عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 27-08-2013, 02:46 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...لو تتبعنا طرَفَ الخيْطِ الأساسي-أخي الكريم عامر الناعبي-في ورَمِ هذه اللوْثةِ الفكريةِ والإيمانيةِ والنفسيةِ الذي يستكِنُّ قلوبَ بعض المهازيل من ضعافِ النفوس والإرادات فسنجدُ أن الأمرَ برمتِه يعودُ إلى أحدِ سببين اثنيْن :

أولاً / الإحساسُ بعقدةِ النقص والعجز والفشل والإخفاق أمامَ كمال وقدرة ونجاح الآخرين،مما يتولدُ في لاَ شعوره-أو عقله الباطن-إحساسٌ عجيبٌ بأن وجودَ القادرين والناجحينَ من حولِهِ عُدوانٌ على وجودِهِ ومضايَقـَة ٌلبقائه ومزاحمة ٌلشخصِهِ الهزيل وإحراجٌ له-أمام الناس-لأن قدرة الآخرين ونجاحهم وتفوقهم المستمر تفضحُ ولا شكَّ ما عنده من فراغ وخواء وشغور..!! لذا سرعانَ ما نلمسُ في صاحبنا المسكين هذا-من خلال أقواله وأفعاله وكتاباته ونمطِ تفكيره وطريقة معاملتِه-دلائلَ هذه اللوْثةِ المشوبةِ بالغيْرَةِ المستبطنة وربما الحسد والحقد الدفين..وما من شكٍّ أن الخواءَ الروحي من حزمةِ الإيمانياتِ الواقية ( كفقدانه الإحساس برقابة الله عز وجل،وكجفافِ ينابيع التقوى والورَع في قلبه،وكإحساسه بالفراغ والبطالة من العمل النافع الهادف،وكهجْره لكتاب الله تعالى والصحبة الصالحة للصالحين... )..ما من شكٍّ أن هذا الخواءَ يزيدُ من الشعور والإحساس بعقدةِ النقص تلك...

ثانيًّا / استحكامُ ما يسميه البسيكولوجيون بمرض ( الوسواس القهري Paranoia ) وهو اضطرابٌ وسَط ٌبين وعْي الإنسان بضغط الشكوك والوساوس القائمة على الظن السيء في الآخرين بين عدم الوعي،لذا فمريضُ الوسواس القهري يعلم-عن عقلٍ واعٍ وقناعةٍ راسخةٍ-أن طوفان الشك وسوء الظن في الآخرين الذي يَركَبُ تفكيرَه في كل آونةٍ ولحظةٍ إنما يقومُ على افتراضاتٍ وهميةٍ موجودةٍ فقط في عقله،وهو-في قرارتِه-على قناعةٍ راسخةٍ بذلك،ولكنَّ ضغط المَرَض القهري هو الذي يجعله لا يستطيعُ فِكاكاً أو تخلصاً منه..والحق أن إنساناً في مثل هذا الوضع يعيشُ في مصيبةٍ عظمى يَصدِق فيها قولُ الإمام عليٍّ كرم اللهُ وجهَه :

إذا كنتَ لا تدري،فتلكَ مصيبة ٌ ** وإن كنتَ تدري فالمصيبة أعظمُ..!!

وليسَ بُدٌّ من الرحيل لأطباءِ النفس لاحتواءِ المرض،وإلا فإنه قطعاً يُفضي في النهاية-بعد أن تـُرْهقَ الأعصابُ والجُملة العصبية-إلى الجنون والانهيار...!!!

طيب-أخي-ما الحل الناجع إذن...؟؟!!!

في تقديري أن الحلَّ الأمثلَ-إذا لم يكن الشك وسوء الظن وسواساً قهريا يستدعي العلاج النفسي-أن يصنعَ الفردُ من عالـَمِهِ المليءِ أشغالاً وأعمالاً والتزاماتٍ ( في الدراسة إن كان طالباً وفي الحِرَفِ المختلفةِ إن كان عاملاً وفي الأسرة إن كان أباً أو أمًّا وفي الأدبيات وفنياتها إن كان مبدعاً... الخ ) أن يصنعَ من هذا العالم حَجَر الزاويةِ الذي يُغنيهِ عن الالتفاتِ يَمْنة ًويَسْرَة ًللوثاتِ الآخرين من حوله..

بمعنى..أن ينشغل دائماً بنفسه..بإصلاح عيوبه ومراقبتها..بطموحاته العليا،يسعى لتحقيقها واقِعاً لا خيالاً،وحقيقة ًلا مجازاً،ويَقظة ً لا مناماً..

لذا-أخي-تراني دائماً أعيبُ على صنفٍ من مبدعينا الشعراء والكُتاب-خصوصاً الشباب منهم-الذين نراهم طوالَ العام..وفي كل الأعوام الطويلة لا يُحسنون في إبداعاتهم غير الشكوى..والتذمر..والإحباط..و ( أنا معذب..أنا ضائع..أنا لا أنام الليل..أنا سهران..أنا ميت بسبب الهجران..أنا أصبحتُ إنسانا مكسوراً...أنا دموعي منذ سنوات لا تفارق عيني..العالم مظلمٌ من حولي...!!! أنا رحت في ستين داهيه..!!!!!..أنا...أنا... ) ويسوؤني أني لا أقرأ لصاحبنا إلا هذه النغمة الكسيرة التي يعيش فيها طوال حياته،ويَهيمُ بها في مكانه قابعاً ساكناً،ويُحلقُ بها فقط في عالمه الهلامي الافتراضي الخاوي،وهو لمْ يبلغْ بعْدُ الثامنة عشر..أو العشرين..أو الثلاثين...!!! وأتساءل في غرابة :

متى يقفُ صاحبُنا إذن على رجليه..متى نسمع في حياته انتصاراً حياتيا معيناً..؟؟ متى..متى...؟؟

وأنا هنا لا أقلل أبداً من كوْن المعاناة والإحباط والشعور بالاكتئاب وكذا الأحزان والحرمان وباقي التسهيداتِ مبعثاً على الإبداع وإلهاب جذوة الموهبة بها...

بَيْدَ أنني أحب أن تكونَ المعاناة..وأن يكون الإحباط..وأن تكون الأحزان والآلامُ وقوداً دافعاً يصنع التحدي والقوة والعزيمة والإرادة والشكيمة الفولاذية التي تشتبكُ-في هِمَّةٍ وبأسٍ ورجولةٍ-مع تلك الظروف والأحوال القاسية ليِأخذَ منها المُبْدِعُ الدنيا غِلابَا..!!!

وفي رحلةِ العمر الطموحة هذه،لن يُبقي له الوقتُ المشحونُ فرصة ًللالتفاتِ إلى زيْدٍ أو عمْروٍ من الناس ولا إلى وساوسهم وشكوكهم وسوء ظنونهم...(( دَعِ الكِلابَ تنبحُ والقافلة تسير ))..ولا يَسعُ الواحدُ منا-عطفاً أخويًّا وإشفاقاً-إلا أن ندعوا لهؤلاء المرضى المساكين بالشفاءِ والبُرْءِ والعافية...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس