عَنْ مَكْنُوْنِ قَلْبِهِ لَعَلِّيَ أُخَفِّفُ عَنْهُ كَانَ مِنَ الْنَوْعِ الْكَتُومِ الَّذِيْ يُفَضِّلُ الاحْتِفَاظِ بِآِلَامِهِ دُوْنِ انّ يُؤَرِّقُ مِنَ حَوْلَهُ .كَانَ فِيْ الْايَّامِ الَّتِيْ تَلَتْ ذَلِكَ يَبْدُوَ قَلِقَا وَخَائِفُا مِنْ شَيْءٍ مَا , كَمْ كُنْتَ أَصْحُوْ فَأَجِدُهُ قَدْ غَادَرَ سَرِيْرِنَا فَتَاخِذْنِيّ قَدَمَايَ بَاحِثَةً الْخُطَى عَنْهُ فَأَجِدُهُ قَدْ تَسَمَّرَ أَعْلَىَ رَأْسَ عَمَّيَّ وَكَأَنَّهُ طَبِيْبٍ مُنَاوِبٌ فَأَعُودُ الَىَّ غُرِفِتِيٌ دَامِعَةً الْعَيْنَيْنِ , لَمْ اكُنْ أَسْتَطِيْعُ انْ أَلْوَمُهُ لِهَذِهِ الْشَفَافِيَّةِ الْمُطْلَقَةٌ فَمَنْ يَعْرِفُهُ يَكُنْ لَهُ الْعُذْرَ ,لَقَدْ نَشَأَ وَحِيْدَا لَا يَمْلِكُ سِوَىْ هَذَا الْأَبِ وَأُمُّ طَحَنَتْهَا رَحَىً الْأَيَّامِ وَأُخْتُ أَصْبَحَتْ تُهَدِّدُهَا مَرَارَةَ الْيُتْمِ , تَمَنَّيْتَ لَوْ أَنِّيْ أَسْتَطِيْعُ تَغْيِيْرُ شَيْ أَوْ تَزْوِيْرَ الْحَقَّائِقِ , وَلَكِنَّ إِطْلَالَةَ وَجْهِ عُمْيٌ الْشَّاحِبَةِ وَصِبَغَةٍ الْزَّعْفَرَانُ تِلْكَ الَّتِيْ طَلَّتْ جَبِيْنُهُ سَاهَمَتْ فِيْ زَرْعٍ فَتَيْلَةٌ الْقَلَقْ لِتَسْكُنَ الْنَّظَرَاتِ الْحَائِرَةٌ قِيَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ الْصَّغِيْرِ لَا يُبَدِّدُهَا سِوَىْ شَغَبْ الْصَّغِيْرَيْنِ وَهُمَا يَعْلُوَانِ ظَهَرَ جِدُّهُما بَيْنَ الْحِيْنِ وَالْآخَرْ وَيُقْبَلَانَ رَأْسِهِ فَيَرِدُ عَلَيْهِمَا بِإِبْتِسَامَةً مُتْعَبَةٌ وَيَدُ مُرْتَجِفَةً مُحَاوَلَةُ ضَمَّهُمَا وَكَمْ كَانَ هَذَا الْمَوْقِفِ يُحْرِقُ مَا تَبَقَّىْ مِنْ شَمْعَةِ مُضِيَّئَةً فِيْ دَاخِلِيَّ فَتُمْطِرُ سَمَائِي مَا شَاءَ لَهَا انْ تُمْطِرُ لِأَخْرُجَ بَعْدَهَا مُحَاوَلَةُ إِخْفَاءُ دُمُوْعِيْ وَقَلَقِي بِمُدَاعَبَةِ الْصَّغِيْرَيْنِ أَوْ إِصْلَاحٍ بَعْضٍ شُؤُوْنِ الْمَنْزِلِ الَّتِيْ أَهْمَلْتُهَا