روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     كفيف [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,532ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,793ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,292
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,498عدد الضغطات : 52,277عدد الضغطات : 52,380

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 30-04-2013, 04:10 PM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

و عادت بها الجدة إلى بيت أبيها، في تلك اليلة أشتد عليه المرض، و سمعه الفيلسوف يئن و يسعل ، فدخل عليه ، وجده قد سقط من فوق سريره، يحاول عبثا أن أن يعود إليه، فأعاده و ناوله دواءه، و جلس عند رأسه ينتظر، و لما رآه استقرقليلا، سأله على ما ينوي، و قد اقترب أجل الإخلاء، و بلغه أنهم جميعا في حيرة كبيرة، فثارت ثائرته، و قبح فعلته هذه، لأنها كما قال إستعجال لموته.
_ لا تستعجلوا موتي، واتركوني أموت هونا، و سأجمعكم في آخر الأسبوع لأطلعكم على أنوي فعله، حتى ينشغل كل بنفسه ، و تتركوني أموت بهدوء.
و فهم الجميع أن الأب سيجمعهم من أجل الوصية،فتنفسوا الصعداء، و حل الحلم و الأمل مكان الخوف و اليأس و القنوط، تفاءل الجميع خيرا، و بدأت رحلة التفكيرفي مستقبل كله طموح،كل يعزف على الوثر الذي يطربه، و كثرت الدندنات، واتفق القيلسوف مع عمه على العيش عنده، و إنشاء شريكة يديرها و يترك التعليم، فعجلت زوجته باقتراح مشروع جريدة تنطق باسمه، واستقدمته للإقامة معهم، فحمل أمتعته واستقر عند عمه نهائيا، في غرفة جميلة،مجهزة بأحدث الآثاث، بجانب غرفتها في مسكنهم الجديد. و طابت نفسه لما وجده من أنس في قربها، و عوضته عن ما بدر منها تلك الليلة من سوء تصرفها معه، وأقنعت زوجها بضرورة وجوده معهم بمشروع أو بدونه لأسباب تراها كثيرة و متعددة، منها سفره الكثير في مهمات مختلفة ، و للنساء كما يول المثل كيد العارفين بالشيطان ، كما للصالحين فراسة العارفين بالله. لم تكن تتوقع أن نهاية هذا المسلسل يجمع لها فيها القدرخمسة عشر مليون دينار و أرنبين في كيس واحد،لنها فرصة العمر الذي ضاع منها، تنظر إلى الحياة تبتسم لحظ لا يزال كل يوم يتزين من جديد، الحلقة الوحيدة التي لا تزال مفقودة لإستكمال المشهد هي الأشرطة، و تبقى اللعبة، لعبة شطرنج مفتوحة كل الوقت، و الأدهى هو الذي يكسب الرهان في الأخير...
خرجت الأم من غيبوبتها، وأتوا بها إلى البيت، مشلولة كما قال الطبيب، على كرسي متحرك،مهزومة عشش فيها اليأس و القنوط، تدفعه الأرملة في صمت المختنق من الغيظ، ساعدتها على الصعود فوق السرير، مدت رجليها، و فاض دمع المذلة لأول مرة على خدها غزيرا، و ماذا يفعل مثلها لما تخونه كل الحيل ، و يدبر زمن العز الغموس تاركا للهوان سلطانه و صولجانه.
أخبرتها بكل ما جرى في غيابها، و أنها اتفقت مع أختها الصغرى لفتح مرقص أو نلهى ليلي، و أن الصغرى قد اكتسبت مهارات في الرقص رهيبة جدا، وخاصة رقصة الأمازونيات ، رقصة جديدة لا يعرفها سواها / مع ما لها من جسد مغر و ساحر، ستخلب عقول الجميع، و سيذري عليهم هذا العمل أموالا باهضة، لتحقيق كل الأحلام...فباركت الأم المشروع ، و بدأ ترسم على جدارية هذا الحلم أزهار الأمل من جديد...
تتدهور صحة الأب حتى يشرف على الموت ، ثم يستعيد عافيته، و مر الأسبوع و هو غير مبال بهم، وبيومين قبل الإخلاء، اجتمعوا و ذهبوا إليه، وحده كان يعاني ، في حالة يرثى لها، وظهر على وجه الممرضة اليأس، تنظر إليهم كأنهم وحوش مجردة من الرحمة،هي وحدها التي تعرف كما يعرف هو أنه يعيش آخر اللحظات، تأثرت، فاسأذنت و خرجت. و عرف مقاصدهم، عرف أنهم بنوا قصور الطمع بالأحلام الواهية، فهز كتفه و قال لهم بأضعف نبرة و أوهن جرأة:
_ لقد حولت كل أموالي و ممتلكاتي إلى جمعية خيرية، واستودعتهم مصاريف جنازتي ، ليس لكم عندي شيء، هيا تفرقوا كل واحد إلى شأنه، أما أنا فقد استأجرت حجرة في نزل أنتظر فيها نهايتي .
نزلت هذه الكلمات كالصاعقة على الجميع ، و فقدوا التحكم في أعصابهم، سبوه..عيره..و هو يبتسم ، فتقدمت إبنته و هي تحمل إبنها على ساعدها ، فمد يده ليقبله، فأبعدته ، و بزقت في وجهه، فبكى ...و فاضت روحه

.....يتبع...
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 30-04-2013, 04:11 PM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

