الصورة الذهنية في جغرافية معينة في ذهن الشاعر ، ولذلك نقول أن الشاعر يمرّ بالموت عندما يبدأ برسم صورته الذهنية ، يمر به مرتين ؛ مرة عندما يبدأ بالانتقال من الزمن الحقيقي إلى الزمن الذهني سواء للماضي أو للمستقبل ، ومرة عندما ينتهي تشكيل الصورة الذهنية عائدا إلى الزمن الحقيقي ، هذا الموت الذي يمرّ به الشاعر بأرقامنا البشرية لا يمكن أن نقيسه ، لدرجه أن الشاعر لا يحسّ بنفسه بأنه مرق على الموت ولم يشعر بذلك فوجد نفسه في جغرافية بكل تفاصيلها (الأماكن الشخوص الأشياء ..) ، سواء في الماضي الذي مرّ به الشاعر في حياته الحقيقية أو الماضي الذي قراءه من مصادره (وهنا تهمنا قصة نوح في مثل هذه الماضي كما جاءت في القصيدة ) ، حيث نجد الشاعر يرسم صورته الذهنيه بناءا على ما قرأه عن الماضي .. ويمكن القول أن هنالك تساميا (ذهنيا) من الحياة الآنية إلى حياة الماضي أو المستقبل ..
وإذا جئنا للمستقبل هل نقول أن المستقبل عودة إلى الماضي .. سوف نحاول توضيح ذلك من خلال القصيدة ..

إذا عدنا للبيت الثالث :

حتى إذا هبّت بوارح والاسباب
شيء جلا مني وشيء ذهبّي

نلاحظ أن الشاعر في الشطر الثاني مثلا : كوّن صورتين ذهنيتين وهما : ( شيء جلا مني + شيء ذهبّي ) ، وسوف نحاول توضيح ذلك من خلال الشكل التالي :

من خلال الشكل نلاحظ أن الشاعر انتقل من الصورة الأولى إلى الثانية ، حيث نجد أننا أمام زمنيين ذهنيين ، بمعنى أن كل صورة لها زمنها الذهني الذي تكونت فيه ، ومن هنا فإن الحافز المحرك لتكون هاتين الصورتين هو الشطر الأول من البيت : ( حتى إذا هبّت بوارح والاسباب ) ، إذ أن هذه البوارح والأسباب عندما بدأت كصورة ذهنية أيضا هي الأخرى في التشكل ضمن زمنها الذهني ، أخذت في توليد صورا أخرى متتابعة ، حيث أعقبتها مباشرة الصورتين (شيء جلا مني + شيء ذهبي ) ، ضمن زمنين منفصلين ،وهاتان بدورهما قامتا بتوليد صور ذهنية أخرى تعاقبت في الأبيات الأخرى حتى نهاية القصيدة، وذلك ما أدى إلى توضيح لغة النص بشكل كبير ..

ذكرنا سابقا عند تطرقنا للزمن الآني أن الزمن الذهني هو المتحكم في الزمن الآني ، وهذا راجع إلى التوأمة ضمن جغرافية الصورة الذهنية التي لها زمنها الذهني وتضاريس عناصرها ، ولذلك هذا الزمن لا يمكن لنا أن نتحكم في كم التفاصيل والمدلولات التي يعطينا إيّاها ، لذلك يعتبر الزمن الذهني سرّ من أسرار هذا الكون ، وحتى الشاعر نفسه لا يمكنه أن يتحكم فيه ، فلنتصور بشكل عام أن الإنسان استطاع أن يتحكم في الزمن الذهني وخاصة عند بداية انتقاله من الزمن الحقيقي إلى الزمن الذهني يتحكم في ((سرعته)) سوف يموت بشكل سريع ، ولما كانت هناك حياة للجنس البشري ، وفي زمننا الحقيقي لا يمكن لهذا الزمن أن يرجع فلو رجع للماضي سوف نحيا بالفعل ولكن هذا الزمن لو توقف أكيد أن الموت هو الحتمية ، ولو نحن سبقنا الزمن إلى المستقبل سوف يتقدم بنا العمر الذاتي فنصل إلى الشيخوخة أو الموت.
يقول الشاعر في البيت الرابع عشر :

وطارت من الدنيا نواهيب وسراب
وابواب من فوق السماء روح تجبي

بمجرد الانتقال من الزمن الذي نعيشه ونشاهد دلائل تواجده وظواهره تكمن هناك حياة أخرى ومن نوع مختلف ، لذلك هذه الحياة سواء في الماضي أو المستقبل فإننا نعيشها من خلال الزمن الذهني أو ما يسمى فيزيائيا (الزمن التخيلي ) ..

