عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24-04-2013, 10:42 PM
الصورة الرمزية محمد الراسبي
محمد الراسبي محمد الراسبي غير متواجد حالياً
مدير الموقع
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 1,754

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى محمد الراسبي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى محمد الراسبي
افتراضي

تابع عائشة الدرمكية:



الثاني : الموضوعات والتواصل بين الذوات
إذا كان "الكاتب بتصويره لموضوع أو حدث أو شخصية ، لا يفرض أطروحة بل يحث القارئ على صياغتها فحسب..." ، بحيث يحفظ للقارئ حريته وفي الآن ذاته يحثه على أن يصير أكثر فاعلية ، فإنه بواسطة استعمال إيحائي للكلمات ، واستعانة بالحكاية والحدث والعقدة يُحدث العمل الأدبي ارتجاجاً للمعنى ، ويُحرك المتلقي للتأويل الرمزي ، ويوقظ قدرته على التداعي ؛ فالنص هنا يطلق العنان لمخيلة المتلقي، ليبتكر صوراً لعوالم أخرى ، لا نجد لها وجوداً إلاَّ في اللغة ، كتمظهر للمخيال وللعقل البشري ، الذي ما فتئ يخترع صوره الخيالية ، بـ"استعارة عناصر واقعية للتعبير عن الواقع ، وهو بصدد علمنة دراسة الخيال" . إنها إذن تلك العلاقة التي تربط بين النص وقارئه لتشكل علاقة تواصلية تحتكم على قدرته على حلِّ التشفير للعلامات التي يتلقاها ضمن خطاب النص .
وعلى أن التشفير لخطاب النص سيقع من جانب القارئ وقعاً ذاتياً أي مستنداً على موسوعته الثقافية والمجتمعية ، وهذه الذاتية لا تبلغ ذاتها إلاَّ ضمن الحد الذي يجعل من ذلك الخطاب مفهموماً فهماً سطحياً أو عميقاً – يعود ذلك إلى موسوعة القارئ ومرجعيته – ، ومتى ما كان الخيال بعداً أصلياً من مرجعية النص ، فإنه لا يقل عن كونه بعداً أصلياً في ذاتية القارئ أيضاً ؛ وعليه فـ "باعتباري قارئاً ، فإني لن أعثر على نفسي إلاَّ بتيهي . تدخلني القراءة في تغيرات الأنا ، الواسعة الخيال . وتبعاً للعبة يكون تحول العالم هو التحول اللعبي للأنا أيضاً" .

ففي الخطاب الذي نحن بصدد الحديث عنه سنجد أنه خطاب داخلي وخارجي حامل لآثار معنوية بالغة الخصوصية ؛ إذ يكون الخطاب هنا ذا ازدواجية تواصلية بين الذات وخطابها من ناحية والذات والآخر (القارئ) من ناحية أخرى ، بحيث يتم التكييف السردي بناء على فهم افتراضي جزئي على الأقل ، فلو تأملنا نص (أقول وقد ماتت بقلبي حمامة) سنجد أنه يتخذ أشكالاً خطابية ذات بعدين ؛ إذ يبدأ النص بخطابه قائلاً : " أنا واثق أنكم لستم بحاجة لمن يسرد لكم حكاية تافهة عن حمامة ميتة ، لأن هذا أمر عادي . بل إن بعضكم قد يكون خارجاً الآن من مطعم فاخر بعد أن التهم وجبة حمام مشوي دسمة دون أن يرِّف له جفن أو يخطر بباله سؤال بسيط من قبيل : من أين جاء الحمام هذا كله؟..." ، فهو إذن خطاب قائم على التأثيرية المباشرة على القارئ خلال تكييف تلفظي منتظم ، بهدف إنتاج بنيات كيفية مستترة ، تصدر تنويعات نفسية بهدف الهيمنة القصدية على القارئ .
ليس ذلك فحسب بل إن الخطاب هنا سيلجأ إلى تمفصل شعوري ذاتي في شكل إحساس خالص ، شبيه " بمحاولة الإمساك بالدرجة الصفر للحيوي (الظاهر) الأدنى (للكينونة) ..." ،وهكذا سينتقل الخطاب إلى الذات في محاولة استمالة نفسية الآخر (القارئ) في : " ... حسناً . أنتم لستم بحاجة ، ولكني جدُّ محتاج لأسرد حكايتي قبل أن يتفاقم هذا الانهيار الذي أحسه يزلزل روحي من الداخل ..." ، وهكذا سينتقل الخطاب في أفق تأثيري واسع بين الذات والآخر في حالات من الدهشة والذهور ، بحيث يصبح الآخر (القارئ) أكثر طواعية في الإنصات والاندماج ضمن سياق النص.
سيحدثنا الخطاب في هذا النص عن واقعة تأثيرية حدثت للذات ضمن سياقات توترية لا واعية يقول : "... قبل عدة سنوات من الآن صببتُ جام غضبي على أولئك الذين يتلذذون بذبح العصافير ،ولم يدر في خلدي ساعتئذ أنه سيأتي عليَّ يوم أهرس فيه حمامة . نعم . هذا هو التعبير الدقيق . هرستها . ليس بيدي ، ولا برجلي . بل بعجلة السيارة ! موفِّراً لهذه المسكينة ميتة أشنع وأسرع ، تليق بالقرن الحادي والعشرين!". يتضاعف هنا توتر وتأثر الذات في الخلط بين القصدية التي يمكن أن تكون إرادة أولية أو معرفة مسبقة ، وما بين النفي لأحد الافتراضين والإثبات للآخر فإن الذات تسعى لإفراغ حمولتها النفسية خلال محاولة التكييف مع الحالة التوترية والتأثرية المتجهة نحو الآخر (القارئ).

