![]() |
![]() |
روابط مفيدة :
استرجاع كلمة المرور|
طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
|
التسجيل | التعليمـــات | قائمة الأعضاء | المجموعات الإجتماعية | التقويم | البحث | مشاركات اليوم | اجعل كافة الأقسام مقروءة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#4
|
||||
|
||||
![]()
ملامح العمارة المحلية و التقليدية في عمان
بقلم : سعيد الصقلاوي معمار ومخطط عمران حضري فضاء ثقافي منذ اقدم العصور ، شغلت المدينة حيزا هاما من الابداع الشعري والادبي ، واحتلت موقعا متميزا في بؤرة الاهتمام العلمي ، والجغرافي ، والهندسي . فلقد كتب البابليون ملحمة جلجامش ، والاغريق الياذة هوميروس ، والفرس الشهنامه. وكانت الاحداث في هذه الاعمال الادبية تحمل ملامح المدينة التي نشأت فيها . اضافة الى الروايات العديدة ابتداء من الف ليلة وليلة . ومرورا بقصة بين مدينتين لتشارلز ديكنز ، فبين القصرين لنجيب محفوظ ، ثم مدن الملح لعبد الرحمن منيف ، وغيرها من القصص و الروايات العربية و العالمية . واذا كان شعر الملاحم قد صور احداث المدن فان القصائد ذات الصوت الواحد في العصور المختلفة ابتداء من الجاهلية وحتى العصر الحديث كان لها دور بارز ومميز في ابراز ملامح المدينة الحضارية ، والثقافية ، والاجتماعية . ولقد نقلت الينا كتب الادب العربي و موسوعاته المختلفه صورا متعددة لمظاهر الحضارة العربية في بدوها وحضرها ، في قراها ومدنها ، في بلدانها واقاليمها ، في سواحلها وعمقها البري . ويكفي المرء نظرة الى كتاب الاغاني لابي الفرج الاصفهاي ، والامالي للقالي ، والعقد الفريد لابن عبد ربه ، والكامل في الادب للمبرد ، وغيرها من مراجع التاريخ الأدبي ليتعرف على احوال المدينة العربية من وجهة النظر الادبية . فالشعراء العرب منذ امريء القيس في الجاهلية ، ومرورا بابي نواس وابن الرومي وشعراء الصوفية في العصر العباسي ، وتعريجا على ابن حمديسى وابن زيدون وابي البقاء صالح الرندي في العصر الاندلسي، ووصولا الى شعرنا المعاصر من احمد شوقي وحتى ادونيس ونزار قباني وغيرهم، لم يدخروا وسعا في رسم صورة ثقافة المدينة العربية ، و التي هي في الواقع نتاج الفكر والعقل الانساني في هذا المحيط . وتعتبر الدراسة التي قام بها الدكتور مختار ابو غالي وثيقة ادبية حديثة ركزت في معطياتها وتناولها على موضوع المدينة في الشعر العربي المعاصر . واذا ما حاولنا التعرف في عجالة على اهتمام المؤرخين بالمدينة ، فسنجد انهم منذ هيرودوت ، ومرورا بالمؤرخين العرب كابن الاثير، والمسعودي ، ووصولا الى اشهر مؤرخي اوربا ، كأرنولد تومبي ، قد تناولوا المدينة من حيث تاريخها ، مبرزين فعل العقل الانساني في مسيرة حركة تطوره السياسي والمدني . وظلت المدينة منذ بطليموس ، وبليني في العصور الغابرة ، ومرورا بالجغرافيين العرب كالاصطخري ، وابن حوقل والهمذاني والادريسي وغيرهم في العصور الوسطى ، ووصولا الى العصور الحديثة مثل لويس ممفرد في كتابه تاريخ المدن ، وجمال حمدان في جغرافية المدن ، وغيرهم كثير ممن كان لهم دور فاعل في اثراء الاضاءات