ذاكـــرة المشاعر

[نبيل محمد]

في الغيـــاب تصبح الــكلمات أقــل مـــــــــرونة
ويصير الحرف أكثر عجزا عن استيعاب انفعالاتنا،
فلولا أبجدية المشاعر لانكسرت الأقلام منذ زمن بعيد
ايتها الكلمات أهديني ما اختزنه القلب والعقل معا
تـرفقي بي… تجملي… وارتق بــي نحو قمم التعبير
ففي القلب ألــف حكايــة لم تقـال ولم تكتب

ايتها المشاعـر الحـائـرُة
لماذا اعتدتِ أن تقفي فوق أعتاب الـكلام؟
فهناك الكثير من الأشياء التي نريدها في الحياة
نبحث عما فـر مــن أصابع اليد والقدر

ففي البعاد تبعثرت الحـروف كلـها
وتبخر ت الأماني فوق سحب الغياب
و الذكريات سافرت خلف شطأَن النسيان
لم ندرك بعـد أن للــحب قيودا و حـدود
وأن راحة القلوب اصبحت تشقي أجسادنا

ففي كل يوم...
نحـدق في المـرآة نرى صـورة غريبــة
نكره الصورة ونرتدي الأقنعة لنخفي شطأن الدموع،
ننكر في الابتسامة فرحــا و نزيد في الحقيقة اوجاعــا
وهكذا تظل النفس حائرة تأبى الخضوع ...تكره الحزن... فلا تستسلم
فالـروح جبلت أن لا تقبل بالأشياء علـى علاتها

أيتها الحروف الرقيقة يا من كنت بالأمس قوتا وواقعا،
كوني لي الأن مقـامـا ومقـالا
ساعديني لأنتقي ما يليق بهذا المقام ولا تختفي كالغمام،
علميني كيف أهجو الظلام
علميني كيف اغفـو في المنام
علميني كيف تموت الدمعة في الاحداق
علميني كيف اسافر فوق بحر خَمِطُ الأَمواج
دعي أحلامي تصل الى مينائها ،

خذي العتمة واهد لي تلـك الصباحات المشرقــة
انثري الكلام البهي النقي الذي يلهم الارواح الطيبة
ابـق فــوق هـامـاتـهم
ساعديني كي أرسل أعذب الحروف الى قلب قارئها
امنحيه الهدوء والدفء وراحة البال،
فأن وجدته في ضيق فتحولي الى طير رقيق
أمسكي ما في قلبه من حزن والقه نحو البحر العتيق

لقد قضينا العمر نبحث عـن معنى ولـون للسعـادة
فوجدنا في براءة الاطفال لونا،
وفي عطر الزهر آخر، وفي اشراقة الصباح بداية، وفي عتمة المساء حكاية ،

لا زلت انتظر القادم مـــن بعيد
حتى ‍إن مروا بصفحة الروح أضاءت

أيها القلم دعني أرسم الحروف الزكية فوق الضباب
ساعدني كي تسمو الروح نحو ذكرياتنا الجميلة
فكل حب وله… ميلاد
وكل فجر وله… موعد
ولتحترق كل الرياح السوداء
وليزهر الـورد والياسمين

نبـيل مـحمـد