الْخَادِمَةُ , إِلَىَ أَنْ وَجَدْتُهُ صَبَاحْ أَحَدٌ الْأَيَّامِ -وَأَنَا فِيْ طَرِيْقِيْ لارْكّبُ الْسَّيَّارَةِ لِلْذَّهَابِ الَىَّ الْمَدْرَسَةِ – يُتَّكَأُ عَلَىَ أَرِيْكَةٍ مِنْ الْأَسْمِنْتِ قَدْ أُعِدَّتْ أَمَامَ الْمَنْزِلِ لَلِيَالِيِ الْصَّيْفِ الصَّافِيَةِ فَسَنَّدتُهُ بِذِرَاعٍ وَلَفَفْتُ الْأُخْرَى حَوْلَهُ بِحَنَانٍ عَمِيْقٍ مُتَسَائِلَةً عَمَّا يَشْكُوَ , كَانَ صَوْتُهُ خَافَتَا وَكَأَنَّهُ الْهَمْسِ حِيْنَ طَلَبِ مِنِّيْ اخَذَهُ الَىَّ الْمَرْكَزِ الصِّحِّيّ صُحْبَتِهِ مَعِيَ الَىَّ سَيَّارَةٌ أَبِيْ كَانَ قَلْبِيْ يَرْتَجِفُ بِشِدَّةٍ مِثْلُ طَيْرٍ يُحَاوِلُ مُغَادَرَةِ قَفَصِهِ , لَا أَعْلَمّ لِمَاذَا بَدَتْ لِيَ يَدَاهُ بَارِدَتَيْنِ وَكَأَنَّهُمَا تُوْدَعَانِ دَفَءْ شَمْسُ الْحَيَاةِ , تَمَالَكْتُ نَفْسِيْ وَدَلَفْتُ الَىَّ دَاخِلَ الْمَدْرَسَةِ وَظِلٍّ هَاتِفِيِ الْنَّقَالَ يَعْمَلُ بِاسْتِمْرَارٍ مُتَنَاسِيَةً سَاعَتَهَا كُلِّ الضَّوَابِطِ الَّتِيْ دَعَتْ إِلَيْهَا الْمَدِرَسَةِ مِنْ إِغْلَاقِ الْهَوُاتِف اثْنَاءْ الْدَّوَامِ فَقَدْ كَانَتْ أُذُنَيْ تَشْتَاقُ لِخَبَرِ يُطَمْئِنُها , وَلَكِنْ أَنَّىَ لَهَا ذَلِكَ وَحَالَةٍ عُمْيٌ تَسُوْءُ يَوْمَا بَعْدَ يَوْمْ , صَارَ عَادَةً لَنَا زِيَارَةِ الْمُسْتَشْفَىً كُلُّ يَوْمَ , فِيْ الْبَدَايَةِ كَانَ شَلَلُا بَسِيْطَا لِلْيَدِ الْيُسْرَىَ تَلَتْهَا الْرَّجُلُ الْيُسْرَىَ وَرَغْمَ مَاحَدَّثَ كَانَ صَّابْريَتَمَتّعَ بِرُوْحِ إِيْمَانِيَّةٌ عَالِيَةٍ ,مَا سَمِعْتُهُ يَوْما شَاكِيْا اوْ مُتَذَمِّرَا وَلَا نَطَقَ لِسَانُهُ إِلَا بِحَمْدللّهِ ,طَلَبَ مِنِّيْ رُؤْيَةِ أَحْفَادِهِ قَبْلَ ذَهَابِهِ لِلْمُسْتَشْفَىَّ الْسُّلْطَانِيِّ قَالَ: ( سَيَنْقُلُوْنِيّ لِلْمُسْتَشْفَىَّ الْسُّلْطَانِيِّ لِإِجْرَاءِ عَمَلِيَّةُ لِلْقَلْبِ يَقُوْلُوْنَ أَنَّ الْقَلْبِ هُوَ
__________________
|