![]() |
في عرض البحر قصة قصيرة للشاعر: مهتدي مصطفى غالب
في عرض البحر قصة قصيرة للشاعر: مهتدي مصطفى غالب البحر ساعة يهدأ و أخرى يثور ... تحركه أنامل طفل يلهو بقطراته ... تصمته معانقة المجداف .. إنه ذو طبع متقلب ، يفعل ما يحلو له ، أحايين يكون حنوناً كالأم ، و أحياناً يكون قاسياً كسلطان جائر ، و مرات عديدة ينساب في عيون جميلة ن امواجه تدغدغ أقدام القلب ، فيتسلل الفرح إليه ، و مرات أخرى تغضبه الريح فيرسل غضبه يمزق سكون الليل و النهار أيضاً . السفينة تائهة تبحث عن مرساة أو ميناء ، تتخبط في كل الجهات ن كفتاة هربت من زوج عجوز لتتوه في العاصفة ن تطاردها الأمواج ، تكاد تغرق .. تصحو ... تتابع سيرها كقافلة في صحراء قاحلة تطارد سراباً ... الربَّان سكير يتبادل الشتائم مع البحارة ن يقاتلهم ، يلكم الركاب ، ينادي البحر أن يصعد ليشرب معه كأساً ، يستسقي السماء ماء. الرّكاب أسلموا أمرهم للربان و بحارته ، لا يفعلون شيئاً ، كلٌّ يمارس غرائزه ، يشبع نهمه ، يتصارعون كالعبيد أيام روما العظيمة بلا سبب، يتناقلون الأحاديث الفارغة ‘ يتساقطون متعبين ... إلا أنا ... كنت أمارس سخريتي و لهوي ... أهزهز السفينة بقبضتي ... فتتوجع يدي .. فأعود إلى الخلف .... حدوث ما قد يحدث (( هذا خشب رائع ... سأسرق منه قطعة و أبيعها )) بدأتُ الحفر في خشب السفينة ، حتى حصلت على قطعة كبيرة من جسد السفينة ، و لأقرب سمسار بعتها ... و عدت لأرفع رأسي عالياً ... لم أشعر إلا و نوافذ العالم تُقفل في وجهي ، و الشوارع تفقد صدى الخطوات... تسلل الخوف إلى داخلي ن ارتعشت بعنف ، كانت المياه تغطي السفينة ن وصلت إلى رقبتي ، صرخت ... الكلُّ يهرب بنفسه محاولاً النجاة ... لكننا غرقنا ... و ها نحن نختفي في قاع قاع البحر .... |
| الساعة الآن 01:30 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir