/.. ذَاتَ مَوْتْ .!!

[أيمن الجهضمي]

/.. أَيْتُها الأَسْوَارُ العَتِيقةْ فِي قَلبِ دِمَشقَ أَنَا اليَوْمَ لَا أرثِيكِ ..
وَيَا أَيُّهَا الجِسرُ الصَّامِدُ فِي صَدْرِ بَغْدَادَ أَنَا لَا أذْرِفُ حُزْنِي عَلَيْكِ ..
وَيَا قِبْلَةً نَامَتْ فِي تُرَابِ القُدْسِ أَنَا لَا أَنْعِيكِ ..
أَنَا أُبِكي العُرُوبَةَ التِي مَاتَتْ فِي جَسَدِ عَرَبِيْ ..
أَنَا أَرْثِي الكَرَامَةَ الضَائِعَةَ فِي زَمَنِ بَرْبَرِيْ ..
أَنَا أَنْدُبُ حَظَ المآذِنِ مِنَ الصَّلاةِ فِي مِحْرَابِ الجِهَادْ ..
أَنَا يَخْنِقُنِي صُرَاخُ أُمِي .. صُرَاخُ أُمِي الذِي هَزَّ كَوْنِي ..
وَااا مُعْتَصَمَاهْ .. وَااا عُرُوبَتَااااهْ .. وَااا إِسْلامَاهْ ..
يَا أُمَاهُ لَا مُعْتَصِمٌ يُولَدُ فِي وَطَنِ الرَّجَالْ ..
وَلَا عُرُوبةٌ تَصْحُو فِي عُرْفِ المُلُوكْ ..
وَلَا إِسْلامٌ يُوقِظُ فَرِيضَةَ العُلَمَاءْ ..

أُمَّاهُ ..
دَمْعُ بُكَاءِكِ الطَّاهِرِ غَسَلَ مَاءَ دِجْلةَ وَمِلْحُ عَيْنَيكِ قَتَلَ مَاءَ الفُرَاتْ ..
أَمَّاهُ أّذَابَتْ دِمَاؤُكِ المَسْفُوكَةُ أَسْوَارَ دِمَشْقَ الشَاهِقَةْ ..
وَأَجْهَضَ اسْتِشْهَادُكِ عَلَى تُرَابِ القُّدْسِ مِيلَادِي ..

أُمَّاهُ
كُلُ أَرْضِي مِثْلُكِ تَنْتَحِبْ .. كُلُ أَرْضِي يَحْكُمُهَا مُغْتَصَبْ ..
فَإِلَى أَيْنَ الرَّحِيلُ وَالمَنَافِي تُغْتَصَبْ .. وَإِلَى أيِّ وَطِنٍ نَعُودُ وكُلُ أَوْطَانُنَا مَقْابِرُ لِلْمُغْتَرِبْ ..

أُمَّاهُ ..
لَمْ يَعُدْ لَكِ فِي عُرُوبَتِنَا وَطَنٌ وَلَا مَنْفَى .. وَلَا مَأْوَى إِلَا فِي رَحِمِ الفِتَنْ ..
عُرُوبةُ غَابَتْ فِي دَيَاجِيرِ قُلُوبٍ لَاهِيَةْ .. قُلُوبٌ قَضَمَ َصَمْتُهَا مَا لِلأَمَلِ مِنْ شَمْعَةْ ..
وَأَسْقَطَ ضَعْفُهَا رُوحَكِ شَهِيدَةً فِي عَتَمَةْ .!!