عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 17-09-2010, 10:46 AM
الصورة الرمزية فهد مبارك
فهد مبارك فهد مبارك غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 1,479

اوسمتي

افتراضي

1. وزن الدّوبيت
استقرّت كتب العروض الحديثة على تفعيل الدوبيت على:
فعْلن متَفاعلن فعولن فعِلن

والذي يبدو أنهم أخذوه عن الحاشية الكبرى للدمنهوري (بعد 1230هـ). مع أنه تفعيل ابن المرحّل المالقي السبتي (-699هـ)، الذي يقول: "وقد اخترعْتُ هذه الميزان وأحكمتُها، وهو اختراعٌ نبيلٌ لم نُسْبق إليه، وجريتُ فيه على طريقة العروضيين".
ويكمن الخلل هنا في تأبّي التفاعيل الخليلية على قبول زحافات هذا البحر الغريب عنها. فمتفاعلن؛ ربما صارت إلى (متفاعيلن أو متفاعيلُ) وربما صارت إلى (مفعولاتن أو مفعولاتُ). في حين لا تقبل (فعولن) الزحاف الخليلي (فعولُ) على الإطلاق.
وربما كان ابن الفرخان، وهو من علماء القرن السادس الهجري، من أوائل العروضيين المعروفين الذين حاولوا تفعيل الدوبيت، حيث جعله من (مكفوف الرجز):
مستفعِلُ مستفعِلُ مستفعِلُ مُسْ

مجيزاً أن تتحول (مستفعلُ الثانية فقط!) إلى (فاعلاتُ) زحافاً!!
وتعد المصنفات الفارسية الدوبيت ضرباً من الهزج العربي!! فتزنه على:
مفعولُ مفاعلن مفاعيلن فاعْ
مفعولُ مفاعيلُ مفاعيلن فاعْ

متعسفين له أسوأ العلل، لضبطه على هذه الأفاعيل.
ومثل ذلك قطّعه الزنجاني (- بعد660 هـ) كما يلي:
مفعولُ مفاعلن فعولن فعْلن

واقترب حازم القرطاجني (-684 هـ) من روح الدوبيت بتفعيله على جزء ثماني، أتبعوه بما يُناسبه من السباعيات، وجعلوا السباعيَّ التاليَ له ناقصاً عن سابقه:
مستفعِلَتُن مستفعلن مستعِلن

ليكونَ كل واحد من الأجزاء أخفّ مما قبله، وهو المستطابُ في الذوق، والأحسن في الوضع، مراعياً كما يقول طريقةَ الخليل في تفعيل البحور.
وكان ابن سعيد الأندلسي (-685 هـ) قد قال في الدبيتي: إنهم "استنبطوا وزنه من الرجز"، وأنّ "فيه متحركٌ وساكنٌ زائد على الرجز المُثلث المسمى بالمشطور".
واختار أبو إسحاق التلمساني (-699هـ)، وهو الأقرب إلى روح الدوبيت، التفعيل:
فعِلن فعِلن مستفعلن مستفعلن

مشيراً إلى أنه بحر مركّب من تفعيلتين، وشطره مثمّن، كالطويل والمديد والبسيط!! مدّعياً أن (فعِلن) الأولى لا ترد إلاّ مضمَرة (فعْلن)، وأن العروض (مستفعلن) لا ترد إلاّ مطوية (مستعلن)!! وهذا ما اختاره عبد الصاحب المختار من المحدَثين، دون إشارة إلى مصدره.
إلاّ أنّ من المُحْدثين مَنْ أتى بتفعيلٍ مختلفٍ تماماً للدّبيتي.
فقد تخبّطَ د.كمال أبو ديب في تحليله لهذا الوزن تخبُّطاً شديداً، دون أن يخرج من ذلك بطائل. معتبراً وزنَ الدبيتي ليس إلاّ تحقيقاً فعلياً للإمكانية النظرية التالية:
فا فا فا علن فا فا علن فا فا علن !!