ولما أرادوا أن يغسلوه وجدوا في جيبه مبلغا من المال ورسالة يأمرهم بإبلاغ المحامي الذي كلفه بتنفيذ الوصية فور موته، واستعمال المال الذي في الظرف لمصاريف جنازته، وبدأ ينظر بعضهم إلى بعض، وسلبت الحيرة عقولهم، وتمزقت قلوبهم حسرة وندما على إساءتهم لأبيهم في آخر لحظة من عمره، مات وهو يتجرع دموع الذل والهوان، مات تحت وابل الإهانات والشتم وأبشع أنواع العقوق، مات وبزاق ابنته على وجهه، وعظمت في نفوسهم بشاعة ما فعلوا، وصعد نداء الفطرة الذي أيقظ الضمائر الميتة، استصغروا أنفسهم واستعظموه، ثلاثة أيام أيام مضت ولا يزال الجميع تحت الصدمة، وأخيرا جاء المحامي، جمعهم في الصالون، إنه ابن القاضي الذي كانت تعمل تحت إشرافه أختهم، غريب ! يا للصدف ! وفتح الغلاف المختوم فيه ورقة رسمية مكتوب عليها " أوصي بجميع أموالي وممتلكاتي لحفيدي فلان من إبنتي فلانة"
هكذا جاءت الفاجعة، ضربة قاضية أخرى أكثر من أختها، فحملته أمه وهربت به خوفا من انتقامهم، وانصرف المحامي ليقوم بالإجراءات اللازمة لتحويل الأموال والممتلكات إلى وارثها الشرعي... كان العقاب أفظع وأشد بأسا وإهانة، ووجد الجميع أنفسهم في العراء، أخبرتهم الممرضة بأنه كان على علم بقرب أجله، بل عاش أكثر مما توقعه طبيبه، فزاد حقدهم و كرههم له، أما إبنته ضاق عليه الفضاء، و حتى الدمع شنقته الحسرة و لم ترحمها، يتمزق داخلها بمخالب و أنياب الندم، تستعيد صورة الخزي و العار التي مات عليها أبوها، و بزاقها على وجهه و هو يحتضر، و من يغفر لها ذلك، تبحث عن أي شيء تكفر به عن ذنبها، حتى تمنت لو أن لعنته تطاردها حتى الهلاك. الجدةغاضبة من فعلتها، جالسة و في حجرها الطفل، و يدها على فمها في صمت موكب جنائزي...
يجب أن تفعل في أي شيء إنتقاما لأبيها من نفسها ، و بدأ الجنون يحل محل التعقل، ستختنق إن لم تفعل شيئا، كانت أشدهم مقتا لأبيها ، و بغضا و كرها، كم آلمها لما عرفت لماذا كان يضحك، و لما بزقت في وجهه بكى و مات ، عرفت لمن كان يبتسم و هو ينظر إليها وهي تحمل ولدها في دراعها ..و أصرت صورة مهانتها لأبيها الوقوف أمام عينيها ، تتحدى تهربها خلف أي سبب، تحاكم جرأتها، عجزت أن تواجه أسف و أسى تهورها، وانهارت أمام فظاعة قساوتها ، و جشاعة المال التي سكنت نفسها المريضة، تريد أن تترسج فيها هذه الصورة إلى الأبد، وتتحول إلى كابوس يطاردها على امتداد العمر كله، حتى تعترف أنها كانت هي سبب موت أبيها ، أما إخوتها فحملوا كل ما جرى على أنه مجرد مسرحية رتبت فصولها بليل، يبحث الجميع عبثا عن إجراء يستعيدون به أموال أبيهم التي كتبها كما قالوا باسم لقيط، شيء لا يصدق ، شيء لم يكن أن يتوقعه أي أحد، من أغرب الغرائب، تلك هي الكلمات التي تتداول على الألسنة كلما أثاروا الحديث عن بسمة و بكاء أبيهم في الإحتضار ، يقول الفيلسوف دائما ...ما أهونك يا أبي بقساوتك و أنت تموت تحت لعنة أولادك و على وجهك بزاق إبنتك ...

...يتبع...
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 14-05-2013, 03:39 AM
الصورة الرمزية وهج الروح
وهج الروح وهج الروح غير متواجد حالياً
مشرفة الكتابات العامه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
الدولة: حدودك ضلوعي وانتي الفؤاد ( نبضي سلطاني )
المشاركات: 3,828

اوسمتي

افتراضي

احداث مبكية ومشهد مؤلم وصفته بكل براعة واتقان خوي مختار

اقرى الاحداث واتخيل الامكنة والشخصيات وكاني ارى القصة في

الواقع ....... دايما المفاجات لا تأتي الا لشخاص لم يكونون بالحسبان

وما شدني. هي نطرة الاب لبنته وهي تبصق في وجه ومن ثم يموت .مبدع

قليلة في حقك اكمل وسوف اكون بالقرب
__________________
‏"الله لا يُخبرنا بمن يَدعون لَنا سرّاً ويُحاولون حِراسَتنا بالخَفاء؛ لكنَّه يُنير بَصيرَتنا على مَحبّتِهم، فَنتبعُ أرواحِهم دُون إدرَاك منَّا لِماذا نَخصُّهم بِهذا التعلق الروحي"
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 16-05-2013, 01:58 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وهج الروح مشاهدة المشاركة
احداث مبكية ومشهد مؤلم وصفته بكل براعة واتقان خوي مختار

اقرى الاحداث واتخيل الامكنة والشخصيات وكاني ارى القصة في

الواقع ....... دايما المفاجات لا تأتي الا لشخاص لم يكونون بالحسبان

وما شدني. هي نطرة الاب لبنته وهي تبصق في وجه ومن ثم يموت .مبدع

قليلة في حقك اكمل وسوف اكون بالقرب
..................................
وهج الروح ...أيتها الغالية.
أيتها الرفيقة ، لا ملل و لا كلل ؟..نادرا مثلك من الرفاق و ثمين.
لك محبتي و مودتي واحترامي و تقديري
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 16-05-2013, 02:02 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

