يا قلبي الدامي.....أبو القاسم الشابي

[يزيد فاضلي]

...هو ذاكَ شاعرُ الخضراءِ الكبيرُ أبو القاسم الشابي رحمه الله...

ليسَ فقط لأنه رائدٌ من رواد التجديد في الشعر العربي المعاصر من خلال بروزهِ المُلفت عبْرَ مذهب ( الرومنس ) الذي احتواهُ-باقتدارٍ-في شِعْرهِ الرائق..وليسَ فقط لأنه عضوٌ في ( جماعةِ أبوللو ) الرومنسية التي أسسها الشاعرُ المصري الكبير الدكتور أحمد زكي أبو شادي..بلْ-معَ هذا كلهِ-لأنه أبو القاسم الشابي،الناشئ الصغيرُ والشابُّ الهادئُ الوسيمُ الذي غنى للحياة..ولأسرار الحياة..من خلال ديوانه الكبير ( أغاني الحياة )..فراحَ يبعثُ في شِغافِ الوجودِ إمضاءاتٍ شعريةٍ فذةٍ،استخرَجَ بها معانيَ منه تغنتْ بها الإنسانية المعذبة أجيالاً وأجيالاً،فما برحَ قلبُهُ التعوبُ المريضُ يُعَلمُ الدنيا أناشيدَ الحياةِ وأهازيجَها حتى تخطفهُ الموتُ ولمَّا يبلغ الخامسة والعشرين..!!

فكانَ قدُرُهُ أن يَعيشَ في وجدان الإبداع العربي والإنساني بعدَ وفاتهِ أكثر منه وهو على قيد الحياة..وكأنَّ شوقي-رحمه الله-كان يَعنيهِ بقوله :

فارفعْ لنفسِكَ بعدَ موتِكَ ذِكْرَها ** فالموتُ للإنسان عُمْرٌ ثانٍ..!!

وهاهوَ ذا في رائعته الخالدة الجذلى ( يا قلبي... ) يستنطقُ في خافقهِ نائياتِ الضفافِ على شواطئ أقراحه..وأحزانه..وهواجسه...

يستنطقها..وقد استذرَفَ من رحيق الحياةِ لهدهدةِ الأحزان أوداقاً وأوداقاً من أماني..وآمالٍ..وتفاؤلٍ..وإشراقاتٍ..!!

وهكذا أبو القاسم دائماً...

نغمة ٌشِعرية ٌباسمة ٌ يبعثها في ديْجورِ المتألمين والبائسين،فـ ( يصنعُ بها من الليْمونةِ الحامضةِ شراباً حُلواً..!! ))...

بوركتِ-سيدتي البديعة الكريمة الفاضلة ذكرى إنسان-على جمال الانتقاء..فقدْ تمتعنا واستمتعنا..ودامتْ في ذائقتِكِ عرائسُ السوْسَن...