[يزيد فاضلي]

...أخي الحبيب المبدع كمال...

في حَوَالِكِ الداجياتِ دائما ما تتلمَّسُ النفسُ الحرةُ الأبيةُ ضيَاءَ قنديلٍ من وَهَجِ مِدادِها الفوَّار...

وحين يبلُغُ الضيْمُ بالشعوب مداهُ،وتُستَحْكَمُ حلقاتُ الأزمةِ والقهر والغُبِن مدَاها الأقصى،لابد وأن تمضي سُنَنُ التغيير الأزلية في مَسَارها الذي قُدِّرَ لها أن تسيرَ فيه...

هكذا مَضتْ سُنة الأولين والآخرين..ما شَذَّتْ-على حد علمي-يوْماً أو حابتْ أو جامَلَتْ..!!

لعلكَ تذكرُ معي قول جمال الدين الحسيني الأفغاني الخالد : (( إن الأزمة تلدُ الهمة،ولا يتسعُ الأمرُ إلا إذا ضاقَ،ولا يظهَرُ فضلُ الفجْر إلا بعدَ الظلام الحالك..أوشَكَ فجرُ الشرق أن ينبثقَ،فقد ادلهمتْ فيه الخطوبُ،وليسَ بعدَ هذا الضيق إلا الفرَجُ..سًُنـَّةُ اللهِ في خلقهِ...!!! ))...

واستقالةُ الشعوب البائسة من ( حكوماتها ) البالية هو شكلٌ من أشكال التناغم الكوني في سَنن الوجود..فإن انزيمات الجراح لا تلبَثُ-على تقرُّحِها-تلفظ القذى أو الشوكة المنغرزة..والبحر على امتداده واتساعه لا يرعوي أبداً من أن يبصُقَ حيتاناً ميتةً ويلفظها-بموجات المد والجزر-هناك بعيداً عن قاموسه الرقراق النظيف...!!!

ولنا أن نردد-في تأمُّل عميقٍ-قولَ شاعر الخضراء أبي القاسم :

هو الكونُ حَــــــيٌّ يحِـب الحياة ** ويَحتقرُ الميتَ مهما كبُرْ
فلا الأفقُ يَحضِنُ ميْتَ الطيور ** ولا النحلُ يلثِمُ ميْتَ الزهَر..!!!

أقرأ-أخي الحبيب-فرَمَانَ الاستقالة هذا فيكادُ سمعي يَصِخُّ تحت أنـَّاتِ الشعوب وصراخها الكاوي وهي تهوي بمطارق الحق والعدل،تؤدبُ بها رؤوس أولئكَ الذين تفننوا لعقودٍ وعهودٍ على الاقتياتِ من شرايينها وهواء أنفاسِها...!!!

مبدعٌ أنتَ دائماً-أخي كمال-في تذريعِكَ صوْلاً وجوِلاً داخلَ نسيج العبارة والحرف،فلا يَفِلُّ من موهبتِكَ مجازٌ وإيحاءٌ،ولا يعتذرُ في قلمِكَ عجْزٌ عن لفظٍ وسبْكٍ وديباجة...

ودمتَ في تألق دائم...