العلمية حول المدينة من الناحية الجغرافية ، والمكانية ، والتاريخية ، وغيرها من الامور المتعلقة بمسيرتها وتشكلها . والفلاسفة منذ ارسطو ، وافلاطون في جمهوريته الفاضلة ، ومرورا بفلاسفة المسلمين والعرب ، كالفارابي في مدينته الفاضله ، وابن خلدون في فلسفته عن العمران ، التي اوضحها في كتابه الشهيرمقدمة ابن خلدون وديوان العبر في المبتدأ والخبر . ثم وصولا الى فلاسفة العصر الحديث ، وهم كثر من الاوربيين والمسلمين والعرب ، وغيرهم من الاقوام والامم . واهتم مخططو المدن ، ومهندسو العمارة ، بالمدينة وانماط الحياة ، وتأثيرها على هندستها المعمارية . فمنذ الفراعنة ، فالعصور الوسطى ، ظهرت فلسفات متعددة دارت حولها تخطيطات المدن ، وحملت ابنيتها الملامح المعمارية لها. فنرى المدينة الاسلامية الاولى في بساطتها ، مثل يثرب ومكة ، والمدينة الاسلامية الاكثر تشابكا ، كبغداد والبصرة والموصل ودمشق. ثم الطرز المعمارية التي حملت تواريخ حقب ودويلات مختلفة ، كالطراز الفاطمي ، والمملوكي ، والاندلسي . وفي اوربا ايضا بدأت المدينة وليدة الحضارة الاغريقية فالرومانية ، فمدن العصور الوسطى التي مثلتها عمارة عصر الباروك ، فالمدن الصناعية الاولى في العصر الحديث ، وبعدها مدن الحدائق ، وغيرها من المدن التي ظهرت في القرن العشرين ، و كانت نتاج ثقافات وفلسفات و نظريات عديدة . ولم ينس علماء الاقتصاد دورهم في هذا المضمار فتعاملوا مع المدينة مرة بشكل كلي ومرة بشكل جزئي . فمن الناحية الكلية تبنوا ما عرف باقتصاديات المدينة، ومن الناحية الجزئية تبنوا ما عرف باقتصاديات القطاع ، كالقطاع الاسكاني ، والقطاع السياحي ، والقطاع الصناعي وما شابه ذلك . وقد شارك علماء الصحة والبيئة في موضوع المدينة ، فخصصوا دراساتهم وركزوها على بيئات المدن ، وصنفوا نتائجهم تبعا لما تحمله كل مدينة من مظاهر الصحة البيئية ، ووضعوا الخطط التنفيذية لمعالجتها او تنميتها . واذا كان للمؤرخين والجغرافيين دور بارز في موضوع المدينة ، فان دور الأثاريين يزداد اهمية بالغة فيما يقدمونه من نتائج علمية ، تضيء كثيرا من الجوانب التي رواها المؤرخون ، وتناقش القضايا التي طرحت حول موضوع المدينة في عصورها ا لمختلفة. و بفضل جهودهم تعرفنا على حضارات وثقافات بعض المدن العمانية القديمة ، مثل أوبار وسمهرم والبليد في ظفار، وصحار في الباطنة ، وبات في الظاهرة ، وبعض المستوطنات السكنية في سمد و وادي نام من المنطقة الشرقية ، التي يعود تاريخها الى 3000 ق.م. حسبنا ان ننوه هنا الى ان المشتغلين بالمدينة قد تناولوها من جوانب متعددة ومختلفة . بعضها اتخذ اتجاها عاما وبعضها ركز على الجزئيات التفصيلية . والنظر الى المدينة من سماتها المختلفة كالسمات الثقافية والحضارية ، والفنية والمعمارية ، او من موقعها الجغرافي ، او بيئتها ، او نشاطاتها السياسية والاقتصادية والتنظيمية ، اظهر انواعا من المدن تنسب الى اوضاعها ، او سماتها ، او انشطتها او نظمها . فظهرت المدن الرأسمالية ، والمدن الاشتراكية ، والمدن الشيوعية ، والمدن الصناعية ، ومدن البترول ، والمدن العسكرية. و وسمت بعضها بمدينة الثقافة كباريس ، ومدينة السينما كهوليود ، ومدينة الفنون التشكيلية كروما ، والمدن الدينية بالنسبة للمسلمين مثل مكة والمدينة والقدس، وبالنسبة للمسيحين مثل الفاتيكان . وكذلك الحال بالنسبة لعمان ، حيث عرفت نزوى بجانب دورها السياسي بمدينة العلم ، وصور بمدينة الشراع ، وصحار بخزانة الشرق، وظفار ببلاد اللبان . لقد اصبحت كل مدينة من هذه المدن تعكس " علاقة الفرد بالمجتمع الذي يعيش فيه " . والذي ينبغي ان نشير اليه هنا، هو ان المدن عاصرت كل المدنيات التي ظهرت على وجه البسيطة، وكذلك عاصرت كل الناس منذ ان عرف الانسان الاستقرار ومعنى التوطن ، ومفهوم وشكل المدينة، في بساطتها او تشابكها . ولكن الملفت للنظر هو ان الناس قد ذهبوا وواراهم الثرى، كل حسب مقدار انجازه، وظلت المدينة شاخصة في وجدان الانسان، وماثلة في ضمير الاجيال تروي تاريخه تمهيد في العمران العماني المحلي إذا كان التخطيط العمراني للمدينة القديمة ينطق بروح الأصالة التي تعني في المفهوم العام التمسك بقيم شكلية، ومعنوية ذات مضامين خاصة ، انطلاقا من ثوابت أرستها المعطيات الثقافية والحضارية للمجتمع ، فان التخطيط العمراني المعاصر للمدينة يخرج على المألوف في شكله ، ويختلف إلى حد ما عن السائد، في معانيه و مضامينه . ويبتعد عنه في أساليب معالجته الإنشائية ، توافقاً مع منطلقات العصر الفكرية والثقافية ، والمتطلبات التكنولوجية ، والحاجات الإنسانية النفسية ، والاجتماعية ، وتفاعلات الأنشطة الاقتصادية والصناعية . إن سائر المدن العمانية العريقة تتعانق فيها الأصالة بالمعاصرة ، فيتحد السائد بغير السائد ، و يتماهى المألوف مع غير المألوف ، دون خروج فج على قيم اجتماعية موروثة ، ودون شطط في التعامل مع الشكل والتخطيط العمراني المعاصر . فأنتجت نسيجاً حياً ، تجسد ملامحه رسالة بصرية حضارية تستنطق التاريخ . و تستظهر تجليات المكان . و تكشف عن حقب الأزمان في مشهد متنوع من البساطة ، وتكريس صراحة التعبير المعماري ، وعدم المبالغة ، انحيازا إلى البيئة العمانية في تكويناتها الطبيعية ، والى المجتمع في بنيته الهيكلية ، و إلى تطلعات المنجز منه نحو مستوى افضل للمعيشة والاستقرار السكاني . تتوافر فيه عوامل الراحة ، والأمن ، والسلامة ، والصحة و البيئية. تزخر المدينة العمانية باعتبارها مركزا حضاريا في سيرة التاريخ العماني بالعديد من مفردات التخطيط العمراني متمثلة في حاراتها المسورة و غير المسورة، قديماً ، و المنفتحة حديثا ، وأزقتها المتعرجة و دروبها المنكسرة ، و طرقها الضيقة ، ثم شوارعها الجديدة المستقيمة ، وأسواقها التقليدية ومساجدها الصادحة بذكر الله ، ومساكنها القديمة والمعاصرة ، و مجازاتها بقرب مجاري الافلاج و التي كانت بمثابة حمامات عامة ، وكذلك قلاعها وبروجها الشامخة فوق رؤوس الجبال وعلى الهضاب و السفرخ وقرب مداخل الوديان و على السواحل، و سوقها التي تعج بتفاعلات الأنشطة الاقتصادية في عرصات المدينة و حوانيتها التقليدية والمعاصرة ، فضلا عن سبل الري و الافلاج وأبنيتها وقنواتها و ابارها. لذا فان هذه الورقة تسعى إلى تسليط الضوء على جوانب عديدة من هذه المفردات ، وتحاول إيضاح مواطن التطور العمراني في المدينة وعناصرها المعمارية بغرض عرض مظاهر التغير الحضاري ، و توضيح اثر انعكاس التفاعلات الثقافية والحضارية ، والانفتاح على الآخر والتحاور معه في أبنية مدينة العمانية المعاصرة . وتخلص الورقة إلى أن البيئة الطبيعية بمناخها وتضاريسها ومظاهر سطحها قد لعبت في التخطيط العمراني للمدينة القديمة دورا بالغ الأهمية ينبغي أن يراعى أهمية هذا الدور في تخطيط مساحة المدينة ، و تحديد الاستعمالات المختلفة ، وان تتأكد أهميته في تخطيط الأبنية بفراغاتها الخارجية والداخلية ، وان يؤخذ هذا الدور في الحسبان عند وضع التصاميم الإنشائية للأبنية والطرقات وغيرها . وحرصت الورقة على إيضاح المواد المستخدمة في الإنشاءات القديمة والتي كانت مستخرجه من بيئة إقليم المدينة المحلية ، وأن يتم الاستفادة من هذا الانسجام بين طرق الإنشاء المختلفة ، مع المواد البيئية المحلية دون إضرار أو إخلال ، للحصول على تنمية مستدامة . و تؤكد الورقة أن أساليب الإنشاء التقليدية التي شيدت بواسطتها صروح المدينة العمانية العريقة هي أساليب يمكن تطويرها وتطويعها لتتلاءم مع المتطلبات العصرية للإنسان المعاصر ، وتحث هذه الورقة على أهمية مراعاة الجانب الاجتماعي في التخطيط العمراني وعدم إهمال الحاجات النفسية والسلوكية ، وان دراسة التغير السكاني ، والثقافي ينبغي ان يؤخذ في الحسبان عند وضع المخططات العمرانية. وتشدد الدراسة على أهمية تأصيل مفهوم عناق الأصالة بالمعاصرة وتكثيف حضوره في الثقافة المعاصرة لان ذلك يمثل جسرا طبيعيا لتعبر عليه تحولات المجتمع بثبات دون فقدان الهوية ، ودون تعريض الخصوصية و الحرمة إلى اهتزاز. البيئة و الثقافة مما لاشك فيه ان عمارة المجتمعات الانسانية قد تاثرت بتنوع و تشكيل البيئات المختلفة المؤثرة في انماط التفكير المعماري و الاشكال المعمارية و انواعها و وظائفها لتخدم الاستخدامات و الحاجات و المتطلبات المتنوعة و المتطورة بحسب النمو الاجتماعي و مناشط التنمية. و سوف نتطرق باختصار لهذه البيئات المختلفة. ثقافة البحر: وهي تلك المفردات الثقافية المرتبطة بالبحر من حيث النشاط والفعل والفكر والفن الانساني في صوره المختلفه . ومساحة هذه الثقافة تمتد على سواحل صور ونياباتها . تأخذ من البحر صفاته ، و من الشراع انطلاقه ، ومن الغنجة انسيابها ، ومن الانجر ثباتها ، ومن الانسان تواصله ومثابرته. ثقافة البر: وهذه تشتمل الثقافة التي تتفاعل مفرداتها في المحيطات الحضرية و الزراعية والصحراوية. تحتضن ابهى صور التلاقي الثقافي . يشي بذلك الازياء ، وطرق الحياة ، ونمط العمران والبناء ، واساليب الاداء الفني الراقيه . هذه الصورتاخذ من الذريرة § طيبها ، ومن الازياء فرحها ، ومن المصوغات ذوقها § اباءها ، ومن الحصون والبروج تاريخها وكفاحها . ونرى جانبا من الثقافة تتفتق في المحيط الزراعي ، في البساتين ، وبين الحقول . تأخذ من الخضرة القها ، ومن النخيل سموقها ، ومن الكيذاء§ عبقه ومن الياسمين رائحته . بينما تنبت الباقات الثقافية