(هموم الدهرِ يذهبها السجودُ)

[يزيد فاضلي]

إيـِـي وربي-سيدي الكريم المبدع الأصيل...

فإنَّ للفْحِ الدنيا اللغوبِ قتامَة ًمن ضغطِ المغارم ما تنوءُ بأحمالها النفسُ الضعيفة،فَتضيقُ عليها الآفاقُ بما رَحُبَتْ،وليْسَ من مَخرَجٍ-والحالُ هكذا-إلا الرحيل إلى سُرادقاتِ التذلل والعبودية في محراب السجود لمَنْ ((...يهبُ الكثيرَ ويجبِرُ القلبَ الكسيرَ ويَغفِرُ الزلاَّتِ...))..سبحانه جلَّ وعَـلاَ...

وهناكَ...في محراب التذلل الرفيع..حيثُ تنكسرُ شوكةُ النفس الرعناء تستجدي الهدى والرشاد وتستعطفُ-وهي على باب الرجاءِ-خالِقَها وموْلاَها،وتستشعرُ ضعفَها وفقرَها وعَوَزَها..ولا مندوحةَ أثناءَ ذلكَ أن يتعفرَ الوجهُ الطهورُ والجبهةُ الوضيئة بتراب السجود الرفيع..فيزدادُ الوجهُ ألَقاً وتأتنقُ الجبهةُ بإكليل العِزَّةِ وأنوار الاستعلاءِ الإيمانيِّ..وإذ بالكون كلهِ يتسربلُ بجلال المعنى الذي همسَ به أميرُ الأنبياءِ-صلواتُ ربي وسلامه عليه-ذات فجرٍ إنسانيٍّ عظيمٍ : (( أقربُ ما يكون العبْدُ إلى ربه وهو ساجدٌ ))،أو كما قالَ رسول الله....

قطعةٌ شعريةٌ حانيةٌ-أخي الكريم-هي هذه التي طرَّزَتْ أناملُكَ المتوضئة..وبدتْ في حسي-وقد انثال إيقاعُها الجميلُ في عَفْوٍ وتلقاءٍ-كطيفِ روحٍ جميلٍ،يَحملُ من الرقةِ وأنس الوصل ما لا يعرفه إلا أولئكَ الواصلون المُحِبُّون الذين عَرَكتْ قلوبَهُمْ الخاشعة وجباهَهُمُ الساجدةَ محرايبُ الحَزَن..!!! فرَبِحَ منهمُ البيْعُ..ورستْ عليهِمُ الصفقة...!!!

ولله در القائل :

فلا واللهِ ما خابتْ جباهٌ ** تنيرُ الوجهَ من طول السجودِ..!!

شرُفتُ-سيدي-بالاستمتاع بهذا القريض النورانيِّ البديع..ونضَّرَ اللهُ فيكَ الوجهَ والقلمَ والمشاعرَ...