كانت الساعة تشير إلى العاشرة و النصف لما رن جرس التليفون، رفعت السماعة.
- نعم، مرحبا سيدي الرئيس ...حاضر.
غريب، منذ مدة طويلة لم يطلبها القاضي، منذ حولت إلى هذ القسم ، حملت المرآة ، نظرة استطلاعية على هيئتها ،كحل العينين، أحمر الشفاه، تسريحة الشعر، بسرعة خللته بأناملها ، هزت رأسها يمينا و شمالا، استوى، و ذهبت، كانت فاتنة... دقت على الباب ، استأذنت و دخلت.
- أجلسي...أنت مستغربة ؟..، شيء طبيعي .
كانت ابتسامته متكلفة ، وراءها نوع من التشفي الممزوج بالتحذير. هزت رأسها و كتفيها، وابتسمت بتحفظ، تحاول إخفاء حيرتها ...
- استمعي إلي جيدا، الموضوع شائك جدا، و مسؤوليتك كبيرة، وأنت متورطة في قضية خطيرة جدا، يستحيل أن تفعليها اعتباطا أو عن جهل أو بغير قصد، أنت أعرف بخبايا النساء و أعرف بخبايا القانون، أعرف ماذا تدبر امرأة مثلك عندما تقدم على فعلة كهذه... سيصلك استدعاء من طرف الشرطة القضائية للإمتثال أمام وكيل الجمهورية، و الأدلة كلها ضدك، و الحقيقة في ملفك لا غبار عليها، أخف الحكم عليها السجن النافذ، هذا إذا لم تظهر نوايا خلفية أخرى، وكان دفاعك خبيرا و عارفا بخبايا القانون... ،القاضي يعرفه الجميع، من أقسى القضاة، و تعرفي الصرامة في أحكامه، لا يرحم في القضايا التي تثبت إدانة أصحابها بقصد...طلبتك لأخبرك حتى أجنبك المفاجأة..
كان هو يتكلم و هي تستمع و تنتظر ماذا لفق لها، ولماذا وهي التي جنبته الكثير من المتاعب، و لم تذكر إسمه رغم شكها في أن الولد منه، ولا يمكن لها الآن أن تتهمه و قد سجل الطفل باسم زوجها و انتهى الأمر، و لماذا هذا القاضي يطاردها وهو لا يريدها، بعد كل هذا ماذا يريد منها ؟.. أعطته كل شيء ، ذاتها ، شبابها ، جسدها، الزمن الجميل من عمرها، دنس شرفها و خذلها ... كل هذا مقابل منصب عمل..و ضاعت منها كيفية صياغة سؤال يروي ضمأها و يفرغه من محتواه ، تنتظره أن يفصح، كان هو قد أدرك أنه بهتها،فأطال الحديث عن خطورة القضية و عواقبها، و عقوبتها و آثارها، و أنها جريمة شنيعة في حق الإنسانية ، الجميع متفق على بشاعتها، و دناءة مرتكبيها، و أن القانون لا يتسامح في مثل هذا النوع من الجرائم، و أنه دائما يضرب بيد من حديد، و أن الجلسة ستكون مغلقة حفاظا على سمعة و كرامة الضحية و.. و..و
- أفصح ..أفصح ..يكفي ..يكفي..اقطع رأسي وارحمني ..
- احترمي نفسك .. و بدون تهور، أنت أمام القاضي، فلا ترغميني أن أعطي أوامر بالقبض عليك الآن، وإيداعك السجن على ذمة التحقيق..أنت قمت بجريمة تحرمها كل القوانين والشرائع السماوية و الأرضية ..
و زاد اسنغرابها أكثر فأكثر ، واختلطت عليها الإفتراضات، و بقدر ما اقترب من صلب الموضوع، بقدر ما ابتعدت عن صميمه، و ضاعت في متاهات لا حد لها، و هي التي تعرف مقالب ظلم المحاكم التي يمكن أن تتعرض لها، تتساءل كيف عرف أني بزقت في وجه أبي، و ربما كنت أنا السبب في موته حسرة، هل يمكن لإخوتي أن يبلغوا عني لتجريدي من حقي في إبني من الوصية؟..، هم قادرون على ذلك، و بدأ هذا الشك يتحول بمبرراته يقينا ، ورأت أنه إذا كانت هذه الحقيقة التي يقصدها، فهي حقيقة تستحق أكثر من هذه العقوبة، ربما أخذت السماء حقها، و هو تخفيف من عذاب الضمير ...و أعطى القاضي للصمت حقه، وتركها تجتر تفاعلات الشكوك، ولما رآها بدأت تستقر بالرضى على القضاء قال :
-الموضوع يخص إبني الذي سجلتيه باسم خليلك الذي كنت تخونيني معه، و بعد التحاليل تبين أنه من لحمي و دمي، الوثائق كلها في ملف العدالة، لن أغفرها لك، سأجعلك تتجرعين مرارة التزوير بغصة الندم القاتل ، دنيئة أنت إلى هذا الحد؟.. أعمتك جشاعة الطمع في الميراث إلى حد التلاعب بهوية براءة الأطفال، ماذا كنت تنوي فعله أنت و عشيقك بأموال إبني التي ورثها من جده ؟.. ستدفعين الثمن غاليا، لقد تم إثبات زواجي بك بحضور الشهود، نسخة من العقد في الملف... هيا تفضلي وسنلتقي في الجلسة... هيا.. تفضلي، وأنت موقوفة عن العمل، في انتظار الحكم.
قامت، وقد شلت ذاكرتها، وضاع صوابها، تجر ذيل الفاجعة، أغلقت باب مكتبها ووقفت دونه، إنها تختنق، تحاول أن تتنفس الصعداء بصعوبة، إمتلأ صدرها، وتكدس الضغط، اشتدت نبضات رأسها وتراخت وتيرتها، كأنها تصعد في السماء، حملت سفطها وخرجت تجري، أوقفت أول طاكسي، في بيتها كانت الجدة لا تزال بغيضها تجتر بصعوبة تصرف حفيدتها وتنتظر انتقام السماء وتتمنى أن لا تأتي الضربة موجعة، ولما رأتها أسرعت إليها وقالت:
- ما وراءك؟ أخشى عليك من لعنة أبيك
- موجعة يا جدتي، موجعة، لقد خسرت كل شيء، أبي، إبني والميراث، وخسرت حتى نفسي.. سأموت يا جدتي، سأموت..
ودخلت الجدة معها في دوامة لا تعرف بدايتها ولا نهايتها، لا تريد أن تسأل خوفا من بشاعة الجواب، كانت تعرف أن ضربة السماء ستكون القاضية... لأول مرة لم تحضنها ولم تعرف لماذا، أمسكتها من يدها وأجلستها..
- تجلدي يا بنيتي، ليس لك إلا الصبر، ماذا حصل؟
- غريبة يا جدتي، بل أغرب من الخيال.. أشياء لا أكاد أصدقها ولا نراها إلا في الأفلام، تحاليل تلك الليلة في مصلحة الأمومة كانت بأمر من النيابة بعد شكوى قدمها القاضي ضدي، وقد اتهم زوجي بالتزوير وخيره بين توريطه في القضية أو يطلقني، وقد فعل بعد أن أخبره بكل التفاصيل وأثبت له ذلك بالتحاليل، أشياء كثيرة ركبها هذا الشيطان بإحكام واستغل نفوذه وتعسف سلطته، أنا الآن تحت رحمته وطائلة القانون، قبضني قبضة شديدة ، لقد خسرت كل شيء حتى وظيفتي، نعم يا جدتي إنه القاضي الذي أحبني عندما أراد، وتنصل مني لما أراد، واغتالني لما أراد، كل هذا بنفس القانون الذي يحمله ضميره الميت، سيجردني من كل شيء، يدخلني السجن، ويأخذ إبني، ويستحوذ على الميراث، ولا أدري ماذا بعد... ربما يتهمني بقتل أبي.
وجاء أجل الإخلاء، فدخل الفيلسوف على أمه، قبلها على جبينها ثم قال:
- أمي العزيزة، أنا أعرف أنه مهما كنت، لن تكوني أرحم ولا أحسن من زوجك، هكذا أنت مثله ممكن أفظع وأشر، ما كان يهمك إلا نفسك، ولهذا ما أخذنا منك شيئا بالأمس نرده إليك اليوم...
وداعا...
وكانت كلمة فرضت عليها ظروفها أن تستمع إليها لأول مرة في حياتها وتنصت ولا تقول شيئا... قالها بكل جرأة، ترك الباب مفتوحا وخرج، ذهب عند عمه فارغ اليدين لا يعرف كيف تكون ردة فعله، رغم حرص زوجته على بقائه معهم، يبقى الجشع فيهم مفسدة الكثير من الأشياء، وهو الذي تعلق بزوجة عمه وبادلته المشاعر الملتهبة، لا يريد أن يخسر صفقة غرام مجانية وثمينة كهذه، يفكر كيف يتصرف لفرض وجوده في هذه الأسرة، فاعتمد عليها واستطاعت بمكرها ودهائها أن تؤثر في زوجها حتى جعلته يتخذه ولدا، فاستقر عنده يظهر له الولاء ويدس له الوباء، وكأن عمه في غيبوبة، يتساءل أحيانا، أيمكن لهذه المرأة اللعوب أن تخدع رجلا جانبه ذئب والجانب الآخر ثعلب؟ سؤال لا تجيب عنه إلا الأيام... بمقارنة أمه مع أبيه ينظر إليها تلميذة رغم تفوقها ظاهريا...
واستأجرت الأم شقة في حي شعبي ولزمت السرير، مع تقدمها في السن أصاب منها المرض غرضه بسرعة، وظهرت آثار الزمن التي كانت تختفي وراء المساحيق، ارتخت الحيوية التي كانت تزين حركات الإغراء في جسد غرر بصاحبته، وظهرت الترهلات تتحدى ما كان يتبجح به اللسان، أصاب الوهن كل شيء، وحدها بقيت العين بصيرة...
كانت الغرفة ضيقة جدا، بنافذة صغيرة، تطل على ساحة جرداء، فيها بعض الشجيرات اليابسة، وكشك فيه شيخ هرم، يبيع الحلويات للأطفال، والأعشاب والتوابل للعجائز...في غياب الأطفال إلى المدارس تشعر بسكون الموت، وعند خروجهم كأنها سوق الشياطين، دولاب جميل لم يتسع لفساتينها وبذلاتها وملابسها وأحذيتها التي كانت تقتنها بتميز ورقة نادرة، لا تزال تحمل ذكريات مغامراتها الأنثوية الجريئة، لكل فستان حكاية لقاء، تستعيدها على وشوشة المكيف الأنيس الوحيد الذي لا يزال وفيا لها، لا تجد أحيانا حتى من يناولها الدواء، ويعتقها بشربة ماء، وتناساها الأحباب والأصحاب والأهل والأولاد، والحياة بدونها لم تتوقف كما كانت تظن، لا زالت مستمرة بنفس الوتيرة أو أفضل، هي وحدها التي سقطت... وبدأت تفكر بالذهاب إلى مركز ما، لعلها تجد رفقة تبدد معها غشاء الصمت الذي يحيط بها، وحدها الأرملة تدخل في آخر الليل تتفقدها وهي في حالة يرثى لها، فكرت في الإنتحار عدة مرات، وخانتها الشجاعة، ما كانت تظن أنها جبانة إلى هذا الحد، واجهت الجميع وعجزت عن مواجهة الموت، لأنه كما تقول، النهاية التي لا تعترف بالأمل ...
أشياء كثيرة كانت تحلم بها لتخلد بها جمال ما وراء العقل، وحال دونها القضاء لما هدم جسر الوصل الذي شيدته الأمنيات، لم تندم، وهي مصرة على ذلك، ينبعث دائما من عمقها صوت المغنية الفرنسية الهالكة " إديت بياف"، لا أندم على شيء....بصوتها ونبرتها المارسيلية، يتحدى يقظة ضميرها كلما هزه منطق سليم، تنظر إلى الأرملة كيف تبتذل الأنوثة وتباع في سوق النخاسة بأبخس ثمن، ترى فيها عزها المهدور، وترى فيها كيف تداس الكرامة بأرجل الإهانة، عندما تفقد المرأة الطموح وتكتفي بفتات الرجال وتلبس رداء الإستكانة، وتنسى حقيقة مبررات الوجود، لا تؤمن بالتكامل، ولا تزال مصرة على أن شموخ المرأة لا يكتسب ولا يلقن، بل هو جريحة في الذات الأنثوية، يولد معها، يشتد ساقه كلما اشتد ساقها، وهو مرهون بعنادها وتحديها لكل القيم والأعراف التي تريد أن تبتذلها، وعلى المرأة أن تكون سلطة متسلطة، لأن بدونها لا وجود للوجود، لا يجب أن ترضى بأقل من هذا، تنظر إلى نفسها كذلك الغصن الذي تأكله النار يتحول شيئا فشيئا إلى رماد تذروه الرياح ولن يذكرها أحد، فقط لأنها كانت في نظرهم مجرد امرأة عاشت لنفسها...
...يتبع...

رد مع اقتباس
  #56  
قديم 16-05-2013, 10:35 PM
الصورة الرمزية وهج الروح
وهج الروح وهج الروح غير متواجد حالياً
مشرفة الكتابات العامه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
الدولة: حدودك ضلوعي وانتي الفؤاد ( نبضي سلطاني )
المشاركات: 3,828

اوسمتي

افتراضي

احداث لم اتوقعها عميقة وسبحان الله بالفعل كل ما اصابها

لانها لم تحترم اباها ...... وكانت دايما لا تهتم الا بنفسها

احداث هذا الجزء زاد عندي الفضول لأعرف ما نهايتها واليوم


جمال اسلوبك اذهلني بطريقة وصفك للمواقف بدقة جميلة ومذهلة


قلمك رائع رائع ومميز وابداع اكمل وسوف اكون بالقرب لن يصيبني


كلل ولا ملل. اسلوبك واحداث رواياتك جميلة تجذبني ........ سوف اكون


بالقرب
__________________
‏"الله لا يُخبرنا بمن يَدعون لَنا سرّاً ويُحاولون حِراسَتنا بالخَفاء؛ لكنَّه يُنير بَصيرَتنا على مَحبّتِهم، فَنتبعُ أرواحِهم دُون إدرَاك منَّا لِماذا نَخصُّهم بِهذا التعلق الروحي"
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 17-05-2013, 11:18 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وهج الروح مشاهدة المشاركة
احداث لم اتوقعها عميقة وسبحان الله بالفعل كل ما اصابها

لانها لم تحترم اباها ...... وكانت دايما لا تهتم الا بنفسها

احداث هذا الجزء زاد عندي الفضول لأعرف ما نهايتها واليوم


جمال اسلوبك اذهلني بطريقة وصفك للمواقف بدقة جميلة ومذهلة


قلمك رائع رائع ومميز وابداع اكمل وسوف اكون بالقرب لن يصيبني


كلل ولا ملل. اسلوبك واحداث رواياتك جميلة تجذبني ........ سوف اكون


بالقرب
................................

وهج الروح ...أيتها الغالية.
أنت السند و المدد أشكرك ، أعدك بالأجمل إن شاء الرحمن .
تحياتي
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 17-05-2013, 11:19 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

