وراء كل انسان عظيم شجرة عظيمة..

[عمـاد البـلوشـي]

لكل انسان أخوة وأصحاب وكلا يتخير ما يصاحب..منذ عهد الطفولة كان لي أصحاب بمثابة أخوة لي (أخوة لم تلدهم لك أمك) .. النخلة, المانجو(الأمبا), الشريشة, البيذام, النبق, التشينكو, والياسمين. هل تعرفونها؟ نعم انهم اخوتي كبرت وترعرعت معهم ولهم أفضال كثيرة علي.

لي مع كل شجرة حكاية ونقشت في كل نبتة رواية أعطيتها القليل فأعطتني الكثير, كنت أداعبها بشقاوة الطفولة وببراءة العينين اللاتي تلمعان فرحا وبطاقة ممزوجة بأحاسيس فياضة وكأني ألهو مع أطفال آخرين!!

النخلة: لم آكل من تمورها فقط بل تعلمت منها أشياء كثيرة , فعندما كنت أتسلق على جذعها الشاهق كي أجني منها تلك التمور اللذيذة وعندما كنت أسقط في كل مرة أتسلق فيها وأعاود الكرّة حتى أصل وأجني ما أريد, فقد تعلمت كيف أصل لهدف مهما كان الطريق اليه صعبا أن السقوط في كل مرة هو خطوة للتقدم والوصول.

المانجو(الأمبا) : أكلت منها وفي حالتين: حالة النضوج(مستوي) وعدم النضوج(غض أو عاقد ^^).. استفدت من الثمرة في كلتا الحالتين .. وهذا قادني الى أن التعلم والاستفادة يكونان من الصغير والكبير..فالاستفادة ليست محصورة على الكبار ناضجي العقل فقط بل أيضا للصغار أفكارا عجيبة تحملها عقولهم.

الشريشة: تلك الشجرة الكثيفة بأوراقها والضخمة بفروعها وأغصانها . لطالما تسلقتها وبنيت كوخا في جنباتها تعطيك ثمرا مرا .. أبصرت أن لأوراقها وثمارها شفاء من أمراض البطن .. تعلمت أن الظواهر القبيحة قد تخفي وراءها بواطن عجيبة ومفيدة. وليس كل ما نكره غير مفيد, وربما كرهنا انسانا كان قلبه كالثلج الأبيض !!

البيذام: (كل نعلان الحارة طابقة فيها) .. ومع ذلك لم تبخل علينا من ثمارها الحلوة رغم القسوة والجفاء, فكن كالبيذامه..كلما أستقبلت سيئة ردت بحسنة ..ولم تكن تلك الثمرة تعطينا ما بخارجها فقط (كنا نيبس اللبة وبعدين ندقها) بل وصل سخائها الى أن تضحي ما بداخلها ! فاعطِ أيها الانسان قدر ما تستطيع .

النبق: لم يكد يخلو منه البيت العماني. تلك الشجرة الكثيفة والتي تلقي بظلالها بين القرى والأحياء. لكي نقطف منها ونستلذ من ثمارها كنا نشتبك بأشواكها فتجرحنا وتلقي بثمارها لنا ! هناك الكثير من الأشياء الجميلة في الحياة التي تنتظر الحياة منك تحمل المشقة والصعاب كي تعطيك اياها. فيا ايها الانسان اسعَ لتحصل !

التشينكو: تلك الشجرة التي تحمل ثمارا بنية اللون جميلة الشكل رائعة الملمس..نقطفها ونضعها في دلو(زيلة) مليئة بالأرز لنعود بعد يومين وقد اكتمل نضجها وحلا طعمها .. أحبائي يجب أن نهيئ الظروف المناسبة للأشياء المراد تحقيقها !

الياسمين: تلك الزهور البيضاء الصغيرة زكية الرائحة لا تؤكل ولكن تدخل في صناعة العطور ومنتجاتها.. أيضا تضيف جمالا واحساسا وتملأ المكان برائحتها العطرة..تعلمت ان لم أستطع تقديم المساعدة أن أدعو للمساعدة وان لم أستطيع العمل أن أضيف جوا للعمل .. فالانسان طاقات لا تنضب ..والحياة مستمرة فاما أن تزيد فيها واما أن تكون زائدا عليها!

لم تنتهي حكاياتي مع الأشجار ولن تنتهي..لا أظن أنها ستنتهي..فوراء كل انسان عظيم شجرة عظيمة 


عماد البلوشي