.../...
أتابعُ مَعَكَ-أخي البديع الكريم الحبيب صالح...-هذه ( التأصيلاتِ ) اللغوية الهادفة النافعة لأهم ما ينبغي لناطقيْ لغة الضادِ وكتابِها أن يستوْعبوهُ عن درايةٍ وعِلمٍ وممارسة...
فإذا كانتْ أقانيمُ اللغةِ العربيةِ الكبرى ثلاثة-كما هو معروفٌ في لسانياتِها- (( قواعدُ النحو والصرف والإملاء-وأساليبُ بلاغية ٌفي مباحثها الثلاثة : المعاني والبيان والبديع-وعِلم العَروض بكل أوزانه وخبَايَاه )) فما من شكٍّ أن صَقْلَ اللسان والقلم بمعرفة حالاتِ الكلام-لفظاً وتقديراً-في الإعراب والبناء يأتي في أولويَاتِ الضرورة التي يَجبُ الالتزامُ بقواعِدها في أول أقنومٍ وهو تلكَ القواعد النحوية والصرفية والإملائية...
ولعلَّ أجْلـَى صورةٍ مأساويةٍ في لسان وكتاباتِ الكثيرينَ من أدعياءِ الأدب والإبداع الأدبي هي أنَّ هناكَ تياراً شاذًّا ظهرَ في الآونةِ الأخيرة ينادي بملءِ فيهِ وبملء شِدْقيْهِ بضرورة النظر إلى الإبداع الأدبي-في نثره وشعره-على أنه وحدة متكاملة من العطاء الفني والجمالي بصرف النظر عن التزام صاحبها بقواعد اللغةِ في المبنى والمعنى..!!!
وما من شكٍّ أن هذا الاتجاهَ المُريبَ لا يَرمي في النهاية-ولو كانَ مَقصَدُ ناسٍ ممن يتبنونه حَسَناً-إلا إلى تقويض اللغة العربية وتمييعِ أسسها المتينة وقواعدها القياسية-وحتى السماعية-كل ذلكَ باسم التحرر الإبداعي..!!!
ونحن إذا كنا نرى بأن الإبداعَ الأدبي مظنة لروح الانطلاق والتوثب فلا ريبَ أننا نرى-بل نؤمنُ-بأن التساهلَ في اقتفاءِ قواعد اللغةِ وقواعدها طاقة جهنم فُتِحتْ علينا ولا ندري ما المآلُ الذي ستبدو عليه اللغة في النهاية لو استمرَّ التمييعُ-باسم التحرر الإبداعي-على هذه الوتيرة..؟؟!!
ألاَ نرى كثيراً من المبدعين والمبدعاتِ في عالمنا العربي ممن لهم هالة وهيْلمانٌ وصوْلجانُ وممنْ أوْعَزتْ بهم مؤسساتُ التحرر الإبداعي الجديدة في عالم الأدب ودفعتهم إلى الصدارة وجعلتْ أسماءَهم طنانةً في منصاتِ الأداء والإبداع..ألاَ نراهم في كثير من الحواراتِ والندواتِ بالكادِ يَهتدون في لغتهم إلى رفع الفاعل ونصب المفعول به وجر الاسم المجرور..؟؟!!
فإذا ما تجرأتَ وقلتَ : ما هذه العبثية..؟؟!! نُظرَ إليكَ شزراً ورُمِقتَ باستغرابٍ وتعَجًّبٍ..!!!
إننا-أخي-في حاجةٍ ماسةٍ إلى العودةِ مرة أخرى لينابيع لغتنا العربية الجميلة الخالية من لوثاتِ اللحن ورطانةِ الهفوات...
أعتقدُ أن حلقاتِكَ الكريمة المضيئة هذه روْزنة تفتَحُ في عقولنا ورصيدنا ما أنستْه فينا لوثة العصر في قواعد لغتنا النحوية التليدة...
مبَارَكٌ أنتَ..فامضِ قـُدُماً وروحُ القدُسِ-بإذن اللهِ-معكَ...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!
|