وبعد ، فاليأتي الطوفان ...
الفرق كبير بينها و بين الأرملة التي تعيش لغيرها، هي التي بلغت ما بلغت بجموحها و أنانيتها و عزة عفرت أنوف الرجال من أجل ابتسامة ، و ما الأرملة إلا تلك الشابة اليافعة كذبا،لا تشبه أحدا بمراسها المتقلب، لا تستقر على شيء، و لا تتميز بشيء، تكذب كما تتنفس، مهلهلة الشخصية، لا تقف عند حد و لأي وجهة تساق، لا تهمها العواقب، وجدت فارغة فبرمجت على جميع المقاسات ، ما كانت تظهر لها مسكينة و تافهة إلى هذا الحد، رغم أنها كانت أقرب الناس إليها ...تسألها بفضول دائما عن أختها الصغرى التي اختفت في الأسبوع الأول الذي تنقلوا فيه إلى هذه الشقة،هتفت لأمها مرة واحدة تطلب منها أن لا تسأل عنها، و أنها وجدت ما كنت تطمح إليه لبناء مستقبلها و لا تحتاج لأي مساعدة، كانت تلك مكالمة الوداع ، و في هذه الليلة عادت الأرملة باكرا،قبل منتصف الليل، وجدتها لا تزال مستيقظة تتابع شريط يروي حياة ممثلها الفرنسي المفضل ألآن ديلون.. قبلتها على الخد و جلست بجانبها، على وجهها ملامح خبر جديد بغيرة قاتلة و حسد يتقاطر...
-عندي لك خبر
-بعد الشريط
- عن ابنتك العزيزة الصغرى
- بعد الشريط ، أرجوك ، هذا الممثل لا يزال إمضاؤه على منديلي،أحتفظ به حتى أموت ، التقيت به في ليلة جميلة من ليالي الأوبرات في باريس .
- لهذا أهملك الجميع، لا تهمك إلا نفسك.
لم تبالي بها ، و كأنها لم تسمعها، كانت في اتصال مباشر مع الماضي، وانطبق عليها المثال القائل ..عندما يبلغ بنا الجوع حده نتذكر ليلة زفافنا ..
انتهى الشريط و بدأت تحكي عن أفلام هذا الممثل ، و بعض الأحداث في حياته التي أسقطها الشريط ...
-وجدت أختك ؟
- تصوري كيف وجدتها
- بائسة و شريدة بالطبع
- لقد أصحت من نجوم الملاهي و المراقص، و الكبريهات، إنها تلعب بالأموال لعب ،لما رأيتها ما صدقت أنها هي .
- أين
- في مرقص الأمازونية، باسمها سماه صاحبه، إنها أفضل من الوزير عنده.
- راقصة؟؟؟..
- نعم راقصة، كما كانت تحلم، إنها الراقصة الأمازونية، ذهبت أبحث عن عمل، استقبلني صاحب المرقص و تنكرت لي هي ، فقط لأنه قال لها مازحا، إذا كانت هذه أختك فهي أجمل منك..
- حقيقة في الوجه أنت أجمل منها، و هي أروع ما صنعت أنامل الخلق في الجسد،كانت ساحرة ، بنتي و أكنت أحسدها .
- حقيقة عندما ترقص يتخذر الجميع، ما آمنت أن هناك من يعبد أجساد النساء، حتى رأيتهم في أختي ..
- هل سألتك عني ؟
- أنا أقول لك تنكرت لي، و أنت تسألي إن سألت عنك، قالت له ..أعرفها و لكن ليست أختي، وظفها إن شئت على حسابك...وانصرفت ، فوظفني على شروطه ، و أوزع المشروبات قبل العرض و بعده في زي أمازونية، حركاتي تتطلب بعض التمارين لمدة أسبوع فقط،و أباشر العمل في القاعة بما يعادل ألف دينار في الليلة..إيييييه رأيك ؟
- ما عاد يهمني شيئا الآن،لك أن تعيشي حياتك كما تريدين،فقط لا تلومي على أحد، افعلي مثلي ، مثل الفرنسيات ، بعد سن معين ينتزعن حريتهن، و ينفصلن ، لا سلطة لأحد عليهن، أنا سأنتقل إلى مركز اجتماعي حيث أقضي ما بقي من عمري ، ربما أجد هناك رجلا بائسا، يحتاج إلى من يؤنسه، فيؤنسني، وإذا شفيت سيكون لي شأنا آخر،سأعيد مجدي بيدي و لن أحتاج رحمة أحد، سأحرق قبره ولو بإعدامي ..
- أنت في المركز ؟..غريب أمرك..
- لا أريد أن أبقى عالة على أحد، لي في منحة تقاعدي ما يغطي جميع مصاريف التكفل بي و يبقى، و لا يأ س من الشفاء أبدا، سأقاوم هذه الصدمة إلى آخر نفسي ما دمت لا أستطيع أن أضع حدا لحياتي ، لن أضعف، و لن أموت الموتة التي أرادها لي هو،سأقاومه و هو في القبر، و أبرهن له بأني أجدر منه بالحياة...سترين.
كانت تستمع إليها بكل ما تملك من قوة الإدراك ، و هي تعرف أن أمها بدأت تنهار، و بدأ العد التنازلي لوصول نهايتها، هي تعرفها جيدا،سخطها على حالها في عينيها،و على زوجها أشد، و ما هذا الكلم إلا ستار الإمهزام و فظاعة طويتها ...و ساءتها نهاية أمها البائسة، لقد فقدت كل الأشياء التي كانت تصنع عزتها، و لم يشفع لها لسانها الفرنساوي الفصيح عند أي أحد عندما جردتها سنن الحياة من كل ما كان يميزها في هذه الذات التي أتعبتها الأنانية و شوهها الإنبطاح، و من يصدقها أن الفرنسيات خلقن بدون كبد رطب...بدأت جذور شعرها تظهر بيضاء لما نمت، وانكشفت تجاعيد الوجه التي كانت تخفيها المساحيق الباريسية ، و غارت العيون،و ظهرت عظام الترقوة مثل القوس،وازدادت أطرافها طولا لما فقدت لحمها و شحمها ، و بدت أظافرها كمخالب دجاجة عقور، وتدلى ضرعها، وهجر الجمال أوكار جسدها ، فقط بعض آثاره كالأطلال لا زالت تشهد أن الحصوبة مرت من هنا ..غطتها باللحاف، قبلت جبينها ،أطفأت المصباح، و ذهبت إلى غرفتها و بكت، بكت بكاء مرا...و في الصباح كانت تلك الكلمات قد تحولت إلي رماد، وخمدت نار الشجون، و بدأ اليوم الجديد يصنع بطموحاته في البعض و خيباته في البعض الآخر عجائب الزمن الذي أنجبه...
و هكذا ، كما أنجبت هي ذلك الفيلسوف ، الإبن الذي لا يؤمن بالنسب، مثله مثل إبن الغرب الذي يؤسس دائما لقتل الأب و الأصل في طموحاته ، و لا يربطه بالماضي إلا الملموس ، يشتري اللذة بأغلى ما بيده من مثل...لما استيقظت هذا الصباح تذكرت ما قال لها يوما فضحكت..قال لها..لست أنا المسؤول عن وجودي و لا وجودك، و ما كنت إلا قشور متعتك بالطريقة الفرنسية و عفو رغبتك...فابتسمت من جديد و هزت رأسها ، و صعد صوت المغنية الفرنسية إيديت بياف من عمقها يتحدى بمقطعها ...rien de rien ..je ne regrette rien.في حين كان هو ينسج شباك العنكبوت لإمرأة مثلها أو تكاد تكون، تحت رجل رجل...
...يتبع...
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 24-05-2013, 10:52 AM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