الاخرى في الواحات و المستوطنات الصحراوية . تأخذ من الصحراء نقاءها ، ومن السماء بريقها ، ومن الجمال صدقها ، ومن الكثبان قدرتها على التفاعل مع البيئة و التلاقح مع ثقافتها . الثقافة الادبية والدينية والفنية : لا تنبت الثقافة ما لم يتوافرلها النبع الدافق . وكانت منابع الثقافة تتمثل في مدارس تعليم القرآن الكريم والكتابة، و تسمى مثل هذه المدارس في بعض الدول العربية بالكتاتيب . و كانت هذه المدارس تتخذ من بيوت المعلمين او المساجد مقرا لها لقد مارست المرأة دورها الثقافي باقتدار حيث تم نشر التعليم من خلال تدريب البنات والصبيان على حد سواء . وكانت تنتشر في الحارات و الاحياء مدارس عديدة، مارس المخلصون للعلم فيها دورا رياديا في محاولة غرس بذور الثقافة . . وكان انشاء المدرسة يمثل مرحلة من التعاون بين الحكومة والمواطنين او بين المواطنين انفسهم. وبجانب المدارس ، لعبت السبلة او البرزة دورا تثقيفيا و تعليميا هاما . فقد كانت المجالس او البرزات في البيوت او في الخلاء او على ساحل البحر او تحت الشجرة منتديا ثقافيا يداوم على حضوره عشاق الثقافة والادب والفكر . وكانت السبلة او البرزه بمثابة الصالون الادبي والثقافي الذي عرفته مجتمعات عديدة . وكانت هذه الصالونات ملتقى للادباء والمفكرين يناقشون فيها قضايا الفكر ،والادب ، والسياسة ، والمجتمع , ولم يقتصر دور المسجد على اداء الصلاة فقط ، بل اتخذ مدرسة تلقن الاطفال علوم القرأن الكريم ، و السنة المطهرة. وعقدت فيه حلقات الذكر ، واجتمع فيه المواطنون على مائدة الافطار في رمضان ، وتحلق حوله الاطفال ينقلون بشائر الاذان المبارك . وكانت المرأة تتفاعل مع الثقافة من خلال مجالس النساء التي كانت تعقد في البيوت ، يتداولن الاشعار ، والأمثال ، والاخبار ، والاحاديث الدينية . فضلا عن جلسات الفن الشعبي الذي كن يمارسنه في بيوتهن مساء ، او في وضح النهار بين الحارات او في الميدان . الثقافة الاجتماعية والسياسية : يقصد بهذا المدخل ثقافة العادات والتقاليد الاجتماعية ، وثقافة النظام السياسي المتبع في المدينة ، فمن المعروف ان كل مدينة تتقاسم كثيرا من العادات المشتركة مع المدن العمانية المختلفة ، ولكنها تختلف عنها في خصوصيات هذه العادات المتوارثة يرفدها مد ثقافي توارثته الاجيال . وخضع في جزئياته الى تغيرات وتبدلات ، تبعا للتلاقح الثقافي ، والتطور الحضاري . واذا نظرنا الى ثقافة المدينة من الناحية السياسية ، فاننا سنرى ان المدينة سابقا كانت تدار من قبل المشايخ والرشداء في مختلف مناحي النشاط الادراي والاجتماعي والاقتصادي . وظلت سلطة الوالي مقتصرة على الامور الكبيرة ، والصعبة . كما كانت علاقة الحاكم بالمحكوم مباشرة ، و واضحة و هذه العلاقة جسدتها ابنية الادارات المحلية المحتلفة و اهمها مكاتب الولاة. لقد كانت المؤسسات الادارية الحكومية محدودة في مدينة. وكان مكتب الوالي هو المؤسسة الحكومية الاولى و الرئيسة في المدينة ، الثقافة الصناعية والزراعية : من المعروف ان الثقافة الصناعية والزراعية في أي مجتمع تعتمد على اتقان ادواتها ، وهذا الاتقان يبدأ بالتلقين فالتدريب فالممارسة .