عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 16-07-2013, 09:20 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي يومٌ رمضاني في حياةِ صائمٍ عربيٍّ جزائري...

...معَ أنَّ الواحدَ منا في هذا الشهر الفضيل-أختي الكريمة أزهار الكرز-يُحبذُ أن يَضَعَ يومياتِهِ-وما يقوم به في نهاره ولياليه-في خانةِ رَصْدِ العبادةِ وما تقتضيهِ من تجردٍ وإخلاصٍ وتبتلٍ لله تعالى،بعيداً عن بهرجةِ الأضواءِ وطنين الدعايةِ والتشهير حتى يتمَّ المُرَادُ بالإيمان والاحتساب بين العبدِ والربِّ،فما يدري أحدٌ-غيرُه سبحانه جل وعلاَ-سَعْيَ المسلم الحثيثِ إلى غايَاتِ الأجر ومراقي القـَبُول..نسألُ اللهَ تبارَكَ وتعالى أن نكونَ بكلنا في رمضانَ له وحْدَهُ،خالصاً لوجهه الكريم،وأن لا يَجعلَ لأنفسنا ولا لرغباتِ الدنيا حظوظٌ مما نقولُ ونفعلُ..آمين آمين يا رب العالمين...

أمَا إن كانَ ولابُدَّ من استعراض يومياتنا-في نهار وليالي الشهر الكريم-فإنني أراها بالنسبةِ لنفسي لا تختلف كثيراً عما هو عليه إخواني المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها،وإن كنتُ على يَقينٍ أن إخوتي المسلمين من ( أهل الرباط والجهاد والبذل في سبيل الله ) لهم في مراقي الفضل ما يتفضلون علينا به في قصبَاتِ السبق،وكمْ كنا نودُّ لو نالنا شرَفُ الرباطِ والمجاهدةِ في ساحاتِ الجهادِ والاستشهاد،فإنه لن يَعْدِلَ-في هذا الشهر الفضيل-أجرٌ أجرَ مرابطٍ أو شهيدٍ صائمٍ...

قلتُ أمَا وإن كانَ ولابد من استعراض يومي،وما أقوم به في هذا الشهر الفضيل-فإني أراهُ يوماً فيه من النشاط والاستعداد الزائد ما يجعله متميِّزاً بالتأكيدِ عن أي يومٍ آخر من الأيام الخوالي خارجَه...

وربما الذي يَدفعُ إلى الكشفِ عن هذه اليومياتِ هو توْقـُـنا جميعاً إلى معرفةِ بعض العاداتِ والتقاليدِ الكريمة التي تميز كل فردٍ من أفرادِ أعضائنا وقد ائتلفوا هنا في هذه المنتدياتِ السلطانية الكريمة على تباعدِ أقطارهم...

بالنسبةِ لي..كعربي مسلم جزائري..وفي منطقتنا الشمالية الشرقية من جغرافيةِ البلاد..فإننا-كالغيْر-ننتظرُ بشوقٍ وشغَفٍ قدومَ هذا الضيفِ الرباني الكريم،ومع أننا-كغيرنا-نستقبلُ شهرَنا الفضيل بالاستعدادِ الإيماني أولاً وأخيراً إلا أن هذا لا ينفي ارتباط هذه الاستعداداتِ بشيءٍ مميزٍ في عاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها-نحن الجزائريين-عن آبائنا وأجدادنا رحمهم اللهُ جميعاً...

أستيقظ باكراً وقتَ السحَر ( الثالثة صباحاً )..ويستيقظ معي أهلُ بيتي وولديَّ ( أمين وإيمان ) وتبقى صغيرتي ( أنفالُ ) نائمة..نتوضأ جميعاً،ثم نتناولُ سحورَنا ( بالنسبةِ لي شيءٌ من الكُسْكُسِي أو بشيءٍ نسميه ( المسفوف )باللبن أو الحليب الطازج مع شرب الماء..ثم ربما جمعتُ أسرتي على التنفل بما شاء اللهُ من النوافل إلى وقت الإمساك،فأذان الفجر الثاني ( الثالثة وخمس وأربعين دقيقة )،نصلي رغيبة الفجر،ثم أقوم لصلاةِ الصبح جماعة ًبأهلي،ثم ربما جلستُ وإياهم،نتبادلُ قراءة شيءٍ من القرآن الكريم-( أو ربما في أغلب الأحيان صليتُ الصبحَ جماعة ًفي مسجدِ الحي القريب )-ثم ينصرف الأولاد سريعاً للنوم،أما أنا-وهذه عادتي-قد أتأخرُ قليلاً..أقرأ في كتابٍ..أو أجلسُ لعملٍ كتابي مَّا،أو أجلسُ أتابعُ نشراتِ الصباح على الراديو ( خصوصاً نشراتِ البي بي سي في العالم هذا الصباح )،ثم ربما غفوْتُ للنوم إلى الضحى..فأكون قد استيقظتُ أنا وأم إيمان..

ولما تزامنَ رمضانُ والإجازة الصيفية،فلربما خرجتُ وجالستُ بعض إخواني وأصدقائي من جيراني الأكارم،وربما انصرفت إلى تفقد ما ينقصُ البيتَ من حاجاتٍ...