صفقتين بحجر واحد ، جميل جدا،لا يكاد يصدق أنه بلغ هذه الدرجة من نضج الدهاء و المكر، بهذه المسكنة المفتعلة تأكد أنه يستطيع الآن أن يدخل أي مغامرة، و يراوغ مثل عمه أو أكثر أي ثعلب في الوجود، يقال أن الثعبان لا يلد إلا من هو أطول منه، واثق من نفسه و مطمئن على النتائج التي سيحققها، هي لعبة يجاري فيها عمه خلف ستار، طواعية من عمه و براعة منه، و بدأت المرحلة الحاسمة يصاراع الدهاء خلف الظنون، و في كواليس المقاصد الخبيثة، إنه السباق لضبط الأرقام و الحسابات قبل فوات الأوان،و بدت أطراف الخيوط كلها بيده، هكذا يظن، بل متأكد، لا يزال يوجه و يتحكم في ترتيب أدوار المسرحية و تحريك الشخوص نحو الإتجاه الذي يريده لنهاية العرض، و هو يعرف أن بدونه يتوقف كل شيء ...فقرع الطبول. – ألو...أين أنت ؟...انتظريني ...خلاص ، أنا قادم ...
خرجت من الندوة واتجهت إلي مباشرة إلى مقهى الحديقة، تنتظره على أحر من الجمر ، فها هو ذا قادم من بعيد يبتسم، يد في جيبه و الأخرى تحمل بين أناملها لفافة ، يمشي مطمئن كأنه في نزهة، أعجبت به و قامت تستقبله، جلس و جلست أمامه، الكل ما فيها يسأله ...
-خلاص يا سيدتي، إنهم بحوزتي و في مكان آمن لن يصل إليهم أحد.
-أنت متأكد، لآ أصدق، كيف فعلت؟..لا أكاد أصدق..
-ها هي ذي صورتهم في النقال
- كم عددهم؟
-ثلاثة و عشرون شريطا.
- أنت متأكد أنه لا يملك نسخ أخرى ؟.
-أكثر من متأكد، ستصيبه سكتة قلبية، أرجوك بلغيه بهدوء.
ضحكت حتى بانت نواجدها ، و ضحك هو بشفتيه، و دارت في عينيها الفكرة الشيطانية من جديد، حتى الآن هي وحدها التي بيدها خيوط اللعبة كلها...
-هيا، أهتفي له، أخبريه، أريده أن يعيش الفاجعة الآن، و يبدأ عد سقوطه تنازليا.
-لآ...لا..لا..اتركني أتصرف الآن، عندي معه حساب طويل، يجب أن أشويه على نار هادئة، سأجعله يتجرع الويل، سأحسسه بالخوف و القلق و الرعب، و يعيش على أعصاب تشتد حتى تكاد تتقطع، لن تذوق جفونه النوم، سأعذبه، سأنتقم منه شر انتقام، لن أتركه يستريح بعد اليوم أبدا حتى ترتاح منه الحسرات .
تستعيد في وجم شريط أيام مرت من عمرها في عبودية نخاس اغتال فيها تنفساتها، حركاتها، سكناتها، سجن ضميرها في بؤر أوامره ونواهيه، جردها من كل كرامة إنسانية...كانت تحت وطأة الحسرة في هذه اللحظات أشد عليها من جلد السياط...حولها إلى سادية في أوكار الرذيلة و الحيوانية التي تحكمها الغريزة، و فقدت كل شيء ..و صعدت من عمقها نداءات الغيث التي كانت مقيدة بسطونه و تسلطه و جبرونه، بدأت تستعيد أنفاسها و تطلب الثأر،تحاول أن تبرر لنسها أنها كانت أضحية فقدت روح التضحية من أجل بقائها على الأقل بملامح إنسان،كم كان الزمن طويلاو ثقيلا في اضطهادها، و كم كان سريعا في إنقضاء العمر، رغم كل هذا تنظر إلى نفسها أنها صارعت كثيرا للحفاظ على الشغف بالشباب لبناء أمل كان ضالتها كل هذه المدة..
و عرف هو الشيء الذي جعلها تلتزم هذا الصمت الموبوء بماضيها، يرد ابتسمته الساخرة بيقينه أنها تعيش مجرد حلم سيؤول إلى ما لا تتوقعه عندما تستيقظ، و لكن أراد أن يترك لها حق الحلم لأنه البلسم الوحيد الذي يضمد به كل مخلوق في نظره جروح الماضي و إخفاقاته...و ماذا عساه أن يفعل لها، تلك هي سنن الحياة في مسارحها لما توزع الصدف الأدوار، و شاءت الأقدار أن تكون هي كذلك في هذه اللعبة القذرة...
كانت هي ترسم مسارا جديدا على أنقاض ماض كله خراب، تمهد للرحيل بعيدا عن بشاعات هذا الكابوس الذي حاصرها طويلا، وتعطي لهذا الجسد حق الرفض من جديد، بعيدا عن المساومات الدنيئة، لقد حان الوقت الذي تقول فيه ..لااااااا و لا تحتاج إلى حرف آخر تدافع به عن لائها ،و تدفع بهذبن الأرنبين إلى الجحيم ، العم وابن أخيه...تبتسم ، و تنظر إليه بعين الثعلب، فيظهر لها سذاجة المغفلين حتى تطمئن و نضع رجليها بكل وقاحة في وسط الفخ.
-من أجلك سأخسر عمي، لأنك عندي أغلى، على أن تبقى الصفقة بشروطها ، لا تسليم إلا بعد الدفع...هكذا اتفقنا؟..
-خمسمائة ألف دينار هو كل ما جمعته في حياتي، قليل مقابل ما تقدمه لي من خدمة جليلة، بعد ترتيب الأمور سأعطيك كل ما بقي من عمري ، تستاهل...
- أشكرك ،أنت أجمل هدية من السماء ، لأنك حلمي الأكبر، أنا و ما أملك لك.
-لن يكون إلآ ما تريد، فقط لا تستعجل، بعد أن أتخلص منه نتكلم..
في مساء ذلك اليوم جاءت بالمبلغ كما واعدته،و قارورة شمبانبا، سلم لها ألأشرطة، سكبت فوقهم البنزين، و أحرقتهم أمامه كما تعهدت، و قالت له
-أحتفظ بهذه القارورة، سنحتفل عليها الليلة بعد أن ينام 0عمك، إنها ليلة التحرر، و غدا لك أن تسافر حتى لا تشهد سقوطه، بعد أسبوع سأفجر اللغم تحته و هو نائم،سأخبرك، ويوم تعود ستكون مجرد فضولي متفرج، أنصحك، لا تقترب حتى لا تحترق، و ألزم الحياد، أفضل لك...
تذكرت قصة الثور الأبيض و الثور الأسود فضحكت في قرارتها زهوا، واسأذن عمه في الغد أمامها وانصرف.
و بدأت تتحول في ذلك الأسبوع الى شيء آخر، و زوجها يجاريها برفق، كلما صعدت كلما استكان هو و يظهر أضعف. انشغل في تلك الأيام باستثمار أمواله، و أكد لها أنه سيساعدها لإنشاء جريدتها التي يجب أن تخدم مصالحه أولا، و تحتفظ هي بالأرباح،هكذا كان وعد الفخ الذي مهد لها الدخول في مواجهة عنيفة ظنا منها أن الرجل خسر كل أوراقه واستسلم، ولهذا فهو يطاوعها، و في آخر الأسبوع كتبت مقالا تشير فيه أن هناك شخصية نافذة تبتز بعض الإطارات لقضاء مصالحها، باستعمالها أدوات وإشاعات تثبت تورطهم في قضايا أخلاقية وهمية لآ وجود لها إطلاقا، و تناولت الموضوع بشيء من التحفظ...قرأ الخبر و لم يحرك ساكنا، عاد مساء ذلك اليوم و كأن شيئا لم يكن، و بدأ يساورها الشك ، استغربت كيف أن الخبر هز كل المتورطين حتى لا يكاد هاتفه يتوقف ، و كان يرد ببرودة أعصاب ...
بعد العشاء ، أعد كوبا من الشاي الأخضر، و ليس من عادته، و جلس في الصالون يدخن سجارته و يتلذذ مذاق مزيج الشاي بنكهة التبغ...ناداهل ، فأقبلت، و جلست في الأريكة المقابلة كالمتفاوض القوي و هي تبتسم، تريد أن تملي عليه شروطها من موقع الآمر الناهي ...فابتسم و قال لها.
-استمعي إلي جيدا، ليس لدي الوقت لأعيد...أنا لست ذلك الغبي الذي تظنين،و لست خريج جامعة تؤسس للنظريات المثالية و أخلاقيات المباديء التافهة التي تحملونها بسذاجة، أبدا يا سيدتي ، لست ذلك الغبي الورقة التي تحسم بها المرأة التافهة متلك قواعد لعبة كهذه...
أنا يا سيدتي خريج مدرسة الدناءة و الخسة التي تبتذل الفضائل و القيم ،و تغتال القدرات، و تدجن الهمم، حقيقة أنا أعيش في الظلام، لكن لأراقب المغفلين مثلك ماذا يفعلون في الضوء، لأتابع التحركات التي أمليها عليهم، لأراقب ما يجري على خشبة مسرح فرضياتي و أنا راويها ..لا تتنكري ، أعرف كل شيء، أنت الآن في المحطة الأخيرة التي أخترتها لك، هل تعرفي لماذا أنت ساذجة؟..لأنك تؤمني بكل ما يكتبه الأغبياء في الكتب، نشوهه نحن ونلزمكم به و لا نلتزم ، أيتها التلميذة الغبية في مدرستنا، كل هذه المدة معي و لم تتعلمي كيف تحركي دوالب الأمور، و لهذا احتفظت بك كل هذه المدة...اسمعيني جيدا، أريد أن أخرج من هذه الدائرة السوداء إلى ظل آخر، و قد حققت كل طموحاتي، سأتزوج و أعيش حياة طبيعية هلدئة، بعيدا عن الهرج، فقط عليك أن تطلبي الخلع، و تأخذي أولادك، و تختفي من حياتي نهائيا، لا أريد أن أسمع عنك و لا أريد أن أراك...أعرف أنك استعملت الفيلسوف، أعطاك الأشرطة مقابل خمسمائة ألف دينار، و أنا أعطيته مليون دينار مقابل هذا الشريط الذي يثبت تورطك وحدك ، و يتبت إدانتك و لا مبرر لك بعيدا عن ضغوطاتي، و اعترافك بأنك كنت طعمة غاوية لشخصيات نافذة ذكرتيها بالأسم هنا من فرط غبائك يكفي ليكون دليلا قويا لشنقك أمام الملأ أو تصفيتك...و يثبت أن الأولاد ليسوا أولادي ، و ما أنت زوجتي إلا على الورق، ولهذا أراك في وضعية لا حسد عليها و ليس لك خيار...أتمنى أنك سمعت و وعيت، أعطيك كل الليل لإجترار الموقف، وغدا أستدعي القاضي هنا في البيت، و نقوم بكل الإجراءات اللازمة و لك حريتك، افعلي في نفسك ما تريدين، و لا تحاولي اللعب بالنار معي مرة ثانية، لأنني لن أرحمك مثل هذه المرة...بالمناسبة حاولي طمس الموضوع الذي طالعتنا به الجريدة يإمضائك، حتى يطمئن الجميع وتهدأ النفوس و تعود المياه إلى مجاريها ، و إلا...أنا الآن لست بحاجة إلى أي أحد ..أليست هذه أمنيتك ، أردت قتلي فقتلتك و أنت ترزقين...
ابتسم و قام يحمل كوبه، و سجارته بين أسنانه...أشار إليها..بااااااي، و ذهب يتبختر بكبرياء إلى غرفته ، و قبل أن يدخل إلتفت إليها و قال
-كنت أعرف أنك على علاقة بالفيلسوف ، ها أنا اليوم أوظفها لصالحي..لعلمك إنها آخر الدناءات في حياتي ...ضحك واختفى كالشبح.
جالسة في مكانها تجتر كلامه، تبحث عن فجوة، أو ثغرة، أو هفوة تدخل منها كلمة و لو في غيابه، فوجدته قد أغلق عليها كل المنافذ تنظر إلى نفسها أمة من العصر الجاهلي و حررها سيدها في القرن الواحد والعشرين...تناثرت ردود فعلها كأوراق في عمق عاصفة هوجاء،و تهاوى وعيدها وانهار كل شيء ، خرجت من اللعبة كمقامرة خسرت كل شيء...سرق الفيلسوف شريطه و به قايض و ربح...
حزمت أمتعتها و أمتعة أولادها ، وقفت أمام الباب و قالت له.
-مهما كنت بارعا في اغتيال الحقائق، لا تستطيع أن تغتال الجريمة لأنها هي وحدها التي لا تموت، أنظر إليهم جيدا ، إنهم خطأك، إنهم المكان الذي نحرتني فيه و ستعود إليه يوما لتلقى حتفك، لأن مثلك لا يقهره إلا الزمن، أنت تعرف أكثر مني أنهم أولادك من لحمك و دمك...
...يتبع...
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 27-05-2013, 05:04 AM
الصورة الرمزية وهج الروح
وهج الروح وهج الروح غير متواجد حالياً
مشرفة الكتابات العامه
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
الدولة: حدودك ضلوعي وانتي الفؤاد ( نبضي سلطاني )
المشاركات: 3,828

اوسمتي

افتراضي

احداث لا تتوقف وقلم مميز في عالم القصص



خوي مختار ابدعت
احداث متنوعة اكمل فانا في الجوار
__________________
‏"الله لا يُخبرنا بمن يَدعون لَنا سرّاً ويُحاولون حِراسَتنا بالخَفاء؛ لكنَّه يُنير بَصيرَتنا على مَحبّتِهم، فَنتبعُ أرواحِهم دُون إدرَاك منَّا لِماذا نَخصُّهم بِهذا التعلق الروحي"
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:37 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية