روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     كفيف [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,511ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,771ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,219
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,477عدد الضغطات : 52,254عدد الضغطات : 52,361

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات عامة > الحـــــــوارات والأخبـــار وجديد المــوقع

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2015, 04:03 AM
الصورة الرمزية سالم الوشاحي
سالم الوشاحي سالم الوشاحي غير متواجد حالياً
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,853

اوسمتي
وسام أجمل الردود وسام الإدارة درع الإبداع وسام الإبداع مميز السلطنة الأدبية وسام التميز 
مجموع الاوسمة: 6

افتراضي «الشعر لا يُلقى في المزابل» قالها المتنبي لحظة امتعاض من أبي فراس في مجلس سيف الدولة


تحليل ثقافي –
محيي الدين جرمة –

أستهل هنا الحديث برؤية تحليل ثقافي حول طبيعة: مهرجانية الشعر، ومفهومه وبنية الوعي والذائقة، وطبيعة التعايش بين الأشكال: عامِي ونبطي وفصيح، وحيث تفضي الدلالة الثقافية إلى بعض تناقضات الحالة العربية عند النظر في بعض الأحوال بما يشبه «الدونية» إلى القصيدة الحديثة التي تكاد تمثل (طبقة وسطى) انقرضت أو هي في طريقها عربيا في ظل سيادة البروباجندا السياسية وتأثير ميديا الإعلام التي صار العالم بضوئها شاشة كبيرة.
لقد بقيت العلاقة بين الشعر بتقاطعاته الشكلية والمضامينية المختلفة كما في سياقات صيرورتها مسألة قارة وثابتة. أخذت بعض مستوياتها في تنميط حضورها نتيجة لعوامل بعينها منها سياسية أخذ الشعر بضوئها من خلال قبيلة الشعراء الشعبيين في منطقة الخليج والجزيرة بوجه خاص بعدا متطلبا لمجرد ترفيه العيش ذلك أن من أبرز الأشكال الشعرية ابتذالا في تصوري لجهة المديح والتكسب قد غدا اليوم نمطا لعيش كثيرين من خلال ما يطلق عليه اليوم بـ(الشعر الإعلامي) وبخاصة ما أبقى عبر لغته على صحراوية اللغة والعيش داخل الميراث لكن دون التعايش مع المستقبل وأسئلته بمعطى لحظة الرؤية وحداثة اللحظة الاستباقية كما نجد ذلك في اشتغالات أشكال الشعر الحديثة من بينها «قصيدة النثر» وكذلك ما تعارف عليه من الشعر الحر (التفعيلة) تحديدا.
لقد أخذت أنماط الشعر الأكثر حضورا من وجهة نظر جماهيرية تحظى بمباركة القصر والمسارح الخاصة بالتنصيب والتعارك التلفزي ومصاحبة التصفيق الحار وانتخابات الوسائط عبر ثقة رسائل الـ(sms) لكنها بالطبع قد خسرت جمالية الشعر الذي ربحته (في نماذج منها) القصيدة الحديثة التي استفادت بالطبع من تأمل ذاتها بالعودة إلى الداخل. وتماهت في الإنساني والكوني وحديث التفاصيل البسيطة فتأثرت تجاربها لمراجعتها من الداخل برؤية العمق بدلا من الاكتفاء في البحث عن وهم الإيقاع الخارجي وقشورية النظرة في سطحيتها وفهمها للشعر.
وساعد القصيدة الجديدة كنص حديث جماليا النأي عن التكلس اللغوي والهشاشة التي صارت سمة الشعر الشعبوي التي تضج به شاشات التلفزة العربية هنا وهناك. وفي حين استطاعت تجربة الشاعر الحديث التغلب على عوائق النظرة الشوفينية المسنودة حكوميا للشعر الشعبي في اليمن مثلا أوالنبطي كما في مناطق يمنية بعينها كالجوف ومأرب وكما هي سائدة في شكلها المؤسسي والثقافي كهوية قارة في منطقة الخليج والسعودية.
القصيدة الحديثة هي الطبقة الوسطى التي انقرضت أو تكاد(عالميا) وبخاصة في حال الواقع العربي- المتخلف اليوم- رغم ما يصاحبه من طفرات أحوال وترفيه وتطلع وطموحات بقيت متراكمة وإن وجدت من تقاليد سياقاتها فإنها بقيت هدفا تئده الحروب وبيروقراطية المؤسسة، بدلا من التنمية الثقافية وبناء وعي الأفراد وتنمية حرياتهم.
بقي الوعي في منطقتنا العربية في حال من الاهتراء والاستهلاكية الفجة للشعر وليس وعيا نقديا بالضرورة غالبا أو طالب معرفة. وبالطبع تم كسر خداع المرآة من وجهة نظر الشاعر الحديث مع التسليم بأن الرداءة الشكلية كما في المضمون أيضا توجد في كل أشكال الشعر بما في ذلك قصيدة النثر التي ما زالت النظرة إليها تشبه النظرة إلى المرأة غالبا والموقف منها، وبرؤية تنطلق من موقف أصولي لسلطة الذكورة والفحولة في مجتمعاتنا التي ربما تخففت وتفاوتت بينها النظرة الدونية إليها.
