| 
				 الفقراء لا تصلهم رسائل الغرام 
 
			
			الفقراء لا تصلهم رسائل الغرام
 
 الفــتاة الحييّة: زارتني بالأمس ، كانت ترتدي فستانا أبيض حسيرا.
 لم تكن تنظر لي.
 كانت تنظر إلى أرضيّة الغرفة ، كان الخجل يبدّد كلماتها و هي تتحدّث.
 - بين الحين و الحين كانت ترفع رأسها، تتأمّل جدران الغرفة ذات اللّون الأزرق الباهت.
 كانت تنظر إلى الكتب المبعثرة و الدّهشة تعلو محيّاها.
 الفتاة الحييّة قالت :أ-ح-بّ-ك ، رذّدت الكلمة بتؤدة و بخفر بالغ .
 في تلك اللّحظة تورّد خدّاها و خصلات شعرها الذّهبيّة زادتها بهاء.
 الفتاة الحييّة تحدّثت كثيرا ، قالت كلاما عجيبا ، زادت جمرات القلب لهيبا.
 - قالت : أحبّك ثمّ غرقت في صمت مطبق حزين و أضافت بعد برهة : لا بدّ أن تفهم موقفي ، نحن نسير في طريق مسدود.
 رفعت يدها لتهشّ ذبابة حطّت على الخدّ الأسيل فمادت بي الأرض و أظلم المكان من حولي.
 كانت تضع خاتم الخطوبة في إصبعها.
 لون الخاتم الأصفر اللّمّاع يبعث أشعّة تدمّر أعصابي.
 الفتاة الحييّة : تحدّثت كثيرا ، قالت كلاما غريبا.
 قالت : " أحبّك لابدّ أن تعذرني، لا بدّ أن تفهم مبرّراتي".
 - على طاولة بنّيّة اللّون قديمة وضعت رسائلي و بعض الصّور التي جمعتنا أيّام الصّفاء.
 كانت الرّسائل مرتّبة .
 سطّرت تحت سؤال طرحته عليها في أوّل رسالة : لماذا الفقراء لا تصلهم رسائل الغرام؟
 كتبت في أسفل الرّسالة بالّلون الأحمر الّذي تعشقه ، "الحب و الفقر لا يلتقيان يا حبيب القلب".
 الفتاة الحييّة غادرت غرفتي اليتيمة في يوم غابت شمسه و ادلهمّت سماؤه بسحب سوداء ثقيلة.
 - كان لصوت حذائها و هي تنزل درجات السّلّم وقع حزين مدمّر.
 - من نافذتي رأيتها تمسك بيده، رأيته يضمّها إليه ثمّ يفتح لها باب السيّارة الخضراء الفارهة .
 كان كهلا في الخمسين من عمره.
 الفتاة الحييّة سمعتها تضحك بصوت عال ، شممت رائحة عطرها،رأيتها تمدّ يدها إلى علبة السّجائر بعدما سرّحت شعرها الذّهبيّ الأصفر و هي تنظر في مرآتها الصّغيرة.
 من نافذتي رأيت طيور النّورس تحلّق عاليا في السّماء الملبّدة بالغيوم.
 في ذلك المساء الشّتائيّ الحزين سمعتها تعزف سمفونية الحزن والرّحيل.
 الفتاة الحييّة و الفقر الجاثم بكلكله خلّفا في القلب جرحا لن يندمل.
 
			
			
			
			
				  |