ربما بعد ذلكَ نزلتُ لأسواق المدينة-بمفردي أو بمعية ولديَّ أمين وأنفال-وربما تبضعنا للبيتِ بما تحتاجه أم إيمان في مطبخِها الرمضاني الجزائري المتواضع..


طبعاً لن أتحدثَ عن غلاء الأسعار الذي مَسّ أسواقنا في كل السلع تقريباً مع أننا نعتبرُ دولة ً-ولله الحمد-في استقرارٍ من الأمن والأمان الاجتماعي،وعلى كلٍّ،فغلاء الأسعار أصبح ظاهرة عالمية،ولله الأمر من قبل ومن بعد..

أحرصُ في رمضانَ أن ألتزمَ الصيامَ في بيتي مع أهلي وأولادي ولا أسافرُ إلا اضطراراً..

أحرصُ-ولله الحمد-على أداء الصلواتِ في المسجد...

ربما أخذتُ قيلولة ًبين الظهر والعصر..لساعة أو ساعة ونصف على أكثر تقدير...

بعد العصر إلى ما قبل الغروب ربما مارستُ رياضة الجري عبر الطريق المحاذي لسفوح الجبال الخضراء المحاذية للمنطقة التي أسكن فيها رفقة بعض الأحبة من أصدقائي لأعود بعد ذلك واغتسل وأجلس للنت أو مع الأولاد أو لمتابعةِ أخبار القنوات الفضائية ( هذه الأيام أتابع قناة المحور والجزيرة واليرموك وبعض القنواتِ الفرنسية الإخبارية على النايل سات أو الهوت بيرد وأحرص على معرفةِ ما يدورُ خاصة في جمهورية مصر العربية وأحاول بمشاعري وفكري أن أعيشَ أزمة شعبنا الشقيق هناك وآمُلُ أن يخرج سريعاً من أزمته )...

يأتي وقت آذان المغرب فالإفطار ( عندنا الساعة السابعة وخمسون دقيقة )..أصلي المغرب حاضراً بمعيةِ ولدي أمين في المسجد،أوربما في أحيان أخرى أجلسُ مع عائلتي على طاولة الطعام..أحرصُ أن نعجِّلَ بالفِطر على وتر تمْر وحليبٍ أو حسوة ماء-كما هي السنة-ثم أصلي بهم المغربَ جماعة ثم نجلسُ لتناول الإفطار...

مائدتنا هي مائدة العائلة الجزائرية...

شربة الفريك باللحم أو الدجاج ( أو ما نسميه الجاري ) ..و ( البوراك )-الذي هو رقائق العجين محشي-مع ( خبز الدار الشهي ) وهو رغيفٌ شهي تطهيه ربة البيت الجزائرية في مطبخها،يشبه الخبز الفرنساوي ولكنه بنكهةٍ جزائرية..هذه لازمة من لوازم المائدة الرمضانية الجزائرية...


أما الأطباق الأخرى،فإن ربة البيت الجزائرية تتفننُ في مائدتها على ما اتفقَ...


عادتي أنني بعد القيام عن طاولة الطعام أتناولُ فنجانَ قهوةٍ خفيفٍ،ثم أبادرُ-بمعيةِ ولدي أمين-إلى الوضوء والتعطير والذهاب السريع قبل صلاة العشاء بنصف ساعةٍ للمسجد الكبير والجلوس مع الإمام،نستمع لدرس ما قبل الصلاة،حتى إذا أذَّنَ آذان العشاء ( عندنا يُرفَعُ في التاسعةِ والربُعِ ) قمنا لصلاة العشاء،ثم رحنا نعيشُ مع الإمام الحافظ صلاة التراويح ( عشر ركعاتٍ + سنة الشفع والوتر )...


بعد الصلاة...أعود للبيت...فلربما سهرتُ مع العائلة في جلسة عائلية،يأتي فيها الأقاربُ من هنا أو هناك..أحب شرب شيءٍ من الشاي الأخضر الخفيف،وتناول شيءٍ من حلوى ( الزلابية ) وبالمناسبة فإن هذه الحلوى إسمها الأصلي ( الزريابية ) نسبة ًإلى الموسيقي الأندلسي زرياب الذي قيل أنه هو من أبدعَها...


...وربما بعد ذلكَ أخذتُ العائلة،نزور أقاربَ لنا زيارة قصيرة..أو ربما تنزهنا قليلاً في أسواق المدينة أو في مرافقها الليلية الجميلة الساحرة..أو ربما سهرتُ مع أصدقائي في منتزهٍ ليلي هادئ..أو ربما حضرتُ نشاطاً ثقافيا مَّا...وأؤكد أني أكرَه السهَرَ الطويل لغير ما ضرورة...


أما الأعمال الأخرى..فهي بيني وبين ربي..أرجو أن لا أتملقَ غيرَه بها...واللهَ أسأل أن يتقبل....

وتبقى-أحبتي-يومياتُ المؤمن في رمضان مرهونة أساساً بالتنافس على الباقياتِ الصالحات..لأن هذا هو البرنامج الحقيقي الذي يَحرص عليه المؤمن...

وبوركتِ-أختي أزهار-على الفكرة الجميلة المبدعة..وأتمنى أنكم أخذتم فكرة عن يومياتِ أخ شقيقٍ لكم في رمضان من بلدكم الثاني الجزائر...

وتقبلَ الله منا ومنكم الصيام والقيام...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 18-07-2013 الساعة 03:28 PM
رد مع اقتباس