لكن عودة تجارب القصيدة الحديثة وهجرها فوتوغرافية الخارج قد عوض رؤيتها والنظرة إليها بتأمل وتقنيات المفارقة وتنمية الأساليب الشكلية واللغة في ابتكار الصورة والتراكب الشعرية التي تسمي تجاربها المائزة بتطوير إيقاعها الداخلي واكتشافها ذاتها ليس برافعة الأنا وتضخمها كتأويل المعتاد، بل بتحرير الأنا في سياق تجربته كهوية وذات مغتربة، وتحولها إلى ذات ورؤية مفتوحة وخطاب جمالي وأنسنات خارج المكان الواحد أو المألوف في إطار «التشرنق» الضيق.
ولعل اقترابها من حساسية شاعرها باللغة والتخفف من استعمال المجاز إلى الاشتغال بقصيدة اللحظة وتفاصيل خفة علاقة شاعرها بنحت الصورة في مختبر اللغة وتركيباتها التوليدية ومن خلال البحث الأصيل عن تقنيات جديدة وأساليب قد نأى بها على الأقل من وجهة نظري ونظر نقاد وشعراء كثيرين عن منطق الهشاشة باسم الإبداع ونزوع الادعاء عبره.
إن أنواع الشعر اليوم صارت تتمدد كهوية كونية بشساعة اللغة وباتجاه التأسيس لخطاب ما يمكن أن نسميه بـ(هويات شعرية) تضيق أو تتسع بحسب آلية الخيال والقدرة الاختراقية وتمرد فن التجربة في التعاطي بأفق جديد وبأشكال رؤيات متعددة التقنيات والوجوه والأساليب.
غير أنه يمكن النظر إلى تقاطعات و(قطائع) تصنع بشكل عكسي يؤخر زمن الحداثة وما بعدها في تمثلات الرؤى والأشكال والمضامين الشعرية رغم الإفراط في حالة الإقبال في التعاطي مع الحداثة من منطلق اقتنائي استهلاكي فحسب هنا وهناك. فما يحدث في منطقتنا اليوم من شيوع وتسيد تحولات شعرية التلفزيون تشبه عودة صارخة إلى التقليد كمدرسة على صعيد الشعر كظاهرة (جماهيرية) متراكمة بإرث ما سبقها.
وبعيدا عن التجاوز وكسر أنماط لمتحجرات على الطريق. أن ما نلمسه من احتشاد الشعر المهرجاني لا يحيل في الغالب إلا إلى بازار مفتوح على حظوة البعض والتفطن لكسب عطايا ودلالات لا علاقة لها بالقصيدة، والشعر، بل بقصد فارغ من الشعر وهو مالا يعطي سوى انطباع شوفيني ما يزال يؤمن بمقولة استهلاكية أن: (الشعر ديوان العرب) وبمحمولها المتمركز في الذهن والذائقة العربية كمركزية تلاشت، في ظل زخم ومد التثاقف الإنساني بين الحضارات والثقافات رغم تقاطعاتها وحديتها في أحايين، وهي نظرة تذهب إلى نزوع نحو- الأصل- وأصولية الشيء وثباته – حد التطرف- وخارج المعيارية النقدية والمراجعة. ما أبقى على رؤية متقعرة لدى البعض ولم تعد صالحة سوى لمجرد الاستهلاك الصحفي لمستويات من الشعر شعبوية بعينها.
وفي حين أن المعطى يراوح اليوم بين تمييع ذائقة تبحث عن أولويات احتياجها الخبز في سياقات مجتمعية بعينها، وبين بيئات تعاني التخمة المفرطة ناهيك عن استئناسها أحيانا بخيار الثقافة للحفاظ على الهوية من الاختلالات الوطنية وفق اعترافات رسمية، وذلك بالنزوع لطرق وتجريب مبدأ استثمار المعرفة لكن بموجه سياسي من أجل تدوير حياتها بخيارات وتحولات المفاهيم وتنمية التدابير الثقافية والاستراتيجية لكن وفق منظور متحفي لا يحيا غالبا سوى عبر الاستذكار والنظرة السياحية الوافدة أو المستجلبة كقيمة اقتصادية فحسب ورؤية من خلف الزجاج، وهي تستخدم في أحايين ما يختص بحياتها لضرورة تطويرها بنيويا وتقدم إنسانها كنسق باذخ لكن وفق محددات تضيق من خيارات التجارب الخاصة بالأفراد في أوساط مجتمعها وافتراض ارتباطهم بالمجال العام الذي يفترض توافر حريتهم في كيف يتحركون فيه ويبدعون من خلاله.
ونتيجة لتكييف اللامبالاة في نسق مجتمعاتنا العربية في الإجمال وفي واقعنا العربي اللايتوقع، لا تزال قيم السياسة طاغية في ترويج «الإعلام الثقافي» وتؤثر فيها كل الاستيهامات بأبعادها المختلفة بما في ذلك استيهام المجتمع بواسطة الشعر والتقليدي منه بوجه خاص، لا كنمط ضمن أنماط أخرى بل كمعطى مركزي في الثقافة الوطنية، بقدر ما يراد لذلك أن يتماشى في الخطاب فحسب مقيدا مع سلطة السياسة ومقاصيرها، حيث يتم تخدير مستويات وعي الأفراد وجعلهم مجرد مطايا لمديح أشخاص ومصالح ضيقة أخذت أبعادها في اللحظة الآن تطغى بأكثر من عامل ورافعة سياسية وبخاصة لجهة مقاربتها وتوظيفها للشعر كمجرد غاية ومطية نظمية و(حانوتا) لمجرد منح أعطيات.

ثمة ما يشي إذا بعلاقة زبائنية لسقوط «شعراء» بعينهم و-عرضحالجية- مقاصد أبعد ما تكون عن معنى ودلالة الشعر والأدب. وكثرت تلك النماذج وتكثر بالخصوص وهنا تكمن المفارقة في بلدان ما يسميه البعض (بجمهوريات الموز العربية) ولا أعني هنا تسييس مفهوم الشعر باعتبار أن الشعر هو -اللامفهوم- بالمعنى الاصطلاحي ومحل التباس. لكنه بمعنى آخر لا يصدر سوى عن ذكاء خيال الشاعر في النظرة والموقف ورؤية الفنان وشفافية الترائي تجاه عالم شفاف وتفاصيل حوله وما يحلم به من صناعته. وليس بالمعنى التقني ولكن بقدر ما يكون همه موضع نصه أو قصيدته على أسس رؤية تجسد الاختلاف والتجاوز الحميد ومتخففة من الأثقال وخزائن التأرثات.
أن القصيدة موقف جمالي وفني غالبا ينتظم بنية تركيبها وأفق تغايرها، ويمكن لبعض ملامح –الشعريات- الصادرة في سياق ثقافة وواقع هنا وهناك في الحالة العربية أن يمثل إيجابية ما ربما لما قد يستهدفه عبر تفاعلات خطابه من بعد جوهري على صعيد ما يسمى باستحضار(الهوية الوطنية) كما يرى البعض وكنوع من إسناد ثقافي عبر الشعر ودون أن يفقد الأخير جوهر حريته وفضاءاته ورهان متخيله.
ولعل مسوغ ما نراه ونتيجة ما قد يتهدد بعض الرؤى في منطقة الخليج والجزيرة فالحاجة ملحة لاستحداث استراتجية ثقافية وطنية تشرع الحقوق الثقافية للمجتمع كما تقترحه رؤى السياسات الثقافية في لحظة تنمية جديدة اليوم تمثل الاختلاف لا الخلاف وتتمدد عالميا في صورة معطى كوسموبوليتي. وكضرورة توافر استراتيجية ما نجد أن استشعارها يتم بشكل أو بآخر على صعيد تعضيد جانب الهوية، كما يبرز جليا هذا المعنى في ضوء النموذج «الإماراتي» الآخذ في مأسسة الشعر الشعبي (النبطي) وتحفيز تجاربه وحضوره بجوائز شهيرة في التلفزة وبلافتات وعناوين مختلفة: تشمل الشعر العامي والفصيح. بالإضافة إلى تبني أكاديميات بدأت تتأسس وتدرس طرائق هذا النوع في ميراث الثقافة والتقاليد. وهو معطى واقعي يتم تنميته بثقافة الاهتمام بالشعر وتكريسه كملمح أساسي وحضاري وإن كان ينحو لاستنساخ قيم سياحية وثقافية تنزع نحو التجارية لكن في ربطها بـ(وتد) ذائقة وثقافة وموروث مجتمعها.
وبصرف النظر عما إذا كان البعض يرى في ذلك إقصاء للشعر الفصيح والحديث منه بشكل خاص، فدلالة الرؤية الراهنة في تقاطعها بين الأشكال السائدة من حيث الاشتغال والاختلاف يبقي هذا الشعر أو ذاك ألصق بالجماهير وبخاصة النبطي منه في الخليج والسعودية، وفي اليمن الذي تعود أصول النبطي إليها إذا ما تتبعنا الأثر الثقافي والتاريخي لجغرافيا امتداد كل من(مأرب والجوف وبيحان) كما بشقي الشعر الشعبي والحكمي في اليمن والأخير يعد الأكثر ميلا إلى الغنائية الكلاسيكية في ارتباطها بـ(العزف المنفرد) على العود(لغناء الصنعاني- الكوكباني) بخاصة ويمكن استيعابه في(الكليب) أو بتمثيل فسحة الاستوديو الطبيعي المفتوح بشواهده ومشاهده.
ولعل ما كرس ويكرس نمطية الرؤية في القصيدة وتقاطعها اختلاف التصور في النظرة إليها بين هذا الفريق أو ذاك غير أنه وعلى صعيد شكلي وأساليبي تأخذ الخيارات منحى متفاوتا في ترجيح ورسو الذائقة النقدية عند مقاربة خطاب لموضوعات ذات معطى ثقافي بتنويعات كهذه. وغالبا ما يحضر مزاج قار بخيار لا متغير في ثباته من شأنه كسر نمطية وتقرير المباشر عبر تفاعله بطبيعة محمولات جديدة في بنية اللغة بشقيها الفصيح والعامي،
ويتبدى حجم تأثيرات غياب الذائقة الجمالية في التلقي، وهو ما يراكم إرث تسيد معطى الشفاهية في الثقافة على حساب خيار الكتابة، كخطاب حضاري متراكم عبر تاريخ تطوره بالتدوين، وباعتبار الكتابة فعل حرية سلمي خطابه النص لاعنف أو متلفظ «المعايرة والتنقد الشفاهي كما لدى حالات خشنة من المواجهات الخطابية في معتركات العامة».
في حين أن عوامل الاستهلاك والاهتمامات الأخرى قد أضعف حضور الشعر بقيمته الجديدة والمتمردة أو أدى ولو بشكل نسبي إلى انحساره في حدود(الدورية) والكتاب المطبوع على حساب صعود نغمة الاحتفاء بشعر التلفزيون. كما أن ما قد يعتبره البعض أكثر جماهيرية بوهم «شعبوي» يشبه حكما جزافيا ويحيل إلى نوع من التعصب القبلي في بداوته الفطرية كما في تفاعل الذائقة المتحمسة للطرب اللفظي وموسقة العروض ومعارضاته القابلة بالعادة على الاستنساخ والمحاكاة وتقليد المقلد أيضا.
وإجمالا أجد في تأثير علاقة الشاعر بالقصيدة بألوانها المختلفة وأنماطها الشكلية خيارا مفتوحا يدل على اغتناء المعطى الثقافي العربي ولا يضير ذلك أو يضر جانب الشعر الحديث والفصيح منه بخاصة.وما يبدو اليوم أكثر حضورا بغطاء المنظومة الإعلامية الحكومية هنا أوهناك لن يؤثر بصورة أو بأخرى. ولعله يمثل حافزا في حضور الشعر إجمالا بعيدا عن التمييز الشكلي أو الإشكالي الرؤيوي. كما نجد الظاهرة أحيانا تحفز كثيرين في دول الخليج والجزيرة العربية ومن بينها اليمن إلى تفعيل خطاب الشعر الشعبي والفصيح بأنواعه المرتجلة «القوافي» وسماته المختلفة، ولعل من شأن ذلك بالمحصلة رغم الالتباس المفاهيمي أن يغذي جانب التنافس نحو الجديد والمغاير في صوره الشعرية واشتغاله اللفظي.
وحتى في ظل توفير غطاء كبير وواسع من فعاليات ومهرجانات وجوائز مخصصة لمن يتعاطون أو يمارسون كتابة ذلك النمط الشعبي أو يعتاشون على شعر البادية لا أجد أمرا كهذا يعطل بالضرورة معطى التجربة لأي شاعر حقيقي، وبعض هذا النوع من الشعر الثقافي يوجد به درر أيضا وسمات وصور يقترب منها المرء بإعجاب، وتبقى للشعراء علاقة في الأخير بقضية التسامح وتمثلات مفهومه في رؤية الفعل الشعري في مجازيته عبر الصورة وشساعة اللغة، وهي علاقة تقبل على الحوار والسلام عبر الشعر بأشكاله المختلفة وامتداداته بخيار القبول بالآخر في سياق من تمثل قيمته الجمالية والإنسانية.

أتوخى في هذه المقاربة التحليلة: أن يحظى الشعر وتجاربه بتنمية نوع من التجاور الإنساني الحميم والتعايش المطلوب، والإنصاف والمأسسة. عبر المؤسسات المختلفة باتجاه إيجاد المتعدد وتكريسه بدلا من مجرد «التصالح السلبي» أو التراشق بين الأشكال في الوقت الذي يتم فيه إضمار العداء وتحويل الشعر إلى سلعة في بورصة «الكراهية» والمال، والطفرة بعد إفراغه من كل قيمة جميلة.
ويبقى كما يقال للشعراء فيما يحبون ويعشقون(مذاهب) لكن بشرط لا أفرضه أنا أو أنت ولكن تفرضه طبيعة التراكم والخبرة والحدوس الرائية. وآمل أن تكون الخيارات بيننا منفتحة على القصد والقصيدة، ومفتوحة أيضا على خيار حرية أن يكتب الكاتبون وأن يستثمروا أو «يتجر»بعضهم – إن شاء – بواسطة الشعر والقصيدة ما يتغيأ من أحلام وأوهام،وفي أي نوع أو لون وشكل يشاء ويروق له.
غير أن الشعر الحقيقي بالمحصلة سيبقى ولو لم يشفع له الجمهور غالبا، سيبقى الشعر بجمالياته خارج كل ابتذال لفظي وبمنأى عن غرور البعض وزخرف المهرجان، لأن الشعر الحقيقي الذي أعنيه بالطبع ويعنيه كثيرون بإحساس تجاربهم، وكما عناه قبلنا الشاعر المتنبي – الذي لم يسلم هو الآخر أيضا من شرك المديح- لكنه بقي الشاعر الذي رأى وحرض على الشعر والقلم في سجالاته وصولاته وجولاته ومركزية سلطته الشعرية في التراث. وقد رأى المتنبي أن الشعر الحقيقي هو ذلك الشعر الذي «لا يُلقى في المزابل»، وتلك رواية نثرية قالها المتنبي خارج القصيد، ولعلها قيلت في لحظة امتعاض من دخول أبي فراس وهو الشاعر الجميل وصاحب الأسريات فجأة بينما كان الشاعر المتنبي ينشد في ضيافة ومجلس سيف الدولة.

شاعر وكاتب يمني

جريدة عمان




رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:16 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية