| 
				 نظرة جمالية لـــ قصيدة نبطية 
 
			
			
 نظرة جماليــــــــــــــــــــــــــــــــة لقصيدة نبطية
 
 لوعة المغرم : كلمات: أحمد الناصر الشايع   ألحان وغناء : خالد عبدالرحمن : مخاوي الليل
 
 
 قلادة من قلائد الشعر النبطي ، وذخيرة من ذخائره النفيسة ، ومعلقة من معلقات الشعر النبطي ، جاءت
 من ضمن أربع قصائد وقع عليها  الاختيار في جريدة الرياض : في عددها (16456) الأحد 5 رمضان
 
 1434 هـ - 14 يوليو 2013م
 وكانت على التوالي :
 القصيدة الأولى : للأمير الشاعر: محمد الأحمد السديري  : من طرق المسحوب
 
 يقول من عدى على راس عالي**رجم طويل يدهله كل قرنـــــاس
 
 والقصيدة الثانية :  هي لأحمد الناصر الشايع ، طرق الشيباني أو اللويحاني : لوعة المغرم
 
 أعالج لوعة المغرم وتكـــــــبر لهفــــــــــة المشتاق**بحسن رضاي أسوق خطاي أقدّم رجلي وافهقها
 
 والقصيدة الثالثة التي وقع عليها الاختيار ، فهي قصيدة لخلف بن هذّال العتيبي ، وهي من طرق المتدارك الفصيح ، وحسب دائرته العروضية :
 فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن ** فاعلن فاعلن فاعلن  فاعلن ، ويطلق عليه في الشعر النبطي : طرق الرجد وهي :
 ياحبيبي ترى القلب بعدك سرح وانجرح جرح ماشفت مثله جريح**المحبّه تجرّ المواليف جرّ الشجر وأنت الأرواح جرّيتها
 ويلاحظ هنا أن فاعلن جاءت ثماني مرات في كل شطر .
 
 أما القصيدة الرابعة  ،فهي للأمير : خالد الفيصل ،  حيث حوت على التأمل والحكمة ، التي سارت بها
 الألسن، وقد جاءت على لحن الهجيني الطويل وتفاعيله :
 مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعل** مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعل  : الموافق للبحر البسيط  ، وهي :
 
 من بادي الوقت هذا طبع الايامي** عذبات الايام ما تمدي لياليها
 
 لوعة المغـــــــــــــــــــــــــــــرم :
 الشاعر المعروف: أحمد الناصر الشايع ، قدم لنا عملا أدبيا خالدا ، إذ عدت هذه القصيدة من أجمل
 أربع قصائد وقع الاختيار عليها ، فيها وصف لبعض ظروف الحياة ، وتحليل لمجموعة من الحكم والصور الجمالية التأملية ...
 القصيدة كما أسلفت ، ليست من أفضل ما قاله الشاعر ، إلا أن اختيار هذه القصيدة جاء لما تضمنته
 من وصف للحياة ،  ضمنها الشاعر مجموعة من الحكم ، إضافة إلى براعته في الوصف ، والتصوير ،
 ووصف معاناة العاشق المغرم .
 القصيدة جاءت على صورة  بحر الهزج الفصيح : مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن   والذي يقابله اللويحاني
 ، أو الشيباني في الشعر النبطي ، بأربع تفعيلات في الشطر ، ومثلها في العجز : المشد ، والقفل .
 
 لوعـة المغرم
 أعالج لوعة المغرم وتكـــــــبر لهفــــــــــة المشتاق**بحسن رضاي أسوق خطاي أقدّم رجلي وافهقها
 أهوجس من طلوع الشمس الي مغيبـــات الاشفاق**ولا أدري في ظـــلام الليل رجلـــــــي وش يوافقها
 أبصبر وأتصــــــبّر ما أظن الصــــــــبر مــــــــا ينذاق**لقيت الصــــــــــــبر مرّ ولو ينوش الكبد يحرقها
 ألا يا كاملين المعرفه ســـــــــــــــــلك الغــــرام دقاق**إلا صـــــــــــــــــــاب القلوب الله يعافي لا يفرّقها
 أنا لي صاحبٍ خدّه ورا الشيـــــــــــــله كما البـــــرّاق**بعرض المزنه اللي مثل شمـــس الظهر بارقها
 خلقـــــــــــــــها الله وزيّن خلقها وأخلاقهــــــا الخلاّق**قليلٍ جنســـــــــــــــــها في جيلها سبحان خالقها
 لهــــــــــا عينٍ ليا لدّت بها تذبح بهــــــــــــــا العشّاق**بها وصـــــفين من عنق المها هو طول عاتقها
 إلا ما شفتها ضاقت بي الدنيا وصدري ضـــــــــــــاق**وأنا لو الهــــــــــــوى لي كان عيني ما تفارقها
 أحب مشــــــــاهد الغالي عسى ما هو بحــب افــراق**ولو راحت معــــــــه في مغرب الدنيا ومشرقها
 إلا جـا الليل ما شـــــــــــفته تزيد بصــــــدري الدقاق**معه روحـــــــــــــي بسلك العنكبوت الله معلقها
 إلا عرّض علي ياقــــف مثل وقفة كـــــــسير الساق**وســـــــاعات الوداع أسرع من الكدلك دقايقها
 أنا وياه جدّدنـــــــــا القسم والعهـــــــــــــد والميـثاق**ولكــــــــــــــــــــن قدرة الله سابقه محدٍ يسابقها
 تعاطينا العـــــــهد في واحدٍ من عاهده مــــــــــا باق**مـ دام إن الثقـــه بالنفــــــــــــــس يلزمنا نوثّقها
 أنا أعرف ناس ما تنقاد بالدنيـــــــا ولا تنســــــاق**ولـــــو تعطيك عهــــــــــــد الله وأمانه لا تصدقها
 تشوف أزوالهم مثــــل العـــــــرب مار الله الرزّاق**متـــــــــــى ما هب نسناس الهوى يظهر حقايقها
 
 القصيدة تنقل لنا صورة حية لحياتنا في البادية العربية ، حيث نقل لنا الشاعر المشاهد بعدسته
 الحقيقية ،  وحينما نتذوق القصيدة ، ونقرأ بيتا من أبياتها ، نشعر بذلك التماسك الحقيقي ، والوحدة
 العضوية ، بحيث ينقلك كل بيت من أبيات هذه المعلقة إلى البيت الذي يليه بسلاسة ، وتوظيف عفوي
 لمفردات اللهجة ، منحت النص الشفافية الرقراقة المفعمة بالحس الجمالي والأبعاد الإيحائية بالحركة
 والشعور .
 القصيدة كما أسلفت من طرق اللويحاني الشيباني :
 مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن** مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
 أعالج لوعة المغرم وتكبر لهفة المشتاق**بحسن رضاي اسوق خطاي اقدم رجلي وافهقها
 
 نلاحظ أن البيت بدأ بمقطع متحرك : نرمز للمتحرك بـ : (ب )
 وللحرفين  المتحرك والساكن : ( - ) ، وذلك كالتالي :
 1 - ( الألف في كلمة أعالج) (ب ) لأنه حرف متحرك
 2 – (عا ): متحرك فساكــــــــــــــــن (–  )
 3 -  (لج ): متحرك فســــــــــــــــاكن(– )
 4 – (لو) متحـــرك فســـــــــــــــــاكن(– ) وهنا أصبحت : مفاعيلن : أ عا لج لو : مفاعيلن
 
 ع: تل مغ رم  :  ب - - -  : مفاعيلن
 وتكبر لهـ : ب - - - : مفاعيلن
 فِ تل مش تا ق : ب - - - ه
 نلاحظ هنا : أن حرف القاف زائد ، لكنه لم يؤثر على القصيدة ، حيث جاء كحرف روي ثابت ، وهكذا جاءت  بقية الأبيات في القصيدة .
 
 بحسن رضاي اسوق اخطاي اقدم رجلي وافهقها
 1 - الباء متحرك : (ب )  -  حس ( -  ) نر (-  ) ضا (-  )  مفاعيلن
 2 - ي :متحرك : (ب ) سو ( - )  قخ  ( - ) طـــــــــــــا ( - ) مفاعيلن
 3 – ي : (ب)  أقد(- ) د م (- ) رجـــ  (- ) : مفاعيلن
 4 - لِ (ب) وف (- ) هــــــــــــــــــــــــــــــــــق ( - ) ها ( - ) مفاعيلن
 
 هذا الأداء الحي النابض ،  أضفى على أبيات القصيدة حركة فياضة ، وتدفقاً يستحوذ على وجدان
 المستمع ، ويغمره بالأحاسيس ، فيتفاعل مع القصيدة بكامل مشاعره ، وعواطفه ، وأما تدرج الشاعر
 في الأفكار ، فإنه يلقي الضوء على حبكة النص في أسلوب الخطاب الشعري .
 
 تصوير المعاناة بدأ في البيت الأول ، وكأن شعراء النبط استبدلوا الوقوف على الأطلال ببيان المعاناة ،
 ووصف اللوعة أمام عفوية التعبير ، وانسياب المفردات ، دون تكلف ، لنلاحظ الطباق بين مفردتين مثلا : أقدم ، وافهق ، في البيت الأول .
 تستمر المعاناة في البيتين الثاني والثالث ، حيث أن ما يسيطر على الشاعر من هواجس ، تستمر معه
 من طلوع الشمس حتى المغيب ، كما يصف الشاعر مرارة الصبر الذي لو طال الكبد لأحرقها .
 
 هناك الكثير من المفردات المتداولة بين أقطار الوطن العربي ، ومثال ذلك : ينوش ..
 نقول : ناوشني الكتاب : ناولني الكتاب ، وهنا فإن مرارة الصبر لو وصلت إلى الكبد ، ونال منه  الصبر لأحرقها ، وفي ذلك الدليل الكافي على شدة الصبر ومرارته أمام معاناة الشاعر .
 
 ينتقل الشاعر بعد تلك المقدمة إلى بيان أسباب تلك المعاناة :
 
 ألا يا كاملين المعرفه ســــــــــلك الغرام دقاق**إلا صــــــــــاب القلوب الله يعافي لا يفــرّقها
 أنا لي صاحبٍ خدّه ورا الشيله كما الــــــبرّاق**بعرض المزنه اللي مثل شمس الظهر بارقها
 خلقها الله وزيّن خلقها وأخلاقــــــــها الخــلاّق**قليلٍ جنسها في جيلـــــــــــــها سبحان خالقها
 
 وصف دقيق لا يتعرض لمفاتن المحبوبة ، وإنما كعادة البدوي المتمسك ببداوته ، وأعرافه ، حيث
 وصف الخد كالبراق بعرض المزنة ، وشبهها بشمس الظهر ،  والأهم وصف الخَلق والأخلاق
 وهي منظومة الأخلاق الجميلة التي نتباهى بسردها والترنم بمعانيها ..وهنا لا بد من الانفراد والتفرد
 بوصف مكانة المحبوبة ، حيث لا مثيل لها ..
 
 لها عينٍ ليا لدّت بها تذبح بها العشــــــــــّاق**بهــــــا وصفين من عنق المها هو طول عاتقها
 إلا ما شفتها ضاقت بي الدنـــيا وصدري ضاق**وأنا لو الهــــــــوى لي كان عيني ما تفارقها
 أحب مشاهد الغالي عسى ما هو بحــــــب افراق**ولو راحت معه في مغرب الدنيا ومشرقها
 
 يستمر الشاعر بوصف المحبوبة ، وينتقل لوصف العين ، والعنق ، وهي صفة جمالية محببة كقولهم
 
 : :"فلانة بعيدة مهوى القرط" ، وهي الكناية في اللغة والبيان ، كناية عن صفة طول العنق : المسافة
 بين شحمة الأذن والعنق ، وهي صفة جمالية محببة.
 