فاتخذت فكرة او فلسفة (الوليد) او صبي (الاستاذ) مبدأ للتقلين والتدريب . فكانت المراحل التعليمية الاولى للصناعة او الزراعة تبدا بتبني استاذ او معلم في حرفة ما مجموعة من الصبية (صبيان وبنات) يلقنهم مبادىء الحرفة ، ثم يدربهم عليها . وبعد ان تكتمل لدى المتدرب الادوات التعليمية التي تؤهله من ممارسة الحرفة ، يسمح له بذلك . هذا النوع من التثقيف والتعليم ما زال يمارس حتى يومنا هذا في الدول الصناعية. ويمارس في الجامعات باعتبار التلميذ واستاذه، مع اختلاف في تطور الادوات المستخدمة في التعليم والتثقيف والتدريب . وقد اظهرت هذه الطريقه عددا من الاساتذة في الصناعات المختلفة الثقافة العمرانية والتخطيطية : ان المتجول في شوارع المدينة وحاراتها ، والقادم اليها يلاحظ ان طرازها المعماري له خصائصه المتميزة التي هي نتاج عوامل حضارية قبل أي شيء . اذ ان العمارة وعناصرها تمثل " صورة من ثقافة الامة وتجسيدا لها " . و ينتج اشكالا " في الهندسة المعمارية و الزخرفة الخارجية ". و ان هذه الأشكال " تعكس سهولة الحياة و هدوئها في المدينة". فالعمارة هنا قائمة على مبدأ احترام حقوق الجار ، الذي اقره الاسلام . اذ لا ينبغي ان تجرح حرمة الجار . فصممت الشبابيك والابواب على ان لا تكون متقابلة وان لا ترتفع الابنية بما يخدش هذه الحرمة. كما لا يسمح باختراقها. و ذلك بعدم توجيه الشبابيك والفتحات نحوها مباشرة . واذ نظرنا الى تخطيط السوق القديم ، فاننا سنرى انه لا يختلف عن تخطيط الاسواق العربية الاسلامية القديمة الذي اعتمد على مبدأ " الرزق عند مواطن الاقدام " . فكانت الطرق الضيقة ، والمحلات المتقابلة ومساحة التجمع الكبيرة كي تسهل حركة التبادل التجاري . و صممت الشبابيك المنتشرة في الدكاكين والمحلات ، بغرض تسهيل البيع والشراء للنساء دون الحاجة الى دخولهن. ونظرا لموقع المدينة فكان لابد من الاستفادة من التهوية الطبيعية التي توفرها نسائمه . فصممت الشبابيك لتستقبل مصاريعها الخشبية هذه النسائم في فصل الصيف ، وعلى مستوى ارضية الغرف، بينما صممت الاخرى لتستقبل دفئ الشمس في فصل الشتاء . و أوضح هذا التمايز في توجيه المسكن ، و فتحات الشبابيك للاستفادة من التهوية ، و الاضاءة ، و التدقئة الطبيعية . و اضاف هذا التصميم المساكن ميزة التحكم " الدقيق في سريان تيار الهواء للغرف المختلفة في المسكن " . ولقد وصف تيم سفرن مساكن مدينة صور بالفخامه . ويلاحظ انها المساكن الوحيدة في المدن العمانية التي تفرش بالحصحيص§ وهو عبارة عن احجار المرجان المجروشة . و الذي اشاد به تيم سفرن وقال عنه :" انه يصدر صوتا مفرحا عندما تطأه اقدام أي شخص " . و يؤيد هذه النظرة دونالد هولي ، عند اشارته الى بيوت الساحل العماني ولاسيما صورفيقول: ان" ارضيتها تكون مغطاة بطبقة من الحجارة الصغيرة النظيفة" . ولقد ظهرت مظاهر الفخامة هذه في مواد البناء المستخدمة ، والتي كانت متوفرة محليا في صور. و كان من بينها الحجر الجيري بلونه البهيج ، الذي بنيت به حوائط المساكن . و قد كسيت مساكن المدينة بالنورة§ التي تضيف بياضا