ونظراً إلى أنّ هذا الوزنَ يساوي: (تن مستفعلن مستفعلن مستفعلن) فهو على ذلك ليس إلا تطوّراً عن بحر الرجز كما يقول(!!).
ومرةً أخرى، يجعلُه تطوراً عن بحر الخبب، حيث يحدث فيه تبادلٌ بين (فعِْلن وفعولُ وفاعلُ) كما يقول(!) مثل:
فعْلن فعِلن فعولُ فعْلن فعْلن

ولسنا بحاجة إلى القول؛ إن هذا ليس من الخبب في شيء.

وفي محاولةٍ مُخْفِقَةٍ، تكلَّف الشيخ جلال الحنفي قَسْرَ هذا البحر ليضمَّه إلى بحر الرمل، فقال: "هذا نمطٌ من الرمل نشَأَ من جرّاء خَرْمٍ أُحدثَ في وزنه الأول (يقصد فاعِلاتن الأولى)فبقيَ من تفاعيله ما صار وزناً مُتميِّزاً عن نظائره سمَّيناه مُخلّعَ الرمل"(!!) "وإن أدّى التّخليع إلى اختلالِ التفعيلة الأولى في كلٍّ من صدرِهِ وعجُزِه"(!!). هكذا:
فعْلن فاعلاتن * فاعلاتن فاعلن

والحنفي بهذا؛ يُقطِّع -أوّلاً- أوصالَ الدبيتي، فيُمزِّقَه إلى شطرين غير متناسبين، ويجعلُ من (الخَرْم) -ثانياً- علّةً ملازمةً له بقيّة عمره.
كما قَسَرَ د.أحمد مستجير الدبيتي على الدخول في حظيرة البحر الطويل لديه، فاعتبر تفعيلاتِه الأصليّةَ مُركَّبةً من تفعيلات البحر المهمل:
مفعولاتُ مفعولاتُ مفعولاتُ

مساوياً بذلك أصلَ الدبيتي لدى أبي ديب والحنفي كما رأينا، ووفقاً لواقع الدبيتي؛ فإنه لا يرد بمثل هذه التفاعيل على الإطلاق، ولا بدَّ من مزاحفتها إلزامياً لكي يتطابق هذا الوزنُ مع الدبيتي.
ومن أعجب ما رأيت؛ أن يستدلّ علي حميد خضير على أن "الدوبيت من الرجز"(!!) بإمكانية تقطيعه هكذا:
مستفعلتن مفاعلن مستفْعلْ

معتبرًا (مستفعلتن) تفعيلةً رجزيةً(!!) منقولةً عن (مستفعلاتن)!! وواضح أن هذه التفعيلة هي من وَضْع القرطاجني كما مرّ، ولا علاقة لها بالرجز من قريب ولا بعيد.
وقد عاد في مكان آخر فقال: "والدوبيت مأخوذٌ عن المتدارك"!! "بدليل أننا يمكن تقسيمه [كذا] على الشكل التالي:
فعْلن فعِلن فعولُ فعْلن فعِلن

وعاد مرّة أخرى فعدّه من مخلّع البسيط(!!) بزيادة (فعِلن) إلى آخره هكذا:
مستفعلُ(!) فاعلن فعولن (فعِلن)

مخطئاً العروضيين جعْلَهم الدبيتي مجزوءاً، لأن مجزوءَه عنده هو (مخلعُ البسيط) عينَه(!!) هكذا:
مستفعلُ(!) فاعلن فعولن!! ???