 كلمة لدّت ، مستخدمة في أوساطنا الشعبية ، حيث نقول : "لد للسما تشوف القمر بين الغيوم "؟
 أي انظر للسماء .
 طموح الشاعر فقط في ذلك الحب النقي هو الاكتفاء بمشاهدتها لترتوي مشاعره ..إنه الحب العذري
 العفيف ..
 
 إلا جا الليـــــــــــــــل ما شفته تزيد بصدري الدقاق**معه روحي بســـــــــلك العنكبوت الله معلقها
 إلا عرّض علي ياقف مثل وقفة كـــــــسير الســـــاق**وساعات الوداع أسرع من الكدلك دقايقها
 أنا وياه جدّدنا القسم والعهد والميـــــــــــــــــــثاق**ولكن قدرة الله سابقـــــــــــــــــه محدٍ يسابقها
 
 يعود الشاعر بنا مرة أخرى إلى وصف المعاناة ، حينما يحل الليل ، تتزايد دقات القلب ، ويفقد الشاعر
 القدرة على التحمل وكأن روحه علقت بسلك العنكبوت لشدة وهنه ..
 
 وعلى الرغم من ذلك الوفاء ، والعهود ، أمام قدرة الله ، حال القدر دون تحقيق الأماني ، وهنا نقف
 أمام قوة الإيمان ، فقدرة الله فوق كل شيء ..
 
 تعاطينا العهد في واحدٍ من عاهـــــــــــــــده ما باق**مادام إن الثقه بالنـــــــــــــــفس يلزمنا نوثّقها
 
 أنا أعرف نا س ما تنقاد بالدنيا ولا تنــــــــــساق**ولو تعطيـــــــــــــك عهد الله وأمانه لا تصدقها
 
 تشوف أزوالهم مثل العـــــــرب مار الله الرزّاق**	متى ما هب نسناس الهــــــــــوى يظهر حقايقها
 
 وعلى الرغم أيضا من توثيق العهد بالله ، وكون الثقة قائمة ، إلا أن البعض كان لهم دور في التخلي
 عن ذلك العهد الذي عقده الشاعر ، فسرعان ما ظهرت القلوب على حقيقتها ..
 
 كان من عادة العربي أن يعبر عن حنينه لمحبوبته ، ووصف آثار الحب ، الذي يتغلغل في القلوب ،
 فيوجه الشاعر اللوم إلى من تخلى عن العهد ، وأن البعض تكشف نواياه ، ويظهر على حقيقته .
 
 الاستطراد في النص ظهر حينما علق الشاعر حركة القصيدة ، وتقدمها الموضوعي مؤقتاً ليقحم حدثاً
 وصفياً قصيراً صور من خلاله موقفاً من مواقف الحياة .
 
 وهكذا بدأ الشاعر قصيدته بالحديث عن مأساته الشخصية إلا أن القصيدة آلت إلى استعراض تمثيلي ،
 يحكي معاناة المحب العفيف ، مع ذلك الصراع في تحقيق الأماني باللقاء ، والمعارضة التي لا يملك
 الشاعر أمامها حولا ولا قوة.
 وأمام بؤرة الشعور لدى الإنسان العربي . وهما القطبان اللذان يحدان رؤيته ، وتتذبذب بينهما مشاعره
 وأفكاره.
 ختم الشاعر قصيدته بعقد مقارنة بين الرجال الرجال ، وأمثال الرجال الذين يتخلون عن عهودهم ..
 
 بطبيعة الحال جاء التحليل متواضعا ، وإن كان النص يستحق أن تكتب فيه صفحات حقيقة ؛ لما تضمنه
 من جمال وروعة ..
 
 أترككم مع التعبير الصادق ، بأداء مخاوي الليل : خالد عبد الرحمن
 
 منتديات السلطنة الأدبية :     خليل مصطفى عفيفي
 
				 التعديل الأخير تم بواسطة خليل عفيفي ; 31-10-2013 الساعة 05:06 PM
 |