قصة اخرى
*.. خيوط المغزل ..*
ساقتني الأقدار إلى أبواب لم تكن كالأبواب، ونوافذ مشرعة يطل منها بصيص من ضوء قابع في عتمة المكان..اسمع اصواتا تجوب الديار وأصواتا اخرى لحديث الريح مع بنات الجبل.
كما أني أرى آثار أقدام لمنقرض عاش هنا ثم رحل، تبعت الآثار لعلي أجد حياة هنا أو هناك. ومضيت لا اشعر بطول الطريق الممتد بين نهاية خطوة وبداية خطوة اخرى، وما زلت أجد العراء والجفاف، وصخور قد اخذ الزمن كفايته منها، وكأن الحياة هنا كانت نتف من سعادة يكسوها الخوف والجوع.
تابعت السير خلف آثار الأقدام، حتى انتهت بي إلى خلف التل الذي انقضى نصف حجمه تقريبا بفعل عوامل الطبيعة..
وانا انظر في النواحي البعيدة، شَخَصَ نظري إلى شكل التل المقوس وتأملته كثيرا وخاصة تلك الفتحة التي بدت لي كأفعى ضخمة فتحت فوها الكبير.
أخذت الاقتراب لألقي نظرة والمسافة تمتد بي حتى وصلت إلى الكهف ، لا اسمع سوى هسهسة روحي وارى عتمة المكان.. وانا اتسائل..
هل هو كهف علي بابا واللصوص؟؟؟
أم أن حياةً اخرى انتهت في هذا المكان؟؟؟
دخلت وانا اشتم لرائحة الرطوبة المنبعثة من الداخل .. وتكاد ملابسي الرثة تتمزق من فرط الخوف.
كان المكان منسوج بخيوط أشعة الشمس وقد تسربت عبر ثقوب دقيقة في أعلى الكهف.
ظللت أحث الخطى في هذا السكون الناعس وانا أدرك شيئا فشيئا بأنها قد رسمت قصة حب قديمة لم تنتهي ، بل امتدت حتى نهاية راسميها..
كان النحت في الصخور والعظام المهترئة والجماجم دليل لإثبات وجود الحياة في هذا الكهف.. كما أن وجود فئران مأفونة تسير في كل مكان .. دليل آخر لوجود حب آخر نشأ بين الفئران وهذا المكان....
توغلتُ كثيرا وتأملت مكامن الصخور وانا أعود إلى ذلك العمر الرمادي الباهت الذي تكونت فيه قصة استنزفت آخر خيوط المغزل لصنع حبال جديدة ليتحول هذا المغزل إلى شيء مركون ومهجور يحنطه غبار الزمن.
واصلت السير حتى تركت كل شيء خلفي يتسلل كالخوف الذي سقط مني حتى دهسته السيقان التي لم تعد تهتز.
وخرجت تاركةً الحياة تسكن داخل الكهف ...
03:00 عيون الكستناء
11/11/2006
|