روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
الشـوق المثار [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,539ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,802ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,342
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,505عدد الضغطات : 52,284عدد الضغطات : 52,386

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-03-2012, 11:15 AM
الصورة الرمزية عمر حامد
عمر حامد عمر حامد غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 92

اوسمتي

Smile بــــنـــت الــــوادي ...




البيتُ كانَ من الطين، ولا شيء في فنائهِ سوى نخلةٌ مُعمّرةٌ من قديم الأزل، مرَّ عامانِ على رحيلِ محمود للتجارة ولم يعُد، والاخوةُ لا زالوا بانتظاره، فتَيتُّمُهم من ابيهم وأمهم وفقرهمُ المدقع لم يكن كل المآسي، بل ان المأساةَ الكبيرةَ هي طمعُ أعمامهم الذين أخذو كل ما يملكهُ الايتام، ولم تأخذُهُم بهم شفقه، كان الاخوةُ الثلاثةُ يتسامرون بالمساءِ يحلمون بعودةِ محمود، وانتصارهِ على أعمامهِ ورد الحقوق لهم.. والآخر يحلمُ بأنه عندما يعود محمود، سينتقم من ابن عمهِ الأصغر الذي أهانهُ امام الجميع ولن يجرؤ أحدٌ من ابناء عمومته بعد عودة محمود من أن يَـمَسّ شعره من شعر أيٍّ كان من اخوته، أما الآخرُ فكان يحلمُ بأن يعود محمودُ ليخطب لهُ بنت الجيران قبل ابناء العمومه! وهل غيرَ محمودٍ محموداتٌ صفاتهُ بدون شوائب..؟! فمتى ستعودُ يا محمود؟




كان الأخوةُ الثلاثةُ يعملون في حقل أحدهم باليوميه.. وكان ذلك اليومُ عليهم شاقًّا كباقي الايام، الشمسُ كانت في كبدِ السماء.. والمحراثُ كان عنيدا لا يشقُّ التُرابَ كما يجب، فالشمسُ قد أحرقت كُل ما تحتها حتى النشاط، بل ان الغربان التي كانت تُثيرُ المكانَ شؤماً، قد تعذر عليها المجيء هذا اليوم.. وبينما العملُ على قدمٍ وساق.. إذ بِسرابِ رَجُلٍ يتراقصُ من بعيدٍ كأنهُ شُعلةُ نارٍ بيضاء تتماوج كإحدى جنيّات الف ليله وليله.. لم يهتم لها الاخوةُ الثلاثةُ واستمروا في عملهم الدؤوب.. الى ان اقترب الشبحُ أكثر فأكثر، فأذا بهِ متوسط القامة. سريعَ الخُطى، رزين الطلّه، انهُ هو لا غير (محمود)! فرُميت المحاريث وسادَ الجوُّ العناق والترحيب..




شكى الاخوةُ الثلاثةُ لمحمود ما جناهُ أعمامهم وبنوهم بهم، وكيف انهم كانوا يتلهفون عودتهُ بأسرع ما يمكن لرد الحقوق لهم، امتعض محمودُ في البدايه الا انهُ اشار اليهم ان اتركوهم وشأنهم! ولن نطالب بأي حقوق!! فتناظرَ الاخوةُ الثلاثةُ بعضهُم بعضا!! وقبل ان ينطقوا ببنت شفه.. اضاف محمود : (لقد جلبتُ من الخارج حيرا كثيرا.. وسنفتتحُ تجارةً لن تبور بحول الله، اما اعمامي فأحتاجُ اليهم للتقدم في طلب يد (بتول) تلك الفتاةُ التي طالما تمنيتُها!..





كانت بتولُ فتاةً متوسطةَ الجمال، قصيرةَ القامه، مُمتلئة الجسم، تعلّق فؤادُ محمودٍ بها منذُ القديم، وكانت تسكن الوادي مع ذويها الذين اطلق علهم اهل البلده بـ(الشـوّان) او (الشواوي)، تفاجأ اخوتهُ للمرة الثانيه، ولكنهم التزموا الصمت احتراما لهُ وتقديرا، بعدا نصف موسمٍ أصبح محمود يُديرُ تجارةً كبيرةً رائجةً أشرك فيها اخوتهُ الثلاثةُ معهُ، وأمست ثروتهم أضعافا مُضاعفةً بالمقارنة مع ثروةِ أولاد العم.. واشترى بيتين فخمين واحدٌ لعش الزوجيه وواحدٌ لأخوته.



وفي ليلةٍ من الليالي لبس محمودٌ أفضل ما عنده من الثياب، وتوجه الى بيت عمه الاكبر يُحيطُ بهِ اخوتهُ الثلاثه، فأكرمهم عمهم أيما إكرام لا حُبًّا فيهم .. ولكن لمكانتهم في السوق!، بعدها افصحَ محمودُ عن ما يدور في داخله وعن نيتهِ في التقدم لطلب يد (بنت الوادي).. عندها دَلَق عمهُ فاهُ وقال : (بنت الوادي يا ابن الاصول؟ بنت الوادي الفقيره؟ وأنت من تملكُ الألوف؟، ومن ثم كيف ستتعايشُ معها وهي ذاتُ نمطُ عيشٍ غريب!)، وطال النقاش بينهما الى ان استسلمَ العمُّ لرغبة ابن اخيه، وبعد يومين توجه وفدٌ من محمود وأهله لخطبة بنت الوادي (بتول)، فاستقبلهم اهل المنزل وأعدو لهم وليمةً مما استطاعوا أن يجمعونه وأهلُ محمودٍ يرمقون بأعينهم البينيان البسيط، والفرش الكئيب، والـمُـتكئ الخشن العنيد، وهم يتمتمون بالاستغرب والاستهزاء بحمود، وأفضلُ قولاً منهم صدر : (القلبُ وما يهوى)!.



في يوم الزفاف كانت بتول غارقةً في كثيرٍ من الاسئله.. كيف سأتأقلم مع حياة البلده المتطوره؟ كيف سأستطيع ان ابلع غضبي من تكبر اهل زوجي ونظرتهم الدونيه لي؟ كيف سأنسى الوادي والرعي والمرعى؟ وهل سيتقبلني زوجي زوجةً لأمدٍ بعيد؟ كيف سأتحمل العيش في هذا المنزل الفخم؟ وأنا من تعودتُ على الطين؟


إلا ان كل تلك الاسئلة التي كانت تتوجسها بتول خيفةً اصبحت من ماضٍ مُضحك، فها قد مر على زواجُهما سنتين، وأمورهما على احسن ما يمكن، بل لا يستطيع محمود ان يغيب عنها الا وقت العمل ووقت الصلاه!، لقد أحبها بكل جوانحه، وبات يضُّخُها بالحُبِ صُبحَ مساء، ولن الغريب والعجيب في الامر ، وأن محمودا استجاب لرغبة زوجته، وبنى لها بيتا من طين! وسط المزرعه! وسكن معها! تلبيةً لطلبها! فكانت بنت الوادي تعيشُ حياتها كما تُريد، فكانت تلبسُ في مزرعتها الثياب الرثّه والتى عفى عليها الزمنُ كما تعودت، ومحمودٌ سعيدٌ بذلك! ، و لكنها كانت تشارك الناس افراحهم في البلده وهي تلبسُ أحلى الثياب، والذهبُ يملؤها من رأسها الى أخمص رجليها، فتطيش عليها عباراتُ الحسد والحقد من نساء البلده!.





وبعد مرورِ خمسِ أعوامٍ من الزواج والحب الكبير، بدأت الناسُ تتكلم، وأخوةُ محمودٍ أبناء عمومتهُ يلومونهُ على عدم الزواج بأُخرى، وخصوصا وأن زوجتهُ لم تُنجب. لم يكن محمود ليصغي لهذا او ذاك، بل حتى لم يهتم بتجارتهُ كثيرا، وترك التجارة كلها بيد أخوتهُ يُديرونها كما يشاؤون، حتي ينشغلون بها ويتركونه في حاله مع حُبه المجنون بزوجته بتول، الانكى من ذلك كله.. كان الحسد ُالمتطاير بكلِّ طيشٍ من نسوة البلده، وحدث في يومٍ من الايامأن تغيَّر حالُ زوجة محمود، وسقطت طريحةُ الفراش.. مرضٌ لا يفقههُ محمود .. كانت اذا سعلت تقيأت دماً ! ولم يمنعها ذلك بمزاولة حُبها الشديد لأغنامها فزادت الطين بلّه وأُصيبت بالجرب!، ومع مزاولة محمود للأطباء وحكماء البلده .. تبيّن أنها أًيبت بالسُّل! وكذلك الجرب، ونصحوهُ بعدم الاقتراب منها خشية العدوى، فحزم محمودُ امرهُ وعزم على ان يجمع ثروتهُ كُلها ليسافر بزوجته للعلاج في الخارج .. ولسان حالهِ يقول:


حبي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن
حبي لها أمي سقتني ياه في وسط اللبن
إن عشت فيها لأجلها عانيت
وإن غبت عنها كم لها حنيت
والحاصل أن الحب شيء ماله ثمن


أحببتُها في ثوب بالي عيف أبلاه الزمن
أحببتها والسُل فيها والجرب مالي البدن

وعشت معها تحت سقف البيت
وكل ما أنّت أنا أنيت
وصبرت حتى طاب عيشي والسكن!


ما اليوم قدها لابسة الزينات والثوب الحسن
ومكحلة العينين ظاهر وردها فوق الوجن
باحل بها من حيث ما حليت
وإن عاهدتني بالعهود أوفيت
وإن خان حد لا بارك الله في الخيَن


ما باصبر فيها على باطل ولا بعبد وثن
مابرميها نهب للحنشان وللا للدفن
من سحرها باعمي عيون السيل
وإن شط بسكب في عيونه سيل
مهما سرر قلبه بها وإلا أفتتن






اجتمع محمودُ بأخوته، وأعلمهم بأمر جمع الثروه للسفر من أجل طلب الدواء والشفاء بعد الله الى الخارج، فأكبرو أخوتهُ ما يُريد، وأعتبروهُ جنوناً، واتهمو زوجتهُ بأنها سحرتهُ وأنهُ فاقدٌ عقله، وإلا ما الذي يمنعهُ من الزواج بأخرى؟ لقد جهلوا الحب والوفاء، وجحدوه أيما جُحد.. وتآمروا عليه، واشتد بينهُمُ الخصامُ اسابيعا، وحالةُ زوجتهُ تسوءُ يوما بعد يوم!.. لم يحسب محمود لغدر اخوتهِ حسابا.. فقد كتبو ثروتهُ منذُ خمسِ اعوامٍ بأسمهم فقضى القاضي بالمال والبنيان والزرع لأخوتهُ دونه! فأسقط في يد محمود!، فخرج من عند القاضي، خاوي الفؤاد، فاغر العينان، لا يقوى المسير!.



مرَّت الايام ، ولم يُشاهد احدا محمودا، فقد غاب عن الجميع، فقرر اخوتهُ ان يزورونه مرّوا على المزرعه.. فوجدو الماشيةَ قد ماتت!، والزرعُ قد يبست اغصانهُ! والماءُ محبوسٌ منذُ زمنٍ لم يتحرك!، فولجوا الى المنزل الطيني، الذي كانو يرمقونهُ باختقار.. وكانَ محمودٌ يراهُ قصرا من قصورِ الف ليله وليله، فوجدوه جسدين احتظنا بعضهما، جُثتين هامدتينِ بِلا حِراك!.



لا شيء في الدُنيا قد يُخفف من همِّ وغمِّ الاخوةِ الثلاثةِ، ولا شيء يُخففُ من كربهم او يُكفف من دمعهم المتساقط كُل يوم!، لقد مات محمود فأصابهم الجمود.. وهكذا هي الحياةُ لا تعذرُ الغادرين مهما كان!.


يُقالُ بأنهُ كُلما اكتمل القمر.. يخرجُ محمود وزوجته بتول بنت الوادي فيجلُسانِ عند البيت المهجور، ومن ثم يسقيان الزرع! فتنبتُ في اليوم التالي الورودُ الحمراء دون غيرها..


انتهى

29 / 5 /2011م
__________________
لا لَــيــلَ يـكـفـيـنــا لـنـحـلُـمَ مـرّتـيـن
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:47 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية