الحب واسبابه

[يزيد فاضلي]

...صدقتِ-مبدعتي الكريمة نانــــا-فإن ( الحبَّ ) الحقيقي الصادق الصدوق لا يمكنُ أن يَكونَ رهيناً بوجودِ أسبابٍ طارئةٍ أو تتسمُ بالتوقيتِ والتسبب..حتى إذا انزاحتِ الطوارئُ أو تلاشتْ تلك الأسبابُ العَرَضية المؤقتة انتهتِ الدواعي التي من أجلِها قامَ هذا الحُبُّ ونمَا في القلب وترعرَعَ...

الابتسامة الحُلوة..والعيْنُ الذبْلـَى الساحرة..والقـَدُّ الرشيقُ المَيَّاسُ قد تكونُ من الدواعي الرئيسة التي يتسارَعُ معها نبْضُ الزوْج في شَغفهِ بزوجته الحبيبة،وليسَ جريمة ًأو عيْباً أبداً أن يَهمسَ الزوجُ المُحِبًّ في رُوع زوجته الحبيبةِ أنه يَرَى نسمة الحياة المنعشةِ في ابتسامتها الوضاءة وأنه يَرَى سِحْرَ الوجودِ حينَ الإبحار في اخضِوْضَار أو ازروْراق مقلتيْها الغجريتيْن..ورُبَّ هَمْسٍ رفيفٍ كهذا ألهبَ المشاعرَ بينهما وجددَ ما اندرَسَ من حُبٍّ وَوَلـَهٍ في حياتهما الزوجية...

بَيْدَ أنَّ هذه الدواعي وهذه الأسباب قد تختفي فجأة وتذهبُ إلى غيْر رجعةٍ في حادثٍ مؤلِمٍ أو تشويهٍ رهيبٍ..!!

وحتى إن لم تذهب وتختفي جرَّاءَ حادثٍ أو تشويه،فما من شكٍّ أن للزمنِ كلمتـَهُ الفاصلة وأن لقهْر العُمُر وزحْفِهِ للكهولة والشيْخوخةِ سلطانـَهُ الذي لا تجرؤ امرأة ٌأو رجلٌ على إيقافهِ فضلاً عن رَدِّهِ...!!

إن تلكَ الأسباب والدواعي المؤقته هِبَاتٌ عارية وعوارضُ زائلة،لذا كان من الخطأ الشنيع أن يربط بهما الزوجان حاضرَ حُبِّهِما ومستقبَلَـهُ...

ولعلكِ-سيدتي الكريمة-كنتِ مبدعة ًأيَّمَا إبداعٍ حينَ رُحتِ تقوْلبينَ حركة الحوار الرومنسي بين الزوجين بأخذٍ ورَدٍّ بين وضعيْن وحاليْن ومصيريْن،وشيءٌ طبيعي-وقد عقلنتِ النتيجة-أن ينتهي الحوارُ على الكشفِ عن الحب الحقيقي حينما تحررَ من ربقةِ الدواعي والأسباب والمبرراتِ الطارئة،فإذ بهذا الحب الحقيقي يبقى وحْدَهُ الحقيقة المجردة وما عداهُ وَهْماً وافتراضاً وسَرَاباً...

الحب الحقيقي المجرد-بين الزوجين-هو الوجه الحقيقي لـ ( للإخلاص الجميل )،أما ذاكَ الحٌُبُّ الأسيرُ برعونةِ الأسباب والدواعي،فهو-في تقديري-أقربُ لـ ( الخيانةِ المُلطفةِ ) وإن كانَ ليسَ خيانة ًظاهرة..!!

لذا..كان شيئاً منطقيا أن الحب الحقيقي المجرد لمْ يكن في حاجةٍ إلى إثباتٍ وبراهينَ وأدلة،على عكس الحب المرهون بإثبات البسمة العنقودية أو النظرة الحالمة الحوراء أو القدِّ المَرْمَريِّ المَياس...

إنهما تماماً كما ( الإخلاص ) و ( الخيانة ) أمام الاستدلال والبرهنة..!!

الإخــلاصُ ؛ حالة ٌطبيعية ٌ مُجردة ٌ يَستحيلُ إثباتـُها بقرائنَ ماديةٍ أمامَ الطرف الآخر..أما الخيانة فممكنٌ بسهولةٍ-إن وقعتْ-أن نقيمَ عليها ألفَ دليل ودليل..!!!

شكراً-سيدتي البديعة-على الومضة الدراماتيكيةِ التي تنضحُ بلاطفةِ العِبرة وجمال المغزى...