ويتضح من كيفية تفعيل هذا البحر، وأمثلَتِهم عليه، وتعليقاتِهم عليها بالصِّحَّة أو القَبول، وبالمطابقة أو المخالفة، أنهم يرونه وزناً جامداً وإيقاعاً رتيباً قلّما يصيبه الزحاف (أو التغيير) الذي يتيح للشاعر حريةً أكبرَ في النظم والحركة والاختيار.
وواضح أيضاً مدى التخبُّطِ في إصرارهم على حصر هذا الوزن ضمن تفاعيل الخليل من جهة، ثم شموسه وتأبيه على قبول هذه التفاعيل وزحافاتها من جهة أخرى، ذلك أن أَيّاً من طرق التفعيل السابقة لا تفي بمتطلبات تلك التفاعيل من الزحاف على الإطلاق. ولا عجب؛ فالبحرُ دخيلٌ على الشعر العربي، ويحمل روحاً غريبةً عنه.
ولذلك كان لابد في دراسته من اتّباع طريقةٍ مختلفةٍ عن دراسة بحور الشعر العربي الأخرى، وإنْ أدّى ذلك إلى مخالفته قواعدَ العروض العربي بعض الشيء.
- يتبع –
-----------
1. وزن الدوبيت (اقتراح تأصيلي):
تُبيِّن الدراسة المتأنيّة لهذا الوزن، وزحافاته الفعلية في مواقعها المختلفة، أن لها أشكالاً عديدةً، لم يذكرها العروضيون، تجعل منه وزناً غنيّاً، ثرّاً، يتيحُ للشاعر سعَةً وحريةً في الحركة، تساعده على النظْم، وتُعينه على الاختيار.

* ففي بداية الوزن؛ كثيراً ما يرد أحد الأشكال الستّة التالية:

1) أربعة أسباب متتالية (/ه/ه/ه/ه):
وهو شكل كثير الاستخدام، ومع ذلك؛ قَلَّ من أشار إليه. يقول الدّووي:
يا مَنْ أدْعو ؛ فيستجيبَ الدّعْوى
أنْتَ المُبْلي، فكُنْ مُزيلَ الشكْوى

2) سببان ففاصلة (/ه/ه ///ه):
وهو أكثر الأشكال استخداماً، وعليه اعتمدوا في تفعيل الدوبيت. فمن الدوبيت المغنّى قوله:
يا غُصْنَ نَقَاً مُكلَّلاً بالذهَبِ
أفْديكَ منَ الرّدى بأمَي وأبي

3) فاصلة فسببان (///ه /ه/ه):
لمْ يُشِرْ إليه أحد. وهو -على الرغم من جماله- قليلُ الاستخدام.
يقول الخليلي:
عَبَقَتْ بالطّيبِ -في الدّجى- نفْحَتُهُ
وأَضَاءَتْ لِيْ -في حَضْرتي- بهْجَتُهُ

4) فاصلتان متتاليتان (///ه ///ه):
وهو -على الرغم من جماله أيضاً-تشكيل قليلُ الورود، اعتبره بعضُهم خللاً وزنيّاً!! يقول ابن خلّكان:
عَرَباً لَهُمُ دونَ ظُبى الهندِ عيونْ

ويقول الخليلي:
فَلَعَلَّهُمُ أنْ ينظُروا -صاحِ- إليْكْ

5) فاصلة بين سببين (/ه ///ه /ه):
لم يُشِرْ إليه أحدٌ أيضاً، ووجدتُ عليه عدداً لا بأس به من الشواهد. يقول شهاب الدين المصري:
لَيْلَةُ أنْسٍ بَدا سَناها ولَمَعْ ** -لَمَّ بِها الدّهْرُ شَمْلَ حظّي وجَمَعْ
قالَ بَشيرُ الْسّرورِ إذَْ أرّخَها:** -تَمَّ حُصُولُ الْمُرادِ والقَصْدُ وقَعْ

6) سبب ففاصلة خماسية (/ه /////ه):
لم يُشرْ إليه أحد أيضاً، ولم أجد له غير شاهدٍ وحيد في قول ابن العرندس:

هذا وَرَقُ الشقائقِ النّعْماني ** -بالخَمْرِ سُقي
أمْ هُوَ أَثَرٌ على نزيفِ القاني ** -بالخَدِّ بَقي
ونمثل له بقولنا:
لا تَكُ أبَداً لفضْلِنا بالنّاسي


