عصفور وشجرة

[زهرة]

[size="5"]
حين سأغني سأجبر الكل أن يسمعني..
أن يردد خلفي أنشودة الحياة.
أن يتجرع المعاني ويسبح مع الطير في الفضاء.
أن لا أسمع إلا همسات الاحترام .
أن تكون الرياح كورال عزفي *سأجعل العواصف كنغمة العود.
ستهدأ *الأمواج وستبحر السفن كما اشتهت.
كم هي الأماني كثيرة.لكن قل ما تكون مثيرة..
آمنت أنه كما تشاء السماء تستجيب الأقدار.
وأدركت أنه ليس هناك أحد يتقبل الأعذار.
ولم أدرك أن العمر يلاحقه الموت ويردد خلفه أغنية بلا صوت.
كأنما تصعد الأرواح في السماء.وكأنه حل المساء
رأيت أن قلبي يموت مع هذا قررت أن أعزف على أوتار همومي بصمت.
*فلم أشكتي ولم أمزق طرف ثوبي بل آثرت أن أداوي جروحي وأنا ألتزم الصمت.
حتى الآهات أخنقها في صدري كلما تنفست. حتى الحروف تاهت فغدت لا تصلح للغناء.
وبين كل تلك المتاهات ما زال الغصن يقف على جذوره.
قالوا ألا تتألمين أم أن الأحياء يبدون كالأموات
كم هو مسكين ذاك العصفور.رغم حجمه الصغير يطير.
ورغم بساطة عيشه لم تراه بأي طائر يجير.
لعله يدرك أن في جعبته قوة تكفيه.
عظيم أنت أيها العصفور حين تحلق في السماء.
تتراقص نغمات قلبي طربا حين تشدو.
تغرد مع كل فصول الحياة.
حين يمطر الشتاء وعندما تتساقط الأوراق في الخريف.
وحين تتفتح الأزهار في الربيع.
ما زالت زقزقاتك تصدح في الأجواء وأنت لم تجد الغذاء أو الماء.
من كسر جناحك أيها الطير؟
لا أرى دموعك ولا حتى أسمع أنين رثائك.
لما تكتم غيظك بصوتك الرنان.
لما رغم آهاتك ما زلت تلهم الفنان.
ما زلت أقف هنا أستمع إليك.
لا أدري كيف تلهمني أيها العصفور.
فأنا *ذاك الإنسان الذي يملك جسدا تتوه فيه الروح.
وأنت ذاك الصغير الذي يجبرني على البوح.
أن أتكلم...أن أخلع الصمت... أن أتغنى بالآهات وأعزف على تلك الأوتار.
رغم أنها تؤلمني،تجرحني.تجعلني لا أتنفس.
سأتكلم وسأكسر جدران الصمت بأيادي الظالمين.
لن أجبرهم على الاعتذار ولكن سأدع السماء تحكم كيفما تشاء.
سأدع للجلاد أن يسيل الدماء.
أن تقول نفس يا لهول هذا الداء.
أن يألمون مثل ما تألمون ويرجون أن أغفر * للقاضي حين حكم على كلماتي بحق الاعتداء
لماذا إن تاهت القلوب تلجم بالنيران.*
هل في آهات العاشقين ما يزعج الجيران.
لما يجازى ذاك الصغير بالموت.
ربما لأنه لا يعرف أين يختبيء،
أو أن الرجال لا يعرفون سوى وأد البنات. فلعل مصير البنين أن يعيشوا في السجون كالأموات.
لا أدري إن كان القدر قد أحل للعصفور أن يموت.
أو أن الحياة ستبتسم.
ستهديه تلك الشجرة.
هناك في الأزل البعيد حيث يداعب أوراقها النسيم.
يتدلى منها الثمار كالعناقيد.
يمر عليها شتاء دافيء.
لعله سيعانق رؤوس السحاب ,
سيرتوي من أعناق النساء، *
سيلثم نسيم الزهور أينما تعلو البيوت ويتطاول البنيان.
لعله سيقنع، سيستغني عن تلك الشجرة
ويعيش العصفور طليقا دون أن يكون له وطن.
لن يتألم من أجل غصن ولن يقتل نفسه من أجل ثمرة.
*[/size]