عقوبة المفطر عمدا في رمضان

[يزيد فاضلي]

جوزيتَ كل الخيْر-أخي الحبيب الجميل جمعه-على التذكير بحيثياتِ ( الكفارة ) لمَنِ انتهكَ حرمة الصيام بالإفطار العَمْد..

وكأني-أخي-بديننا الحنيفِ،وهو يُشرِّعُ كفارة الصوم،يخاطبُ الإرادة والعزيمة في فطرة المؤمن قائلاً :

انظرْ يا عبدَ اللهِ..أمامَكَ أحدَ عشرَ شهراً بكمالها وتمامها..بأيامها ولياليها..أباحَ اللهُ لكَ فيها من طيباتِ الرزق الحلال ما تلبي بها أشواقَ رغباتِكَ ( البيولوجية ) الطبيعية،في غير كبْتٍ أو حَجْرٍ أو عَنــَتٍ..تأكل..تشرب..تعاشر زوجتـَكَ..فقط هناكَ شهرٌ واحدٌ أرادَ اللهُ تعالى منكَ فيه أن تدخلَ مدرسَة الهمةِ والعزيمةِ،تكبَحُ خلالـَها-وبإرادَتِكَ الحرة السيدة-جزءًا من روافدِ الرغبة والاشتهاءِ في نفسكَ،مع تيسيرٍ بالرخص لأهل الأعذار في سَعَةٍ لا نظيرَ لها في أي شِرْعَةٍ أخرى..ومع هذا تستكثرُ وتستثقلُ أن تضبط نفسَكَ قليلاً..؟؟!!!!

أحدَ عشرَ شهراً والمُعَدُ والأمعاءُ والرغباتُ شغـَّالة ٌليلَ نهار،لا تستريحُ من النهم والشراهة أبداً بدليل أن أغلبَ مستشفياتنا تكادُ تطفحُ بمن يُعانونَ السُّمْنة المفرطة..الكولِستيرول..قرحات المعدة..التكرُّشُ العجيب..التخمة والبِطنة..تصلب الشرايين..ضغط الدم..السُّكَّري..التهابات البروستات...!! الخ..الخ...

أكثيرٌ على الله تعالى-وقد أمرَنا-أن ندَعَ قليلاً نداءَ الأمعاء والرغبة والشهوة يستريح قليلاً ويأخذ فترة نقاهةٍ واسترخاءٍ-في النهار فقط من غبش الفجر إلى غسق الغروب-مدة شهرٍ،لتلتفتَ حواسُّنا الروحية والإيمانية الغائبة النائمة لنداءاتِ السماء علـَّنا نتهذبُ ونرقُّ ونعودُ لأصلنا السامي الرفيف..؟؟!!!

الحقيقة أن الكفارة تهذيبٌ وتأديبٌ للإنسان المُصِرِّ على استحوَانِ طبيعته أكثر مماهي في الحقيقة تجريعٌ لألم العقوبة..

إنها أشبه ما تكونُ بالصفعة القويةِ لفطرة الإنسان أن ينتبه من غيْبوبته ويصحو ويستفيقَ ويُدركَ أنه إنسانٌ مُكَرَّمٌ وليسَ سائمة ًعجماءَ تقودُها أمعاؤها وغريزتـُها البيولوجية كلما نادتْ..!!

فأقبلْ على النفس واستكملْ فضائلـَها ** فأنتَ بالروح لا بالجسم إنسانُ..!!

ودمتَ أخي جمعة كما أنتَ دائماً...