ويتضح من كلّ ذلك؛ أنّ التشكيل المستخدمَ هنا ليسَ إلاّ جزءاً خبَبِيّاً، يساوي تفعيلةَ بحر الخبب مكررةً (فعْلن فعْلن)، وهي تفعيلة سببية لاوتدية، قبِلت في الأشكال الستة السابقة، زحافات الخبب ذاتها هكذا:
1- فَعْلن فَعْلن (/ه/ه /ه/ه)
2- فَعْلن فَعِلن (/ه/ه ///ه)
3- فَعِلن فَعْلن (///ه /ه/ه)
4- فَعِلن فَعِلن (///ه ///ه)
5- فاعِلُ فَعْلن (/ه// /ه/ه)
6- فاعِلُ فَعِلُن (/ه// ///ه)
ولذلك يمكننا أنْ نُضيفَ إليها تشكيلينِ خببيين آخرين ممكنا الورود هما:
1- فَعِلَتُ فَعْلن (//// /ه/ه): ونمثل له بقولنا أيضاً:
نَظَرَ بِعَيْنٍ على الأذَى مفْطورَهْ

2- فعِلَتُ فَعِلن (//// ///ه):
كقولنا كذلك:
رَفَعَكَ أدَبي بينَ الورى والناسِ

-----------
1. •وفي وسط الوزن؛ كثيراً ما يقع أحد الأشكال الأربعة التالية:
1) سببان فوتد (/ه/ه//ه):وهو كثيرٌ جدّاً. ومع ذلك فقد اعتبرَه بعضُهم خَللاً وزنيّاً!! يقول ابن الخلّ:
آياتُ غَرامي فيكَ مَنْ أوَّلَها

ويقول ابن الجوزي:
مَنْ باتَ على وَعْدِ اللِّقا لَمْ يَنَمِ

ويقول البهاء زهير:
كَمْ يذهَبُ هذا العُمْرُ في خُسْرانِ

ويقول صلاح الدين الإربلي:
أفنيتُ زماني بالأسى والأسَفِ

ويقول ابن الفارض:
بالشِّعْبِ كَذا عَنْ يُمْنَةِ الْحيِّ قِفِ
واذْكُرْ جُمَلاً منْ شَرْحِ حالي وصِفِ

2) وتدان متتاليان (//ه//ه):
وهو أكثر الأشكال استخداماً، وأطيبها في الذوق، ولذلك فقد تُوُهِّمَ أنه الأصْل، فاعتمدوا عليه في تفعيل الدوبيت.
يقول صفي الدين الحلي:
لا تَحْسَبْ زَوْرَةَ الكَرَى أجْفاني
مِنْ بَعْدِكَ منْ شَواهِدِ النسْيانِ
ما أرسَلَتِ الرّقادَ إلاّ شَرَكاً
تصـطادُ بهِ شَوارِدَ الغزْلانِ

ويقول منجك اليوسفي:
القومُ مَضَوْا إلى الْمَنايا زُمَرا
ما أسْمَعَنا الزّمانُ عَنْهمْ خَبَرا
حتّامَ تُرى بِزائِلٍ مُلْتهِياً
والدهْرُ يُريكَ كُلَّ يَوْمٍ عِبَرا


3) سبب ففاصلة (/ه///ه):
وهو كثير جدّاً أيضاً، ومع ذلك اعتبره بعضهم -خطلاً- من الخلل الوزني في الدوبيت!! يقول أبو العباس الباخرزي:
لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاّ باللّهْ

ويقول العماد الأصفهاني:
لا راحَةَ في العَيْشِ سِوَى أنْ أغْزو
في قتْلِ ذوي الكُفْرِ يَكُونُ العِزُّ
والقُدْرَةُ في غَيْرِ جِهادٍ عَجْزُ