الى الحجرات ، و تضفي راحة نفسية على سكان المنزل ، فضلا عن الرونق الجميل الذي تزين به المساكن. وكذلك الاسقف التي استخدم فيها حطب الجندل§ المجلوب من الفريقيا ، والسميم§ العمانية المنقوشة والمزخرفة ، و المدعمة بقصائب المنجور§ في اشكال هندسية متماثلة، بغرض توفير الاحساس بالجمال والتالف معه . لقد تعاونت مبادىء الثقافة العربية الاسلامية ، ومبادئ الثقافة البيئية التي وفرها موقع المدينة على تحديد الملامح العمرانية والتخطيطيه للمدينة ،حتى اصبحت صورة المدينة جزءا من شخصية اهلها . واصبحت ملامح تلك الصورة تتميز جليه من خلال مظاهر ثقافتها وملامح اصالتها . وقد ساعدت ايضا مجموعة من المعطيات الثقافية المتصلة بحرفة صناعة الحديد والاخشاب وصناعة البناء على تحقيق الهوية المحلية للمدينة وتاكيد اصالتها العربية الاسلامية . الإدارة المحلية من الناحية التراثية تتم إدارة المدينة محلياً عن طريق سلطتين: أحدهما أهلية و يمثلها شيوخ القبائل و رشدائها و أعيانها؛ و الأخرى رسمية و يمثلها والي الولاية و عسكره و يتبعه قاضي الولاية. و هذا النظام الإداري المحلي في السلطنة مستقى من مبدأ التعاون و التشاور و المشاركة في إدارة المجتمعات. و هو مطبق بصورة عامة في جميع مناطق المدن العمانية. إذ تتم إدارة شئون المدينة بالتشاور و التفاهم مع جميع الأطراف المعنية بشئون القبيلة و المجتمع. أما فيما يتعلق بالأحكام القضائية فإن قاضي الولاية و هو يمثل السلطة القضائية في هذا الصدد - و كان يتبع في ذات الوقت إداريا والى المدينة - مخول بالحكم فيها حسب الشريعة الإسلامية و على الوالي و عسكره التنفيذ. و لذلك فأن المنشآت المعمارية المخصصة من الناحية التراثية لهذا الغرض كانت تتناسب مع وظيفتها . فمجلس القبيلة (أو السبلة) يتيح للشيوخ و الرشداء و الأعيان الاجتماع و الالتقاء للتشاور و التحاور في شئون المجتمع. و تمثل القلعة أو الحصن السلطة الرسمية. و يصبح وجودها قرب السوق ، و قرب جامع المدينة مهماً ، يسهل عملية الاتصال بها ، و يقوي مركزيتها ، باعتبار أن الوالي (سلطة الإدارة السياسية و التنفيذية) ، و مركز القاضي (السلطة القضائية) ، و مركز الحرس أو العسكر ( السلطة الأمنية). و مع انطلاقة العهد الجديد قد طرأ التغير الكبير على نمط الإدارة المحلية في تسيير شئون المجتمع، و اتساع عملية التنمية الحضرية في المدينة. و أخذت كل وزارة حكومية تخصص فرعاً يمثلها يقوم على أداء وظيفة إدارية و تنموية محددة ، فانفصل الأمن بمركز الشرطة عن عسكر الوالي ، و انفصل القضاء بمحكمته . و أصبح الوالي يمارس مهمته في سياق إداري حديث. و لم تعد هذه الإدارات مجتمعة تحت سقف الحصن و قلعته. فقد خرجت مبانيها عن النسيج العمراني المتوارث ، فامتدت المدينة. و لم تتقمص نسقها المعماري ، إذا أوجدت نماذج لم تكن مألوفة في تخطيطها ، و واجهاتها ، و مواد بنائها ، و ألوانها ، و تفاصيلها المعمارية . و لكنها تتلامس مع أصالة المدينة ، و إيحاءات عناصرها المعمارية.
__________________
ديواني المقروء |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |