**۞ ~~ أقنعـــــــــــــة مزيفـــــــــــــــة ~~ ۞**

[يزيد فاضلي]

..الروائي الفرنسي العالمي الكبير فيكتور هيغو كتبَ ذاتَ مرةٍ في رائعته ( أحدب نوتردام ) :

(( يَضِيقُ قِناعٌ أو يسقط ُ كلما تغيَّرَتِ الملامِحُ...!!!Narrows masque ou à l'automne, comme les traits du visage changent ))

وهوَ يَعني بَدَاهَة ً-أختي البديعة أمواج-أن حَبْلَ المُداراة مهما بَدَا أنه طويلٌ،لابد وأن ينقطعَ يوماً،لتسقط الستارة وينكشفَ الغطاءُ وينفضِحَ المستورُ وتـُستبَانَ الحقيقة...!!!

ولقد عَلِمْنا-ونحن نقرأ حَكَايَا ( كليلة ودمنة ) لابن المقفع-كيفَ انفضحَ ( الحمارُ )-أكرمكِ اللهُ والسامعين-حينما لبسَ جلدَ أسَدٍ،فراقته الهيئة المُستعارة التي انطلتْ على الناس حيناً من الدهر،إلا أن غريزة النهيق غلبتْ طبعهُ،فبدلَ أن يزأرَ راحَ يَنهِقُ..فكانتْ فضيحة ًبجلاجلَ...!!!

فما أشدهُ إيلاَماً إذن حينما يتحسسُ قلمٌ-في خاطرةٍ-وجوهَ الناس وبالكادِ يتلمسُ فيها ملامحَ حقيقية...!!!

ما أحراهُ بالألم حينَ لا يَرَى من حقائق الحياة إلا زيْفَ الأقنعةِ،وليسَ غيْرَ الأقنعةِ...!!

و ما أهْوَنـَهَا دنيَا-أختي الكريمة-وما أتفَهَهُ إنساناً يَقتاتُ من بقايَاها وهو يُخفي دمَامَة قلبه وضحالة أفعالِهِ وبَشاعَة َ حقيقتهِ وراءَ قِناعٍ زائفٍ من زُخْرُفِ القوْلِ وبَهْرَجَاتِ المظاهر..!!

ما أهوَنـَهَا دنيَا على القلب الجسور الصادق حين يتلفتُ يَمنة ًويَسْرَة ًفلا يَجدُ إلا مصطبة المسْرَح الدنيوي الكبير وقد ازدحمَتْ بوجوه البهلوانيين المليئة ألواناً وأصباغاً وأقنعة..!!

فلاَ الإنسانُ إنسانٌ بصدقه وصفائه ووضوحه وجلائه..ولا الدنيا دنيا صافية ٌبنقائها ونقاوَتِها التليدة..فكأنما الناسُ-إلا مَن رحِمَ ربي-يتراقصون داخل أقفاص شخوصهم ووراءَ أقنعة وجوههمْ في حفلةٍ تنكريةٍ واسعةٍ..!!!

بيْدَ أن عزاءَ الصادقين والمخلصين والوَضـَـحَةِ في هذه الحياة أن حبْلَ التقنـُّعِ قصيرٌ عُمْرُهُ،وأن التمثيلَ-مهما كانَ ذا حُبُكٍ-لن يستمرَّ طويلاً،فإن لنواميس الحياة طبعَها الغلاَّبَ،فلا بُدَّ للطبع أن يَغلبَ التطبُّعَ..ولا بد للأقنعةِ أن تسقط مهما لصِقتْ بخيْبةِ الوجوه..ولا بد للحقائق الحقيقية أن تطفو على السطح يوماً،ويومَها سنرددُ معاً قولَ الحكيم :

سَبَكْناهُ ونحْسَبُهُ لـُـجَيْناً ** فأبدَى الكِيرُ عن خَبَثِ الحَدِيـــدِ..!!

جوزيتِ خيراً-أختي-على النجوَى والشكوَى..!!