الشاعر في الشطر الأول من البيت الرابع عشر رسم صورته الذهنية ضمن الزمن الذهني ، وهنا لا بد أن نوضح أن السرعة الفائقة في تكون الصورة الذهنية لا تتعداها سرعه . لماذا؟ لأن الشاعر بزمنه الذهني سبق الزمن الآني وسرعة تشكل الصورة الذهنية كذلك سبقت الزمن الحقيقي وعاشت ضمن الزمن الذهني ، ولذلك نقول أن الصورة الذهنية للشاعر خرجت من الزمن الحقيقي وعاشت في الزمن الذهني وهو الزمن البديل ولذلك فإنها ـ الصورة الذهنية ـ سبقت الزمن بسرعتها ولذلك فإن الزمن الآني قد تباطأ جدا والصورة الذهنية للشاعر أخذت تتشكل وتتكون بتفاصيل في لحظات لا يمكن أن نقيسها بالزمن الآني ، بمعنى أنه من الصعوبة قياسها بمقياسنا للزمن الحقيقي ، ولكنها عادية ومعقولة جدا للزمن الذهني ..

وهذا ما حدث للشاعر عند رسمه لصوره الذهنية في القصيدة ، وسوف اوضح ذلك من خلال البيت الرابع عشر .. حيث نجد الصورة (طارت من الدنيا ) وهي صورة ذهنية رسمها الشاعر بالقيام بفعل الطيران ، ثم (نواهيب وسراب) ، وهنا شكلين للصورة الذهنية (نواهيب + اسراب ) ، اذن لا بد من ارتباط هذه الصورة مع الصورة السابقة حتى تعطينا صورة ذهنية مكتملة وهي : ( وطارت من الدنيا نواهيب واسراب ) هنا توجد صورة مكتملة ضمن زمنين : زمن آني وزمن ذهني . ثم تأتي الصور اللاحقة في الشطر الثاني من البيت وهي : (وابواب من فوق السماء روح تجبي ) ، وهنا حدث انتقال ليس للصورة الذهنية وحدها وإنما أيضا للجغرافيا ؛ في الشطر الأول كانت الجغرافيا الدنيا ، وفي الصورة الثانية كانت الجغرافيا السماء ، ولذلك سوف تختلف التفاصيل ، بوجود عوالم ليست أرضية وإنما سماوية وهي الروح .. والزمن الذهني هنا يختلف عن الزمن الذهني الأرضي من حيث الاستغراق في تفاصيل الصورة الذهنية : من حيث صفة هذه الأبواب السماوية ومن خلفها ، وهيئة الروح بمدلولها الأولي وبمدلوها النهائي في صفة التبليغ الديني كوسيط في هيئة الملائكة (جبريل ) وهي مرسلة من عند الله لينزل الوحي إلى الأرض .. وهنا عودة أخرى إلى الأرض ، ولكن هذه المرّة عودة برسالة سماوية وهي تحقيق وعد الله لنوح ، كما جاءت في البيت التالي وهو البيت الخامس عشر إذ يقول الشاعر :

ونادت عيون الأرض يا حي لك جاب
رب السماء وربٍ على الكل يربي

إذن ، الصور الذهنية متتالية والزمن الذهني هنا حاضر بشكل قويّ ولذلك فإن الومضة الزمنية من خلال زمنيها الآني والذهني تلعب دورا هاما في تشكيل لغة النص ولها دور مؤثر في تشكيل النصّ ..


من خلال الشكل مثلنا الومضة الزمنية بالصور الذهني التي أتت في البيت السابع عشر في شطره الثاني حيث يقول الشاعر :

اراويةٍ واتأصلت منك الأنساب
(أبو قبيس) اللي تبادى فـ عبّي

هنا نلاحظ أن الومضة الزمنية اعطت ومضاتها لتاريخ مكان وأحداثه وربطه بمدلولاته في القصيدة ، ولذلك تم رسم الصورة الذهنية خلال خط الزمن ضمن الزمن الآني الوقت الذي استغرق الشاعر فيه تكوين صورته ، والزمن الذهني وذلك بالعودة إلى الماضي حيث خط الزمن يرتد إلى الوراء وذلك لإنتاج صورة ذهنية ارتبطت بتاريخ جبل أبو قبيس في مكة وأحداث الطوفان ، ومكانته التاريخية مع المسلمين كذلك .. وجاء هنا ليرمز على قوة تبليغ الرسالة السماوية ..

يتبع ..
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:34 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية