روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
الشـوق المثار [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,539ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,803ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,347
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,505عدد الضغطات : 52,284عدد الضغطات : 52,387

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-06-2011, 12:21 AM
الصورة الرمزية مريم
مريم مريم غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 48
Post صورة



السماء ملبدة بالغيوم ، الرياح راقدة ، والأجواء عامة تبعث في تلك الليلة شعوراً غامضا ، حامضا ،يتصاعد ببطء إلى حنجرتي ، شعوراً يشبه ما يراودني في أيام يطوقني فيها الفراغ،فتسكنني الذاكرة بأحداثها البعيدة ، القريبة إلى الروح ، كيف لا وهي قد غرست ما غرست في أقاصي الروح ؟
بينما كانت أنفي ملتصقة بزجاج النافذة وعينايّ ترقبان تراكض الغيوم في رحاب السماوات شدّ أبني أحمد ثوبي ، وتوسل إليّ أن أنزل الكتاب الأزرق له من رف المكتبة ، غرست أناملي بين خصلات شعره ، وعينايّ تتسلقان رفوف المكتبة ،وقلت له :
- أي كتاب تقصد يا حبيبي ؟ لا يوجد كتاب أزرق في المكتبة، ثم أشرتُ إلى موسوعة علمية بغلاف أزرق وداعبته بالقول :
- دعنا من كتب الكبار ، تعال لأحكي لك قصة قطرة المطر
إلا إنه صعد على الكرسي وصرخ بنشوة وهو يشير إلى ألبوم صور طفولتي المندس بين الكتب ذا الغلاف الأزرق :
- هذا ماما ، أنزليه لي
تصاعدت الأحداث تباعا إلى ذاكرتي ، وأنا أحتضن أحمد المبتهج بتقليب الصور ،كل صورة تعيد لي عمرا بأكمله ، حتى تلك التي لا أذكر من التقطها لي ، إلا إنني أذكر حكايتها التي روتها لي أمي ،هذه وأنا حليقة الرأس ، تلك وأنا أقف ، الأخرى بلباس المدرسة ، أخرى بلباس تقليدي ، وتوالت عليّ الأسئلة من أحمد الذي تعالت ضحكاتهُ وهو ينظر إلى الطفلة في الصور ويحاول أن يطابق ملامحها بوجهي ، كم كان مبتهجا بهذه اللعبة ؟
إلى أن وصل أحمد تقريبا إلى منتصف الألبوم ، فأيقظني من غفوتي تلك التي كنتُ فيها مفتوحة العينين ، أستعيد فيها شكل ألعابي ، وملمس وجه دميتي الأثيرة على قلبي ، وسألني :
- لماذا هنا لا يوجد صورة ماما؟
عدلت من وضعيتي ، وأبعدت رأسهُ عن حضني، فإذا بصفحة فارغة تعيد ترتيل أحزاني ، قبلتُ رأسه وهمست له :
- طارت بها الفراشات ... إلى البعيد
ثم استدرت إلى نافذتي التي بعثت الرياح التي صحت من غفوتها إلى ستائرها الحياة ، فبدأت تتراقص في هدوء ، نثرت الرياح أوراق الخريف الجافة ، تماما كما فعلت تلك الصفحة البيضاء بذاكرتي ، بعثرت المشاهد وأعادت سيمفونيتها الشجيّة
أذكر عندما كنت في العاشرة من عمري ، كيف جمعتُ صور هذا الألبوم ؟من ألبوم العائلة وصورُ أخرى من الأقارب اللذين كانوا مولعين بتصويري كطفلة أولى لعروسين جدد ، كم كنتُ فخورة بألبومي هذا ؟ رتبتُ فيه صوري تبعا لتأريخ الالتقاط ،كنتُ مولعة بمراقبة مداعبة الأيام لملامحي ، وكذلك مولعة ببحث أوجه التشابه بيني وبين والديّ أذكرُ إنني كنتُ أقول لصديقاتي لأثير غيرتهن : ( أنفي طويل تماما كأنف أمي ولكنّ وجنتيّ نحيلتين كأبي ) ،
في مرحلتي الثانوية تحولت حياتي إلى جحيم ، هكذا دون سابق إنذار ،تفآجأت بالنقاش يحتد بين والديّ وأصواتهم تعلو ، وبعد فترة وجيزة لم أستطع فيها من معرفة كنه ما كان يحدث رأيتُ ابي يخرج من البيت وإلى الأبد ، وأمي تلوذُ بالصمت ، وأبقى وحيرتي يعلكني القلق ، طلق والدي أمي ، بعد أن عرفت بزواجه من أخرى ؛ لكي تنجبَ له الولد ، فأمي بعد ولادتها لي بعملية قيصرية وحدوث خطأ طبي كاد أن يودي بحياتها ، قُطع كل أمل لها لولادة أخرى .
غادر والدي بعد وداعِ سريع وقصير لي إلى بلد مجاور تقيم فيه زوجته ،وبدأت أمي في تحطيم كل شئ يحمل اسمه ، رائحته ، ذكره ، حتى امتدت يديها إلى الصورة الوحيدة التي تجمعُني به ،صورة التقطتها هي لنا ، ، كنتُ أعبثُ في حضن والدي بينما يديّ ملطختان ببقايا
الشوكولاته
كانت هذه الصورة عزائي في بعده الذي نزل عليّ كاللعنة ،وسحق بضربة واحدة كل ابتسامة ترتسم على عجل في طريقي ،بحثتُ عن الصورة كالمجنونة ، أترى الحقد جعلها تمزقها ، تحرقها وتحرق كل أمنياتي الصغيرة معها ؟
مضى ما يزيد عن العشرين عام ، ولم أجرأ أن اسألها يوما عن الصورة ، عندما جاء صوت أخي الصغير عبر الهاتف يخبرني بان والدي توفيّ إثر حادث مروري ،قفزت الصورة إلى مخيلتي ، وانطلقت معها الأصوات ( بابا ندى انظري لماما ....ماما ندى قولي مرحبا ... قبلي بابا )
وبقت صور أبي في أعماق روحي فقط ،أعيدُ تلوينها كل ليلة ،زرع هذا الأمرفي نفسي فزعاً آخر وهو أنني لا أملكُ صوراً تجمعني بأمي ، فأعددتُ ألبوماً خاصا بصوري وأمي ، تصاعد صوتُ دافئ من أعماقي وأنا أوجهُ بصري لأحمد الذي غلبهُ النعاس
صوت يدغدغ ذاكرتي بأوجاعه: ألبوماً ورديا يا أحمد في الرف الآخر
حملتُ أحمد إلى سريره ،عدتُ إلى الألبوم الأزرق الذي بغياب صورتي المقدسة لم يعد يعني لي شيئاً ، تنفستُ بعمق ، دسستهُ إلى جوار الألبوم الوردي في المكتبة ، سمعتُ المطر يهطل في الخارج فجأة بغزارة وكأنّ أبواب السماء فُتِحت على مصراعيها ،أطلقتُ صدر نافذتي ، وصرخت مصوبة عينيّ إلى السماء : لو تعلمان كم أحببتكما ؟
__________________
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:24 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية