عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 13-09-2013, 08:05 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...لأنسامِ الفجر..وسقسقاتِ الفجر..ورقائق الفجر قصة ٌعذراءُ خالدة،تتراتلُ في حِسِّ المسلم مع طلائع كل صُبْحٍ مشرِقٍ جديدٍ...

يُغني معها الكونُ والكائناتُ،فإذ بالمخلوقاتِ جميعِها تستيْقظ مع هَبَّةِ البواكير في ترنيمةٍ جماعيةٍ،يُسَبِّحُ الكُلُّ-بملءِ إحساسه الناطق أو الصامت-من خلالها،ولا ينبعثُ من أرجاءِ الصباح غيْرُ زقزقةِ عصفورٍ شادٍ أو حفيفِ ورقةٍ في غصنٍ ميَّاسٍ أخضر أو رقرقاتِ ماءٍ سيَّالٍ أو علائلَ نسائمٍ تداعبُ بصفائها الباردِ المنعش أديمَ الأرض الطهور (( ...كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَه ))...

وما تستنكفُ غفوة النوم الثقيلة في المحاجر تسلو بالعيْن النعْسَى حتى يَبْرُقَ بارقٌ من نداء الخيْر أنَّ ( الصلاة خيْرٌ من النوم )) فإذْ بالعيْن تنشط لحادي التسبيح،وإذ بالمسلم ينظمُّ-بعيداً عن الأصواتِ النشاز-لفرقةِ التسبيح الكونية..وإذ به يتسيدُ بين الكائناتِ بشهودِ أنوار الفجر التي لمْ تسطعْ إلا له : (( أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا))...

وإن كنتُ سأنسَى،فلن أنسى أبداً تلكَ القطعة النثرية البديعة التي درسناها-أيام كنا طلبة في الثانوي-لأمير البيان العربي الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي طيَّبَ اللهُ ثراه عن الفجر و ( قرآن الفجر ) وأنوار الفجر..ولطالما انتشتْ روحي ورَقتْ لجمال الأسلوب وروعة الوصف وعينايَ تتابعان-بشغفٍ وتأثرٍ-ما كتبَ صاحبُ ( وَحْي القلم ) :

(( ...وكان لها منظر كمنظر النجوم،يتِمُّ جمال الليل بإلقائه الشُّعَلَ في أطرافه العليا،وإلباس الظلام زينتَه النورانيةَ؛فكان الجالس في المسجد وقت السحر يشعر بالحياة كأنها مخبوءة،ويُحِسُّ في المكان بقايا أحلام،ويَسْرِي حولَه ذلك المجهولُ الذي سيخرج منه الغدُ؛وفي هذا الظلام النورانيّ تنكشف له أعماقه مُنْسَكِبًا فيها رُوح المسجد،فتَعْتَرِيهِ حالةٌ رُوحانية يَستكين فيها للقَدَر هادئًا وادعًا راجعًا إلى نفسه،مجتمِعًا في حواسِّهِ، منفرِدًا بصفاته،منعكِسًا عليه نور قلبه؛كأنه خرج من سلطان ما يُضِيءُ عليه النهار،أو كأنَّ الظلمةَ قد طمست فيه على ألوان الأرض..

ثم يَشعر بالفجر في ذلك الغَبَش عند اختلاط آخِرِ الظلام بأول الضوء،شُعورًا نِدِّيًّا؛كأن الملائكةَ قَدْ هبطت تحمل سحابة رقيقة،تَمسح بها على قلبه؛ليَتَنَضَّر من يُبْسٍ،ويَرِقَّ من غِلْظَة،وكأنما جاؤوه مع الفجر ليتناول النهار من أيديهم مبدوءًا بالرحمة،مفتَتَحًا بالجمال؛فإذا كان شاعر النفس الْتَقَى فيه النورُ السماويّ بالنور الإنسانيّ فإذا هو يتلألأ في رُوحه تحت الفجر...
)) اهـ

ألاَ للهِ ما أروعَهُ بيَاناً ووصفاً..وما أصفاهَا وأنقاها وأرَقـَّهَا صلاة ًفي تلك البواكير الوضيئة..!!

جوزيتِ ألفَ خير-أختنا الكريمة البديعة أمواج-وأنتِ تبعثينَ في رُوعِنا هذه الشذراتِ النديَّاتِ،تذكريننا بها عَلنا نكونُ من روادِ الفجر الذين تتسابقُ أرواحُهمْ لنداءِ السماءِ،فيكونون-إن شاء اللهُ-مع اللهِ..وفي ذمةِ الله...

ودمتِ أمواجاًَ من روافدِ الخير...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس