عزيزة الطائية في قراءتها لرواية ابن سولع
نظمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مساء يوم الاحد 19\2\2011 أمسية أدبية حملت عنوان "أزمة الهوية من الرفض إلى الأمل" في رواية "ابن سولع" لعلي المعمري،
قدمتها الأستاذة عزيزة بنت عبدالله الطائية، وذلك بمقر الجمعية بالخوير.
و قدمت الأمسية الشاعرة د.سعيدة بنت خاطر الفارسية التي سردت سيرة ذاتية للمعمري من خلال ذكرياتها لعلي المعمري أثناء دراسته الجامعية.
ومن ثم قدمت عزيزة الطائية ورقتها التي ركزت فيها على إشكاليات الرواية وأهمها إشكالية الهوية حيث ذكرت أن أزمة الهوية شكلت بعدا رئيسيا في عدد من النصوص الروائية العمانية الحديثة؛ كونها نتاج العلاقة غير المتكافئة مع الغرب التي حالت دون تكوّن أنظمة ديمقراطية عربية حقيقية، وأفضت بالتالي إلى رزوح المواطن العربي تحت أنظمة استبدادية، وعادات وتقاليد رجعية، امتدت لتشمل المواطن المهمش والمنفي داخل وطنه، ولعل أبرزها ما نجده في رواية "ابن سولع" التي تلامس بحس مرهف رائع مسألة الهوية؛ لكن بهدف إضفاء المعاني الجديدة عليها التي عززت المتخيل التاريخي.
بعدها تحدثت الطائية عن عنوان الرواية الذي أتى متناسقا مع مضامين الرواية وأنه إنه ليس من باب الصدفة أن يكون عنوان الرواية "ابن سولع" فوراء هذا العنوان ما وراءه من دلالات وثائقية متعددة، وأبعاد تأريخية مهمة، قادت إلى إعادة التعريف بخارطة هذه المنطقة الممتدة –عمان- تاريخيا وسياسيا واقتصاديا، وحتى اجتماعيا بعد أن تفجر النفط من صحرائها الذهبية، وبدت أطماع النفوذ البريطاني تحيك الدسائس حولها في سبيل بسط هيمنتها، وإعادة تشكيل خارطتها؛ مستعرضا كل ذلك بأسلوب حفاوي، وسرد فني شائق؛ مازجا بين الرفض والأمل من جهة، والمتعة والفائدة من جهة ثانية.
غربة الوطن تاريخ المكان
كما تناولت الباحثة الشخصيات الرئيسية في الرواية محللة هذه الشخصيات وفق استنطاق احداث الرواية ومواقفها، مدللة على هذا التحليل بقراءة مقاطع من الرواية فذكرت شخصية البطل شخصية البطل ابن سولع "سريدان بن فطيس الحرسوسي" الصحرااية التي تبدو من الوهلة الأولى وعلى طول مسار الحكي متناقضة متأزمة بما خلفه الماضي للحاضر، وبما حمله الحاضر للمستقبل؛ نفس تائقة إلى رباط متواصل بجذور انتماء الإنسان العماني ليس لمنطقته "جدة الحراسيس" فحسب، بل لكل أراضي عمان؛ كما يقودنا إلى خبايا تلك المحمية التي تحتضن "ابن سولع" من الانقراض؛ وما هذه إلَّا معادلة جليَّة بما تحمله من دلالات مكتنزة، وأبعاد مؤلمة أراد أن يطرحها الروائي "علي المعمري" من خلال الحكي والمحكي؛ كمعادل موضوعي بين هذا الحيوان الذي يكاد أن ينقرض في بلده وبيئته، وبين العماني الذي يوشك أن ينقرض هو الآخر بين رحاب حدود بلاده، ولعل هذا ما تؤكده حالة الفوضى والضياع التي كان يعيشها "ابن سولع". فقد عاش حياة يومية انفصم فيها بين أحضان ثلاث عشيقات مثلن قوى رمزية وواقعية ضاغطة على نفسه المتأزمة، فاستسلم لـ"بروين الإيرانية"، واندفع باتجاه "كارن البريطانية"؛ حتى لاذ بين أحضان عشقه الأبدي المتمثل بمحبوبته "ميثاء العمانية".
وقد بينت علاقة بطل الرواية بشخصية هامة في هذه الرواية وهي ميثاء العمانية فذكرت أن "ميثاء العمانية" بدت منذ الوهلة الأولى شخصية جاذبة متألقة واثقة، فأبى حين يذكرها، أو يغلبه الحنين إليها إلَّا أن ينعتها بـعفوية تلقائية "ميثاء العمانية" أو "العمانية" ليحدد من جديد خارطة الوطن المأمول.
في الاتجاه المعاكس للزمن
وحسب الباحثة إن تقاطع صوت الكاتب/الروائي مع صوت البطل/ ابن سولع بضمير الأنا حمل معه رؤيتين متناقضتين للعالم، ولمعاني الانتماء والمواطنة، أحدها: يمثلها الرواي والحبيبة ميثاء، والثانية: يمثلها ابن سولع البطل نفسه. ومع تضارب هاتين الرؤيتين من جهة، وإشكالية البطل وتناقضاته مع الزمن العماني الذي عاكسه من جهة ثانية، حيث نجح "علي المعمري" في القبض على المأزق العماني الراهن بملحقاته لتجاوز الأمكنة بصورة ساخرة لكنها منسجمة مع السياق. في نهاية المحاضرة فتح باب النقاش أمام الجمهور.