ويقول البهاء زهير:
كمْ يذهبُ هذا العمرُ في خسرانِ
ما أغفلَني عَنْهُ وَمَا أَنْساني
إنْ لمْ يكُنِ اليَوْمَ فَلاحي فَمتى؟
هلْ بعدَكَ يا عُمْرِيَ عُمْرٌ ثانِ؟

4) فاضلة (////ه):
وهو شكلٌ قليل، فيه ثقل، وقد وجدنا عليه بعض الشواهد المتفرقة. يقول نظام الدين الأصفهاني:
لا وارِدَ غَيْرَ فَمِها في نَظَري

ويقول بهاء الدين العاملي:
قد ماتَ بَهاؤُكَ مِنَ الشَّوْقِ إليكْ

ولشهاب الدين المصري:
ما قُدِّرَ كانَ وَبِمَا دِنْتَ تُدانْ

ولعبد الغني النابلسي:
السَّلْوَةُ مِنْكَ وَأنا الْعشْقُ نصيبي
/ه /ه ///ه ////ه /ه ///ه /ه


وواضح أن التشكيلات الأربعة السابقة؛ تؤلّفُ معاً التفعيلةَ الرجزية (مستفعلن /ه/ه//ه)، وزحافاتها الثلاثة المعتمدة؛ (متفْعِلن //ه//ه)، و(مسْتعِلن /ه///ه)، و(مُتَعِلن ////ه).
وهذا ما يجعل (مستفعلن) هي التفعيلة المختارة هنا، على الرغم من أن البديل (متفعلن) أطيب في الذوق من الأصل.
وليس الدوبيت في هذا بِدْعاً من البحور؛ ففي الخفيف: يعتبر البديل (متفعلن) أيضاً، أطيب في الذوق من الأصل (مستفعلن). وفي المقتضب والمنسرح والمخلّع: يعتبر البديل (فاعِلاتُ) أطيبَ في الذوق من الأصل (مفْعولاتُ). بل لا يرد في المضارع إلاّ البديل (مفاعيلُ) بدلاً عن الأصل (مفاعيلن).
-----------
1. •أما آخرُ التشكيل، فيَرِد بأحد الأشكال الخببية الأربعة التالية:

1) فعْلن فعْ = مفْعولن (/ه/ه/ه):
أمثلته كثيرة جدّاً، منها قول نجم الدين بن إسرائيل في رباعية (مدوّرة) نادرة:

يا ألطَفَ مِنْ سُلافةِ الصّهْباءِ
خَلْـقاً، وأرَقَّ منْ زلالِ الْماءِ
جسْماً، وأعزَّ مَنْ على الغَبْراءِ
قَدْراً، ولقدْ حُكِّمْتَ في مَعْنائي


وقول أبي الحسن الباخرزي:

أبْلى جسَدي هَوى ظَلومٍ جانِ
قدْ هَجَّنَ قَدُّهُ قضيبَ البانِ
يا مَنْ أضحى ومالَهُ منْ ثانِ
ما ضرَّكَ لَوْ فَكَكْتَ هذا العاني


2) فاعِلُ فعْ = مفتعِلن (/ه///ه):
وهو كثيرٌ جدّاً، حتى أن بعضهم اعتبره أصْلاً.
يقول ابن الخلّ:

هذا ولَهي، وقد كتمْتُ الوَلَهَا
صَوْناً لحديثِ مَنْ هَوى النّفْسِ لَها
يا آخرَ مِحْنتي، ويا أوَّلَهَا
أيّامُ عَنائي فيكَ مَنْ أوَّلَهَا


ومن جميل الدوبيت المغنّى:

يا غُصْنَ نقىً مُكَلَّلاً بالذّهَبِ
أفديكَ منَ الرّدى بأمّي وأبي
إنْ كنتُ أسأْتُ في هَواكُمْ أدَبي
فالعِصْمةُ لا تكونُ إلاّ لِنَبِي


3) فَعِلن فعْ = فعِلاتن (///ه/ه):
شكلٌ جميل، قليل الأمثلة. لم يُشِرْ إليه أحد، كنت وضعتُ له المثال قياساً، ولكنني وجدت له عدداً من الأمثلة فيما بعد.
يقول الحلاّج:

كَمْ ينشرُني الهوى وكمْ يطويني
يا مالِكَ دُنْيايَ ومالِكَ ديني


ويقول الخليلي:

يا مَنْ بالحسْنِ في هَواهُ سَبَاني
أضْنى حالِيْ بينَ الوَرَى وَكَوَاني
بالنارِ، وفي الغَرامِ ثَمَّ رَمَاني


ويقول علي القادري الكيلاني الحموي:

الدمعُ منَ العيونِ أجْرَيْتُ بِحَارْ
والمغْرَمُ مِنْ عشْقِ جمالِكَ قدْ حارْ


4) فعِلَتُ فعْ (//// /ه):
شكلٌ نادرٌ، لم يُشرْ إليه أحدٌ أيضاً، ووجدت له عدداً من الأمثلة. يقول ابن عربشاه:

لا رِجْلَ لَهُ، والتّخْتُ مَوْطِئُ قَدَمِهْ


ويقول ابن حجة الحموي:

والخَلْقُ رَوَى عنِ الموَطَّأِ وَلَنَا


ويقول الخليلي:

العشْقُ قديماً في فؤادِيَ غُرِسَا
والحِبُّ لقدْ جَفا المُتَيَّمَ وَقَسَا

-----------

1. وهكذا؛ يصبح التفعيل المُقتَرَح لوزن الدوبيت هوفعْلُنْ فعْلُنْ مسْتَفْعِلُنْ مَفْعولُنْ)
ومفتاحه الذي وضعْناه له هو:

هذا لَحْنٌ عنِ الدّبيتي، قولوا=فعْلن فعْلن مستفعِلن مَفْعولُ[/poem]
وما ورَد على هذا الأصل كثيرٌ. يقول المنصور؛ صاحب حماة:
قالوا مَهْلاً، ما في البُكا مِنْ نفْعِ


ويقول العتّابي:
لا تمزِجْ أقْداحي رَعاكَ اللّهُ


ويقول ابن الفارض:
يا حاديْ قِفْ بِيْ ساعَةً في الرَّبْعِ


ويقول الهادي اليمني:
فاذْكرْ لُبْنى والسّفْحَ مِنْ لُبْنانا

/ه /ه /ه /ه /ه /ه //ه /ه/ه/ه


ويتضح من التشكيل المقترح لوزن الدوبيت، أنه أقرب ما يكون إلى بحر الخبب، لولا ذلك الوتد الوحيد في وسطه.
بل إنّ الدوبيت كثيراً ما يتداخل مع بحر الخبب، وذلك كلما زوحفت (مستفعلن) إلى (مُسْتَعِلن)، كما في قول المحار الحلبي:
أهْوى قَمَراً حُلْوَ مَذاقِ القُبَلِ
/ه /ه ///ه /ه ///ه /ه///ه

فهو بتفعيلات الدوبيت= فَعْلن فَعِلن مُسْتَعِلن مسْتَعِلن
وهو بتفعيلات الخبب = فَعْلن فَعِلن فاعِلُ فَعْلن فَعِلن

فإذا كان الخبب هو البحر السبَبِي (اللا وتدي) الوحيد بين بحور الشعر العربي، فلعلّنا نعُدّ الدوبيت الخطوةَ الأولى إلى دخول الوتد فيها، حيث يضم أصل الدوبيت وتداً وحيداً، يمكن أن يتجاور -بعد الزحاف- مع وتدٍ ثانٍ لا غير، أو أن يذوبَ بالكلّيّة، فيتداخل بذلك مع الخبب ذاته.

-----------

يتبع ..
-----------
رد مع اقتباس