د . شريف حتاتة: المثقفون لم يقوموا بأي دور في ثورة مصر

[سالم الوشاحي]

. شريف حتاتة: المثقفون لم يقوموا بأي دور في ثورة مصر

القاهرة - “الخليج”:

الدكتور شريف حتاتة واحد ممن اختطفهم الأدب من مهنة الطب، ليتفرغ تماماً للكتابة الإبداعية، فينجز في فن الرواية أعمالاً عدة منها: “العين ذات الجفن المعدنية، الشبكة، عمق البحر، ابنة القومندان”، وفي المجال السياسي قضى سنوات عمره فيه، ودفع ضريبة ذلك بالسجن والتشرد، وكان حصاده “رحلة إلى الجزائر، عندما يتحرك الشعب، العولمة والإسلام السياسي”، ومن ترجماته “مبادئ الاقتصاد الرأسمالي” .



كتب “حتاتة” سيرته الذاتية في أكثر من كتاب: “النوافذ المفتوحة، تجربتي في الإبداع، يوميات روائي”، وفي أدب الرحلات أنجز “رحلة إلى آسيا، طريق الملح والحب” .



* يتوقف النقاد كثيراً أمام جيلي الستينات والسبعينات فإلى أي جيل ينتمي شريف حتاتة؟



- الكاتب ظاهرة فردية، تتشكل فيه الموهبة وظروف التربية بشكل معين، وهو ما ينتج الكاتب، ولنفرض مثلا أنني أنتج نوعاً معيناً من الكتابة، والسؤال هو: هل خرجت هذه الكتابة من الدائرة المحدودة سواء زمنياً أم مكانياً أو لم تخرج؟ فهناك من يعتبرون أنفسهم كتّابا حداثيين، في حين أن تشيخوف أكثر جدة وحداثة منهم، فالأمر إذن ليست له علاقة بالأجيال، بهذا المنطق لن تجد جيلاً في روسيا بعد تشيخوف .



* هل تؤمن بالتخصص في كتابة جنس أدبي معين؟



- لا بد أن يكون الكاتب متنوعاً في إنتاجه مثل طه حسين، والعقاد، ويوسف إدريس، وأعترف بتقسيم واحد فقط: هل هذا فن أم لا؟ فكون الأديب يكتب قصة، فهو بالتأكيد يمتلك رؤية فنية معينة، الأشكال ليست المشكلة، لكن المشكلة في الرؤية الفنية، وهذا ما أريده في كل ما أكتبه .



* لماذا لم تدفعك دراسة الطب إلى الكتابة العلمية؟



- لم أكن أرغب في كتابة الأدب العلمي، كنت أسعى للتحول نهائياً عن ممارسة الطب كمهنة، إلى الأدب والكتابة، وأسعد فترات حياتي حين زاوجت بين الطب والأدب، ثم وجدت أن عملي طبيباً يحتاج تفرغاً كاملاً، فكان لا بد أن أختار بين الطب والأدب، وسألت نفسي في أي الاتجاهين سأجد نفسي؟ ووجدت أنني سأكون أكثر سعادة إذا تفرغت للأدب .



* لماذا تكتب؟



- أكتب لكي أستفز الناس، وأستفز الحياة نفسها .



* هل يمكن للأدب أن يفجر ثورة؟



- الأدب هو الوجه الآخر للثورة، ولا يمكن أن يكون للثورة وجه واحد، وهذا لا يعني ثنائية ما، فالفن جزء من الثورة .



* تمزج في كتاباتك بين الفصحى والعامية فهل هناك فلسفة ما وراء ذلك؟



- هذا المزج اللغوي سيرورة ملازمة لحياة المجتمعات، تلاحق التحولات، وتسعى إلى التعبير عنها من خلال ابتداع الكلمات وتفريغ دلالاتها، كما أن هذا التهجين اللغوي يهدف إلى إبراز تعدد الأصوات ومستويات الكلام .



* تتصل رواياتك بالتجربة الحياتية ومع ذلك نرى بها حمولة فكرية كبيرة ما تفسير ذلك؟



- ما يضفي أهمية خاصة على الأدب هو كون المخيلة والإحساس هما أداتان جوهريتان في التفكير العملي، ولا شك أن الرواية العربية طوال مئة عام استطاعت أن تقدم معرفة لها خصوصيتها سواء في ما يتصل بتكون المجتمعات العربية الحديثة وتفاعلها مع الأحداث السياسية والاجتماعية أو ما يندرج ضمن انتقاد المواقف والمعتقدات المنحرفة، ومن هذه الزاوية تتميز المعرفة التي تحملها الرواية عن بقية المعارف المتداولة، كونها تربط المعرفة بالتخييل والوصف والسرد، وتعيد تشخيصها من خلال مناخات وفضاءات تضفي النسبية والحيوية على المعرفة التي تؤطر مسار السرد الروائي .



* كيف تنظر إلى دور المثقفين في ثورة يناير؟



- المثقفون المعروفون والمكرسون لم يقوموا بأي دور ملموس في هذه الثورة، ولم نسمع أصواتهم إلا بعد نجاحها، وها هم الآن يتملقون نظام الحكم الجديد بعد الثورة، لكي ينالوا الحظوة والمكانة لديه، وهؤلاء المثقفون ينبغي تحديد إقامتهم، لأنهم فقدوا مصداقيتهم أمام الناس .