| 
				 نحو السراب 
 
			
			 .. على عتبة الباب، خرجت تزغرد بأعلى صوتها ، اهتزت الجدران قبل الجيران ، هرع سكان الحي يتهامسون .. يجرون ، يتعثرون ، يلهثون ... في ثوان تجمع خلق كثير ، بعض النساء اكتفين بالنظر
 عبر النوافذ ، دهشوا لما رأوا سيارة مزينة بالورد رابضة أمام العمارة .. أحاطوا بها ، الكبار يمررون أصابعهم على مؤخرة السيارة .. الصغيرات تغرسن أنوفهن في باقة الورد ، إحداهن قالت :
 إنه ورد بدون رائحة .. قالت أخرى : الورد الأحمر يطغى على الألوان الأخرى..
 من خلف زجاج نوافذ السيارة ، رأوا كراسي جلدية فاخرة . نظروا ،أعادوا النظر، حدقوا وحدقوا . التفتوا ، بسرعة غرزوا نظراتهم في جسم أم عُـــلية ، رأوها في جلباب أخضر مرصع بنجيمات حمراء ،
 ودوا لو شاركوها فرحتها .. لكنها لم تقم باستدعائهم ..
 امرأة تسير وهي تترنح من ثقل قفة مملوءة بالخضر .. من النافذة خاطبتها جارتها:
 ــ حليمة .. ما هذا ..؟
 ــ بنت رقية العرودية تزوجت..
 ــ بمن .. ؟
 ــ مهاجر يعمل في مدينة يقال لها : ميلانو..
 ــ أين توجد هذه المدينة ..؟ أهي قريبة من حينا .. ؟
 ــ الطليان .. يا حمقاء..
 ــ لا عليك .. تذهب وتجيء بعد أيام ..
 استنفرت الأم طاقتها الفائضة ، تجتهد في تعداد مناقب ابنتها ، الزغاريد تمتد عبر الزمان .. بين الحين والآخر ترفع رأسها إلى الأعلى، تعبت ، سكتت .. فاستعانت بدف كبير ،
 نساء قليلات يشاركن فرحة رقـية.. الدقائق تجري على الدقائق ، قبل غروب الشمس ، خرج العريس يشد على يد علية وهي ترفل في ثوبها الأبيض .. تحاول جاهدة أن تصطاد الفرحة من الوجوه الحاضـرة ،
 بتأن فتح لها باب السيارة الخلفي ،ركبت .. أغلقه بلطف ، بخفة كان أمام مقود سيارته..
 في الغد ، ركبت عُــــلية الطائرة لأول مرة ، انقبضت نفسها ، أحست أن فرحتها تسابق سرعة الطائرة ، نظرت إليه ، وجدته يغط في نوم عميق .. بدأت الظنون تستفزها ، تولدت أسئلة كثيرة على لسانها ،
 لكنها لم تجد ريقاً كافياً لتبلل به كلماتها.. لم تدخل شقة ولم تسكن منزلا ، أسكنها في فندق فاخر، كلما انطفأت الأنوار تـتهشم فرحتها بين فراغ الجدران ، أيام عديدة وهي تحقق شبعها بمأكولات شهية ،
 فلما ازدادت بهاء وجمالا أحرق ملابس بلدها..
 أيام خلت ، كانت ترقص عارية في الحانات الراقية..
 
				 التعديل الأخير تم بواسطة الفرحان بوعزة ; 21-09-2014 الساعة 12:58 PM
 |