ينفتح التوتر والتأثر في خطاب النص نحو الانفتاح على مستوى التواصل بين الذات والآخر ، وسنجده يعقد محاورة مباشرة بينهما في :" ... سأخبركم فقط عن وعيي . أنا لم أشأ أن أقتلها . قسماً برب الحمام والعصافير لم أشأ ذلك . من أراد فليصدقني، ومن لم يُرد فليصدقني أيضاً لأنني في هذه اللحظة بالذات أشعر بأنني أصدق من على وجه البسيطة . أنا أعرف مثلاً أن الإنسان يحتاج دائماً إلى من يخبره بأن فعلته ليست شائنة ، وأنهم لو كانوا مكانه لفعلوا الأمر ذاته ،ولكن صدقوني أنا لا أسرد لكم هذه الحكاية لهذا السبب .. ماذا؟! كأني أسمع أحدكم يزعق بي من بعيد : (تباً أيُّها السفاح ، لقد قتلت أفقر شاعر في الأرض ؛ الحمامة) . فلتقسُ عليَّ أيها الزاعق لأني أستحق أكثر من هذا ...".
إن الخطاب المنفتح هذا سيكشف عن انغلاقه الأخلاقي المخيب للأمل من قِبل (القارئ) ، وعن جماليات التلاشي التي ستدفع بالذات نحو تقديم خطاباً محايثاً مقابل لذلك الإنغلاق في محاولة للهيمنة التأثرية من خلال تقديم مجموعة من الانشطارات الخطابية وهي :
أولاً : العلاقة التي تربط الذات بـ (الحمام) في الفضاء العام ؛ "... وخاصة إذا عرفت أن علاقتي بالحمام لم تكن سيئة على الإطلاق...".
ثانياً:العلاقة التأثيرية التي تربط الذات بـ (الحمام) في فضاء الشارع ؛ "... حدث كثيراً فيما مضى أن اعترض طريقي سرب حمام أو عصافير ، وكنتُ أتعمد ألاَّ أخفض سرعة السيارة لثقتي التامة أن هذا السرب سيطير في اللحظة الأخيرة قبل أن أصدمه..." .
ثالثاً: الحالة المزاجية للذات ؛ "... غير أن المدهش في هذه الحكاية كلها أن هذا الصباح بالذات لم يكن مناسباً بالمرة لدهس حمامة. فأنا أولاً كنت بكامل نشاطي وتفتحي الذهني بعد أن تحصلت على سبع ساعات نوم كاملة لم أوتها منذ فترة طويلة ..."
رابعاً:الفضاء الذي تم اختياره لواقعة التوتر ؛ "... ثم إنني لم أكن أقود سيارتي في الشارع السريع الذي لا يتيح لي تفادي المفاجآت . بل إن السيارة كانت تمشي وكأنها لا تمشي في الزقاق القريب من بيتنا ..."
خامساً :قدرة الآخر على الانفلات من الواقعة ؛ "... لم تكن تعرج في مشيتها لأستنتج أن عطباً ما أصاب جناحيها ..."

كل تلك الانشطارات التبريرية الواعية تحاول إسقاط هيمنة واضحة على القارئ ضمن سلسلة من التكرارات ، التي ستنتج إنصهاراً تبتعد الذات بعدها نحو الخطاب النصي البحت ، الذي يتوجه نحو الداخل لمحاولة لكسب امتلاء توترتي يصعِّد التوتر إلى حالاته القصوى ليكون الخطاب بين الذات ونفسها في حالة من التجلي القصوى ؛ يتضح ذلك من خلال النص في مثل :"... عندما اقتربت منها كثيراً بحيث أصبحت في منتصف المسافة بين الإطارين الأماميين لم أرَ شيئاً يحلق في الفضاء كما كنتُ أتوقع . لماذا لم تطر؟! هل كانت تنوي الانتحار؟! هل كانت تتحداني ؟! هل تجرؤ؟! لا أحد يستطيع أن يحزر ما يمكن أن تفكر فيه حمامةٌ ذاهبةٌ للموت في الصباح الباكر "
وهكذا سيسرد لنا الخطاب تلك السيرورة العرضية للواقعة الخطابية حتى يوصلنا إلى حالة من الاستقرار المؤقت لكل تلك الانشطارات لتقرر الذات واعية (أنا متأكد إنني دهستها...) ، لكن ذلك الاستقرار لن يدوم طويلاً إذ تبدأ حالة توترية يسقطها الخطاب ويدفعها نحو الآخر ؛ " ... ولكن لا أدري أية فكرة جهنمية هذه التي واتتها وهي في النزع الأخير كي تمنعني من رؤيتها تموت".
وللوصول إلى موضوعات الخطاب التي يقوم عليها النص فإنه يرسم مساراً معقداً ، يلقى في طريقه عوائق عليه تحملها ، و"يلقى اختيارات يستحسن أن يوظفها . ولكي نعطي فكرة أولى عن هذا المسار ، يمكن الاعتبار بأنه يقود من المحائثة إلى التمظهر في ثلاث مراحل أساسية :

- البينيات العميقة : التي تحدد كيفية الوجود الأساسية للموضوعات السيميائية ، فكما نعرف فإن المكونات الدنيا للبنيات العميقة لها هيئة منطقية قابلة للتحديد .
- البنيات السطحية : وتشكل نحواً سيميائياً ينظم في شكل خطابي المحتويات القادرة على التمظهر . منتوجات هذا النحو مستقلة عن التعبير الذي يمظهرها ، بما أنها تستطيع نظرياً أن تظهر من خلال أي مادة ، وفيما يخص الموضوعات اللسانية فإنها تظهر من خلال أي لغة .
- بنيات التمظهر : تنتج وتنظم الدوال ، مع أنها تستطيع أن تشتمل على شبه كليات ، فإنها تبقى خاصة بهذه اللغة أو تلك (أو بصورة أدق ، إنها تحدد خصوصيات اللغات) ، وبهذه المادة أو تلك ."

تتضح تلك التمظهرات في موضوعات التواصل الذاتي والبينذاتي التي تظهر في نص (المنبه) ، الذي يكون فيه (المنبه) لكسيماً أساسياً في إحداث العلاقات التي تشكل الخطاب ؛ ففعل الخطاب هنا ليس مجرد لحظة منفلتة أو زائلة ، بل هو فعل متكرر بموضوعات متعددة ، ليصبح (الخطاب) - بوصفه واقعة - صياغة على نحو أكثر جدلية من ناحية العلاقة التي تشكل الخطاب بذاته ، وهي العلاقة بين الواقعة والمعنى ، ففي :"قبل أن ينام تأكد أن المنبه مضبوط على السادسة . يدرك عبد الفتاح المنغلق أن وضع الرأس على الوسادة في حالة إنهاك شديد لا يمنع إطلاقاً حضور صورة المدير العام ..." ، يظهر الخطاب بوصفه واقعة ، ويُفهم بوصفه معنى ، أي المحتوى الخبري الذي يريد الخطاب إيصاله قصداً ، وحاصل هذا التأليف أن تتشكل وظيفتان للخطاب ؛ هما تحقيق هُوية الخطاب وإسناده ، فـ "ليست الواقعة من حيث هي زائلة ما نريد أن نفهمه بل معناها " ، وهي وقائع قائمة على (الأحلام) وهي كما يعبر النص " مفتوحة على جميع الاحتمالات"

وعليه فإن الخطاب هنا يتوجه في إسناد واضح نحو ما يطلق عليه ريكور (قضية أولية أخلاقية واجبية) ، معنى ذلك أن سلطة اللكسيم (المنبه) إنما نابعة من كينونته النفسية لدى الذات (عبد الفتاح) ، وهي كينونة تعكس فلسفة أخلاقية تلامس الكلية (الكونية) ، ولذلك فإن " الإلزام الأخلاقي الواجبي ليس بدوره من دون صلات تجمعه مع استهداف الحياة الجيدة الخيرة " ، إذ يربط ذلك اللكسيم الذات بالعالم الكوني حوله حيث يربطه بمكان عمله بواسطة عتبة مهمة هي (المدير العام) ؛ فالخطاب الذي يؤسسه النص في تلك العلاقة خطاب قائم على التوترية والقلق ، ففي " قال المدير العام : سأقتلك بهذه الحربة أيها المتسيب . صرخ عبد الفتاح مفزوعاً وهبَّ واقفاً على الفور . تأكد أن المنبه مضبوط على السادسة ..." ، فالتخطيب الذي يعتمده النص هنا هو التجسيد الفعلي لاستحضار الواقعة مستعين بالأبعاد التاريخية والثقافية للذات باعتبارها أوليات في تقابلها مع الكونيات التي تشكل سجلاً لبنيات قابلة للتعميم ضمن سياق العلاقة بين الموظف ورئيسه .

وتلك الأبعاد هي التي ستأخذ الذات إلى منصة الحكم ضمن بؤرة التدخل المستمر بين البنيات المستحضرة والبنيات القابلة للإدماج في تلك النوبات الحُلمية التي تؤسس خطاب هذا النص ، ولنسمعه يقول :"... أنا بشر يا سيادة القاضي ، وليس عدلاً أن أؤخذ بجريرة آلة غبية..." ، مما سيؤثر في تأطير الإدراك الحسي وتعزيزه بالتوترية ، فيحدث نفسه رغم ابتسامة القاضي بأن "... هذه ابتسامة جزار على وشك أو يذبح نعجته ، فقرر أن يستيقظ ليتأكد أنه ضبط المنبه...".

بفعل هذا الإدراك الحسي نشأت تلك العلاقة التوترية بين الذات و(المنبه) ، وسيظل هذا التوتر على الرغم من أن الانفعال سينقل الذات من فضاء توتري إلى آخر أقل توترية في تجلي الانفعال نحو موضوع جديد هو تلك العلاقة التي تربط الذات بالآخر (الأم) . ولأن (الأم) هنا لا تشكل ذاتاً توترية بالنسبة للذات بل هي حالة من حالات الاطمئنان النفسي التي ربما أرادتها الذات بشكل غير واع في فضاء هذه التوترات ، إلاَّ أن الخطاب التوتري سيهيمن على تلك العلاقة ليسمعها تقول : " أريدك أن تتزوج يا بني . قلبي يحدثني أن المنبه غير مضبوط .ولأنه يطمع في الجنة التي تحت قدميها فقد قام وتأكد أن المنبه مضبوطاً ...".

إن ما تمر به الذات في هذا النص إنما هي ارتجاجات متواصلة تظهر في متغيرات ، وتتداخل ضمن إجراءات تتغير كثافتها بتغير الآخر الذي تتواصل معه الذات ضمن اللكسيم (المنبه) ، لنجده الآن ضمن متغير جديد وذات جديدة هي (الحبيبة) ، ليدخل ضمن فضاء (الحلم) ليرى " أن عيني حبيبته جميلتان ، وكذلك شفتيها ، وهي تقول : إنها لا تحب الكسالى وأن لديها ساعة بيولوجية مضبوطة . كان يقود السيارة بسرعة فيما يتأمل العدسات اللاصقة ..(انتبه حبيبي) . يعلم عبد الفتاح المنغلق أنه لكي ينتبه المرء لابد أن يكون المنبه مضبوطاً ...".ليشكل ذلك تحديداً معرفياً لمدى التوترية التي يركزها الخطاب في الذات ، فهي حالة من حالات ارتجاج التوتر وتركيزه واتساعه في أفق كوني أرحب متمثل في (الشارع) والأفق المحيط به ، ليجعل من هذا الأفق موضوعاً للتوتر بالعودة إلى اللكسيم (المنبه) ، فالخطاب يربط بين (الانتباه) ، و(المنبه) من حيث أنهما وهج التوتر لدى الذات.
وهكذا سيتحول الخطاب فجأة وبدون مقدمات من وهجه التوتري إلى عمق التكييفات التي تُخرج الذات من حالة التوتر إلى حالة الاطمئنان ، وهذه الحالة لن تكون إلاَّ ضمن سياق يشكل بؤرة تلك التوترات وهذه التكييفات وهو سياق العمل الذي يقرر الخطاب بأنه "... سوف ينال رضا مديره العام الذي لن يكتفي بترقيته ، بل سيستغل علاقاته الأخطبوطية ليظفر له بقطعة أرض سكنية تجارية قرب شاطئ القرم ". وعليه فإن هذا الخطاب سيشكل المتخيل المرسوم في عمق أفق الوجود التخيلي الراهن الذي يمثل أفق التوترات ليشوش على تلك التمظهرات المقلقة ، ويدمر الامتلاءات التوترية ويحوِّلها مكافأة في حالة من حالات الممارسة الافتراضية من قِبل الذات الأخرى (المدير العام).
إن سلطة التوتر ستتبع الذات حتى عندما يكون خارجاً بعيداً عن السياق التوتري فـ " في الخامسة والنصف تماماً ارتدت الدشداشة عبد الفتاح المنغلق واعتمره المصر الأخضر ذو الخطوط المزركشة . كانت الساعة وهو يغادر الغرفة السادسة إلاَّ عشر دقائق . فكر عبد الفتاح وهو يدخل من باب المؤسسة أن المنبه سينسى هذه المرة أيضاً " ، فالذات هنا غير قادرة على الانفلات من ربقة اللكسيم ، لتستمر التوترية في دينامية متحركة ومستمرة بحيث تتعالى على محفل الخطاب لتسيطر على الذات ضمن تصاور توتري عميق .
الثالث : البرامج السلطوية للخطاب
"... إن اللغة في كل لحظة ، تقتضي أمرين متلازمين ؛ نسقا أو نظاماً قاراً ثابتاً ومتطوراً معا" ، ولهذا هي متولدة ناشئة بين هذا النسق وبين تاريخه أي بين ما يوجد عليه الآن وبين ما كان عليه ،وهو ما يشكل المعاني ضمن نسق الخطاب الخاص بكل نص؛ إلاَّ أن لمفهوم (المعنى) تأويلين يعكسان الجدل بين الواقعة والمعنى ؛ إذ يعني (المعنى) ما يعنيه المتكلم ، أي ما يقصد أن يقوله ، وما تعنيه (الجملة) أي ما ينتج عن الاقتران بين وظيفة تحديد الهُوية ووظيفة الإسناد ، (المعنى) إذن "... عبارة عن تعقل صوري وتعقل مضموني خالص معاً ..." ، وبهذا يمكن الربط بين إحالة الخطاب هنا على (الذات) ،ولذلك فإن النظام أو الشفرة يشكل أمراً افتراضياً بالنسبة للآخر .
عندما نتحدث عن البرامج السلطوية التي تفرض هيمنتها على خطاب النص فإننا بلا شك سنتحدث عن الأفعال التمريرية التي تميز الوعد عن الأمر ، أو الرغبة أو الإثبات . وقوة هذه الأفعال التمريرية تمثل جدل الواقعة والمعنى ، بحيث تتطابق قواعد معينة مع قصد معين تعبر من أجله الأفعال التمريرية عن قوتها المميزة ، " ... ما يمكن قوله بمصطلحات نفسية كالاعتقاد والطلب والرغبة ، يكسى بوجود دلالي بفضل التطابق بين هذه الوسائل النحوية والفعل التمريري." ، إننا إذن سنبحث عن تلك السلطة التي تمثلها الرغبة الجامحة في تحقيق هدف ما ولا أدل على ذلك من نص (امبااااع) الذي يطالعنا منذ بدايته ضمن برنامج استهوائي صريح يربط بين الكينونة والفعل ليؤلف توليفاً قابلاً للتغير على مستوى الذات ومستوى الفعل ؛ إذ يبدأ النص " ثغت الشاة . سقطت دمعة من عين عبد الفتاح المنغلق على حافة السكين المشحوذة بعناية . قبل عشرين سنة كان عبد الفتاح يحب العيد ، وخاصة حين يطلق مفرقعاته في المصلى بانتظار انتهاء الخطبة . قبل ثلاث سنوات فقط بات المنغلق يتشاءم من العيد .. تحديداً منذ قال له أبوه : فضحتنا قدام الخلق..."

هكذا يبدأ النص بعلاقة التوتر التي تربط (الذات) عبد الفتاح ، والفعل (فضح) الذي سوف يكشف عن تجليات مهمة في سياق سلطته على الخطاب ؛ فالذات هنا تتجسد في ذات إجرائية واقعة تحت هيمنة الفعل وسطوته من ناحية ، وهي تعبر عن الموضوع الذي يحيل عليه الفعل ، للوصول عبر مجموعة من التوترات إلى غاية أو أثر ، ليوصلنا ذلك إلى ما يسمى بـ (القيمة) على اعتبار أنها " موضوع يعطي معنى لمشروع حياتي (توجه أكسيولوجي)، وموضوع يستقبل دلالة من خلال الاختلاف في تقابله مع موضوعات أخرى..."
وعلى ذلك فإن سطوة هذا الفعل وهيمنته ستظهر في النص سريعاً ؛ ففي ذكر سياقها يقول المعمري :" ...قالها أبوه في ثالث أيام العيد ، عندما كان أهل القرية مجتمعين لتناول وجبة الشواء في سبلة الشيخ سعدون بن خويطر . قال الشيخ لأبي عبد الفتاح ما شا الله شواكم لذيذ ، باين عليه التيس إللي ذبحه عبد القادر كان كبير) . قال الأب : أنا إللي ذبحت التيس.لم يفهم الأب مغزى تعليق الشيخ إلاَّ حين سمع رد هذا الأخير على طلبه الذي طلبه قبل أسبوع من العيد . أثناء شرب الشاي . وعلى مرأى ومسمع كل من كان في المجلس قال الشيخ : الظاهر ما في نصيب يا بو عبد الفتاح ... أيش فيه ولدي يا شيخ ؟ رد الشيخ بصرامة : إللي فـ حياته ما ذبح هايشة كيف أستأمنه على بنتي؟!...". هذا الخطاب لا يفصح فقط عن الفعل (فضح) بل عن توترات تجسيده وإظهاره على سطح الخطاب ، لينتج في سياقه الخطابي نظيراً مراقب له هو الفعل(ذبح) .
فهذا الخطاب يكشف عن بنيات سجالية – تعاقدية تربط بين الفعل (ذبح) ، والفعل (فضح) في سجال توتري قابل للتصدع والانشطار يكشف عن سلطة متجاذبة بين (القوة) و(الضعف) الاستهوائيين اللذين يصارعان من / إلى الاستقطابات المجتمعية التي تدفع الآخر (الأب والأم) إلى إحداث توتيرات مقابلة تحت وطأة تلك الاستقطابات فقد " ... اسوَّد وجه والد المنغلق ، واعتزل الناس ستة أشهر بعد تلك (الفضيحة) . وقال لولده بصوت متهدج : قلبي ما راضي عليك لين أشوفك تذبح ، قالت الأم : يا ولدي ما يجوز تغضِّب بأبوك : التيس إللي بتذبحه ما أهم من أبوك ...". إن (الذات) ضمن هذا الخطاب ليست تحت وطأة الفعل فحسب بل إن وطأة تلك الاستقطابات تدفعه خارجاً نحو إنجاز الفعل ، بينما تمنعه تلك التوترات النفسية العاطفية داخلاً نحو الامتناع ؛فـ " عبد الفتاح المنغلق يعي جيداً أن والده أهم من التيس ، المسألة فقط أنه أجبن من أن يذبح دجاجة ! ..." ، وبهذا فإن هذا التجسيد يؤكد الانشطار ويثبته ، لتكون الوظيفة الأولى لتلك العملية التكيفية هي نفي الواجب المجتمعي (الذبح) من خلال الإرادة ، وستتابع الانشطارات حتى نحصل على محور الكيفية الخارجية (المصدر) وهي كيفية خاصة بالذات بوصفها ذاتاً تابعة لتعاليم الواجب - محور الكيفية الداخلية المصدر - ،وهي كيفية خاصة بالذات المستقلة التي يريدها الذات أن تكون .

إن لـ (القيمة) في هذا النص سلطة خطابية ظاهرة ؛ إذ إليها تعود كل تلك الانشطارات ، ومنها تنشأ كل التكيفيات التي تحاول الذات إنتاجها من أجل الوصل إلى غاية التكييف معها ، ومع الذوات المجتمعية ؛ ولذلك سنجد أن هذه القيمة تلاقي توترات مع الذات من ناحية ومع النظير القيمي من ناحية أخرى ما بين جذباً و نبذاً ، ولعلنا نلاحظ ذلك ملياً في خطاب النص فـ " قبل ثلاث ليال من العيد الذي تلا عيد الفضيحة قال الأب لابنه : ستذبح. ولما لم يذبح عبد الفتاح تقدم مسعود بن بشير لخطبة ابنة الشيخ ، فكان أن رُفِض... قبل ثلاث ليالٍ من العيد الثاني بعد الفضيحة قال عبد الفتاح : ما أنا بذابح . فكان أن تقدم راشد بن منصور لخطبة العنود ، فتم رفضه ... قبيل هذا العيد ، والذي يأتي ثالثاً بعد الفضيحة قال الأب : إذا لم تذبح فاخرج من بيتي . وقالت العنود : إذا لم تذبح فاخرج من قلبي ...".

هكذا إذن تنتهي لعبة الجذب والنبذ ، وتبدأ الكيفية الانتقالية من الحالة السجالية – التعاقدية إلى إفراغ حمولتها جميعاً نحو الذات، لتصبح مثقلة بالانشطارات التوترية ، لتكون – بحسب القيمة – ذاتاً محققة لمعيارية تلك الكيفيات عبر المرور بحالة من العجز فقد " ... بكى عبد الفتاح وارتمى في حضن أمه التي قالت : يا ولدي كل شي في بدايته صعب ألين تتعود ..." ، لتستجمع بعدها الذات أدوارها الكيفية وتحقق القيمة .
أما خطاب نص (العزاء) فإنه يطالعنا بمتغيرات وأشكال هيمنة توترية مختلفة ، فهذا النص يعتمد على القيمة السردية ، بحيث يمكننا أن نعتبره كشفاً عن أسلوب سلطوي جديد ؛ إذ يبدأ النص بحالة من التوترية الدنيا ، فيبدو الوهج خافت في :"قبل أن يدخل نظر إلى حذائه نظرة مودع ، ولكنه سرعان ما طرد الهاجس بالتفكير أنه في زحمة كل هذه الأحذية الجميلة لا يمكن أن يكون السارق غبياً ليختار أكثرها تواضعاً " ؛ إذن هو توتر يبدأ منذ بداية النص في محاولة لتوهج الخطاب الداخلي في النص ، والخارجي نحو القارئ.
" ... شعر عبد الفتاح المنغلق بالزهو ، وهو بكلمتين فقط أنهض كل من كان جالساً في الجامع . قال في نفسه وهو يمد يده إيذاناً ببدء مهرجان التصافح : (أنا شخصية) . أيادٍ كثيرة كان على عبد الفتاح أن يصافحها..." ، يبدو الفعل هنا فعل خالص ، فهو فعل بامتياز من ناحية هيمنته على الذات الفاعلة ؛ فالفعل (شعر) يُجسد الذات بوصفها موقعاً يحيط بمنطقة فئة فضائية . إن الفضاء هنا باعتباره قيمة يندرج كلية في حس الذات المتؤثرة التي أصبحت ممتلئة شعورياً ، فهي إذن ضمن هذا السياق حس ذاتي يقع تحت سلطة الفضاء المكاني والزماني الذي يجعله (يشعر بالزهو) الشعوري التوتري ؛ فالفضاء هنا هو من يتحكم في استهواء الذات الفاعلة لتشعر بهذه النشوة.
وعلى الرغم من زهو النص وتوهجه بالثروة اللغوية التي تتجسدها الذات ، إلاَّ أن تلك الثروة لن يكون لها تأثير كبير سوى على مستوى التصنيف المقولي حين "خطر له في تلك المهمة تساؤل حرَّاق ؛ كيف لي أن أصافح كل هذه الأيادي من غير أن أتحوَّل إلى ببغاء؟! . فعمد إلى الاكتفاء بمصافحة البعض دون أن ينبس بكلام ، جاعلاً هذا الصمت كفاصلة بين عبارتين ..." ؛ هكذا ستتوجه الذات نحو التكييف النفسي واللفظي بحيث يستطيع الإمساك بفعل الكينونة الإدراكية التي تمكنه من الهيمنة على سياق الخطاب في فضائه الجديد لذلك فإنه قرر "... أن يحتفل بطريقته الخاصة ، فهتف بصوت تعمَّد أن يكون عالياً : (أحسن الله عزاكم جماعة) ..." .
تتمركز الذات الفاعلة هنا في الفضاء المكاني والزماني (الآن) ضمن نسق توتري تحاول خلاله الوصول إلى الامتلاء التوتري والقوة التي تمكنها من الوصول إلى الهيمنة فـ " ... ساعده أحدهم – وهو على ما يبدو أحد أقرباء الميت – فأفسح له مكاناً في صدر المجلس . وها هو عبد الفتاح يصبح واحداً منهم . يده من أياديهم ، لها ما لها من تمر وقهوة مُرة ، وعليها ما عليها من ضغط ومن هزٍّ كما تُهزُّ يانعات الثمار...". ستكون الذات الفاعلة هنا حالة وسط سياق فضائي جديد ، هي إذن (حالة نفس) ولابد أن تكون مؤهلة في أفق الفعل ،وهذه الأهلية الكيفية ذاتها تخضع لتحول الفضاء وذواته التي تحاول إدماجه ضمن الفضاء الداخلي المنسجم للخطاب .

ستشتغل الذات الفاعلة على (الحس) لتأسيس خطاب قائم على التصدي للتوترات ، إنها حالة من الاستقرار المؤقت خاضع للتغيير وعُرضة للتشويش عن طريق التوْجِهة والتكييف ، ولذلك فإن الخطاب هنا سينطلق من حالة الآخر التي ستشكل توتراً جديداً يمثل ارتجاجات متواصلة تحاول الذات الإمساك بها في شكل متغيرات خاصة بكثافة وتداخل الإجراءات التي يمكن اعتبارها (توجهة) ؛ حيث " اقترب شيخ عجوز وهمس في أذن عبد الفتاح : جبت علوم ؟ لا ما جبت . ما حد تعاضل؟ لا ماحد...يعرف المنغلق أن عليه الآن أن يرشق الشيخ بسؤال : ومن صوبكم؟ ليتأكد هذا الأخير أنه من قبيلة محترمة . ولكن غيضاً ما بداخله هتف ؛ لا تفعل ...". إنها إذن حالة صراع نفسي داخلي في محاولة لاستقرار ذاتي قائم على إنتاج تمفصلات دلالية تمسك بالخطاب الظاهر للسياق ، على أن جزء من ذلك الخطاب افتراضي يمسك بظاهر الكينونة ويُسقط خطاباً لتسويغها ، ولذلك يعمد النص إلى إيضاح تلك الكينونة في شكل (خطاب شارح) يقحمه على الخطاب ، في محاولة لإيصال (القارئ) إلى شروط إنتاج الدلالة التي يريدها هو ، لذلك نجده يوضح أن :"عبد الفتاح ليس من هذه القرية . بل كان ماراً بالصدفة حين رأى السيارات الكثيرة أمام باب الجامع في غير ما وقت صلاة . قال في نفسه: السيارات الكثيرة في النهار تعني عزاء ، مثلما تعني السيارات الكثيرة في الليل عرساً . ولأن المنغلق يعتبر العزاء موقفاً ضد الموت فقد ترك سيارته في موقفها وترجل ليسجل موقفه..."

يعتمد برنامج سلطة الخطاب في هذا النص على ظاهر الكينونة التي توجدها الذات كما رأينا وهو ظاهر قائم على الممارسة الإجرائية مباشرة ؛ فينتقل من ارتجاج إلى آخر عن طريق إسقاط بنيات للمنفصل لكي تتكفل الذات الفاعلة ضمن هذه الارتجاجات من الانعطاف زمانياً ومكانياً من خلال كيفيات الفعل التوتري ، لذلك سنجده ينعطف ضمن مجموعة من التوترات الارتجاجية في خطاب يشكل بصرياً سياقاً واحداً ، وهي:
أولاً : ارتجاج عاطفي ؛ " كانت عيناه عسليتين . ألهذا إذن تذكر عبد الفتاح حبيبته؟! .. (قالت يوماً : ربما كنت الإنسان الوحيد في هذا العالم الذي يمجد الشخير ولا يستاء منه) . لم يندهش ، فقد أخبرته ذات حزن أنها مذ رأت أباها في رقدته الأخيرة وهي تحملق بتركيز شديد مشوب بالقلق في كل من تراه نائماً..."
ثانياً: ارتجاج مجتمعي ؛ "... مسح عبد الفتاح المستطيل الطويل بعينيه فلاحظ أن الجميع تقريباً يحمل عصا طويلة ورفيعة في يده . تمتم في سِّره : (تا الله إن الموت لا تخيفه عصا لو كنتم تعلمون).."
ثالثاً : ارتجاج فضائي ؛ " ... وحين تناهت إلى أذنه أبيات (الميدان) التي كان يتبادلها المعزيان المقابلان له أدرك المنغلق أن عليه أن يغادر المكان"

إن ظاهر الكينونة الذي فرض كل تلك الارتجاجات التوترية يسيطر على خطاب النص ، لتبدو الذات هنا ممتلئة تماماً إلى أن تخرج من ربقته وسيطرته ، لنجده يضعنا أمام تمفصل كينوني يفصل الذات الفاعلة عن حالة الفعل الذي تأسس على النص ؛ إذ " ...فكر وهو يدير محرك سيارته قافلاً إلى بيته في القرية المجاورة أنه دخل وخرج ولم يعرف من الميت". إنه – أي الخطاب – يعيدنا بذلك إلى نقطة تأسيس النص .
على سبيل الختام

إن الخطاب من حيث هو واقعة ؛ أي من حيث هو وظيفة إسناد متداخلة ومتفاعلة بوظيفة هوية هو شيء مجرد ، يعتمد على كل عيني ملموس ، هو بذلك الوحدة الجدلية بين الواقعة والمعنى في الجملة ، وقد تتمعن مقاربة نفسية أو وجودية تركز على تداخل الوظائف ، واستقطاب التحديد المفرد والإسناد الكلي ، في هذا التشكيل الجدلي للخطاب ؛ فالتركيز على المفهوم المجرد للواقعة الكلامية لا يبرر إلاَّ اتخاذها وسيلة احتجاج على اختزال أكثر تجريداً للغة من حيث هي لسان ، لأن فكرة الواقعة الكلامية تذكرنا أن الخطاب يدرك زمنياً وفي لحظة آنية ، في حين أن النظام أو النسق اللغوي افتراضي وخارج الزمن ، "...لكن ذلك لا يحدث إلاَّ في لحظة التحرك الفعلي والانتقال من اللغة إلى الخطاب..."

إن إرادة المعرفة التي تسعى إليها الذوات والمجتمعات ، وما يرتبط بها من استراتيجيات واستراتيجيات مضادة ، تعتبر الوجه الآخر لإرادة السلطة والهيمنة التي تخترق الوجود الإنساني وتحتويه ، ولذلك فإن ممارسة الخطاب بوصفه نوع من التفاعل بين فعل التفكير وفعل الكلام سيجعل "... الخطاب فكراً مكسواً بعلاماته ، فكراً جعلته الكلمات مرئياً ، أو على العكس من ذلك ستكون هذه الكلمات هي نفس بنيان اللغة المستعملة والمنتجة لمفعول المعنى" ، ولذلك فإن الخطاب بما يحمله من فكر يهيمن على النص ، وعلى الذوات المشتغلة في سياقاته ، بل على السيرورة السردية كلها داخل النص لتسقط بدورها تلك الهيمنة قصدياً أو لا قصدياً على المتلقي ، كما هو الحال في تلك النصوص التي حاولنا هنا سبرها . فما قمنا به في هذا البحث لا يمثل إلاَّ محاولة للاشتغال على الخطاب المهيمن على النص والمندفع من هوى ذاتي أو مجتمعي بوصفه مؤسس لفكر ما . إنها أفعال خطابية هووية تنتقل من حالة إلى أخرى ضمن سياق خطابي معين في محاولة لتجسيد التوترات باعتبارها توجيهاً وهو شرط أساسي ليكون الاستهواء قادراً على تجسيد ذلك التركيب الذي وقع فيه هذا الفعل الخطابي أو ذاك .

مراجع :
فوكو . ميشيل ، نظام الخطاب، ترجمة محمد سبيلا . دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، 2007م. ص 66. و
Wodak .Rush and Paul Chilton , A New Agenda in Critical Discourse Analysis . John Benjamins Publshing Company , Amsterdam , philadelphia,2005.p283-309.
اقترح ريكور ثلاث سمات مميزة لنظرية الأثر الأدبي . في البداية ، كون الأثر متوالية أطول من الجملة ، وتثير مشكلة جديدة للفهم ، تابعة للكلية النهائية والمغلقة التي يشكلها الأثر كأثر . ثانياً ، يخضع الأثر لشكل تقنين ينطبق على البناء نفسه الذي يصنع الخطاب، سواء كان رواية ، قصيدة ، أو بحثاً ، إلخ ؛ هذا التقنين هو ما عُرف باسم النوع الأدبي ؛ بعبارة أخرى يعود أمر التصنيف في نوع أدبي ما إلى الأثر نفسه . وأخيراً فالأثر يستقبل تشخيصاً ريداً يماثله بفردٍ ما نسميه أسلوباً . انظر ريكور . بول ، من النص إلى الفعل ، ترجمة محمد برادة ، وحسان بورقية . عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية ، القاهرة ، 2001م . ص 82.
Wodak.ruth.Methods of critical discourse analysis . Ibid. P123-124 .
Wodak.ruth.Methods of critical discourse analysis Ibid. P123.
كورتيس . جوزيف ، مدخل إلى السيميائية السرية والخطابية ، ترجمة جمال حضري . الدار العربية للعلوم ناشرون ، 2007م . ص 144.
ريكور ، من النص إلى الفعل ، مرجع سابق . ص 167.
Widdowson . H.G , AN Applied Linguistic Approach To Discouse Analysis . Unpublished Ph.D . thesis , Department of university of Edinburgh , May 1973. P 10-13.
وانظر ، دي سوسير ، فرديناند ، محاضرات في علم اللسان العام ، ترجمة عبد القادر قنيني . أفريقيا الشرق ، الدار البيضاء ، 2008م.ص
ريكور ، من النص إلى الفعل ، مرجع سابق . ص 79-80.
كورتيس ، مدخل إلى السيميائية السرية والخطابية ، مرجع سابق . ص 149 . و
Wodak.ruth.Methods of critical discourse analysis . Ibid. P124.
ريكور ، من النص إلى الفعل ، مرجع سابق. ص 80.
للتفريق بين الخطاب الشفاهي ، والخطاب المكتوب ، انظر
Brawn.Gillian , George Yule , Discourse Analysis . Cambridge university press, New York ,1983.p10-13.
غريماس . ألجيرداس ، جاك فونتيني ، سيميائيات الأهواء (من حالات الأشياء إلى حالات النفس) ، ترجمة سيعيد بنكراد. دار الكتاب الجديد المتحدة ، بيروت ، 2010م . ص 101.
ريكور ، من النص إلى الفعل ، مرجع سابق. ص 127.
خليل . إبراهيم ، في نظرية الأدب وعلم النص (بحوث وقراءات) . الدار العربية للعلوم ناشرون ، بيروت ، 2010م . ص 220.
حيمر. عبد السلام ، في سوسيولوجيا الخطاب . الشبكة العربية للأبحاث والنشر ، بيروت، 2008م. ص 223. و
Paul Gee . James, An introduction to Discourse Analysis (Theory and Method) . Routledge ,Taylor & Francis Geoup . Landan and New York , 1999. P61.
ريكور ، من النص إلى الفعل ، مرجع سابق. ص 107.
المرجع السابق نفسه . ص 107.
فونتاني . جاك ، سيمياء المرئي ، ترجمة على أسعد ، ط2 . دار الحوار ، سورية ، 2003م . ص 43.
المعمري . سليمان ، عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل ، الانتشار العربي ، بيروت ، 2009م. ص 17.
المرجع السابق نفسه . ص 25.
فونيني . سيماء المرئي ،مرجع سابق ، ص 17 .
المعمري ، عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل ، مرجع سابق. ص 13.
تودروف . تزفيطان ، الأدب في خطر ، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي . دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، 2007م . ص 45.
خالفي . حسين ، البلاغة وتحليل الخطاب . دار الفارابي ، بيروت ، 2011م . ص 39.
ريكور ، من النص إلى الفعل ، مرجع سابق . ص 90.
المعمري ، عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل ، مرجع سابق. ص 49.
غريماس ، سيميائيات الأهواء (من حالات الأشياء إلى حالات النفس) ، مرجع سابق . ص 69.
كورتيس ، مدخل إلى السيميائيات السردية والخطابية ، مرجع سابق. ص 166 .
المعمري ، عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل ، مرجع سابق. ص 33.
ريكور . بول ، نظرية التأويل (الخطاب وفائض المعنى) ، ترجمة سعيد الغانمي ، ط2 . المركز الثقافي العربي ، بيروت ، 2006م. ص 38.
المعمري ، عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل ، مرجع سابق. ص 33.
ريكور . بول ، الذات عينها كآخر ، ترجمة جورج زيناتي . مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 2005م. ص 397.
المرجع السابق نفسه . ص 400.
دي سوسير ، محاضرات في علم اللسان العام ، مرجع سابق. ص 22.
ريكور ، نظرية التأويل (الخطاب وفائض المعنى) ، مرجع سابق. ص 39.
المرجع السابق نفسه .. ص 42.
المعمري ، عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل ، مرحع سابق. ص 9.
غريماس ، سيميائيات الأهواء (من حالات الأشياء إلى حالات النفس) ، مرجع سابق. ص 95.
المرجع السابق نفسه . ص 12.
المرجع السابق نفسه . ص 55.
المرجع السابق نفسه . ص 57.
ريكور ، نظرية التأويل (الخطاب وفائض المعنى) ، مرجع سابق. ص 37.
فوكو ، نظام الخطاب، مرجع سابق . ص 34.
__________________
ديواني المقروء
رد مع اقتباس