حوار اسبوعي مع شخصية نثرية

[ضي]

هنا بعضا من محمد الطويل

برد الشوق ودفء الحنين

أتدثر بالحنين رغم أن برد الغربة يهزني وكل الدروب ترفضني .. لكن حنيني إليك يجعلني أدوس على رمل تلك الطرقات وأقف في وجه البرد والليل الطويل أعاند فيه ذاتي وأعاند الواقع والمكان وكأنني أراني أتلذذ بهكذا مبارزة ... لا أنظر للعيون إلا ورأيتك ساكنا في كل العيون ... ولا أتنفس هواء إلا وأراني أتنفسك من بعيد ... ولا أنادي بصوتي المبحوح نداء إلا وكان اسمك على لساني .

نعم أنت يا وطني .. أنت يا كل رملة من ترابك هي عرائش مملكتي .. أنت يا من زرعت في ذاتي منذ نشأتي حبك وانتمائي إليك .. أنت يا وطني الذي لا يمكن أن يساويك شيئاً أو يعادلك ولا يمكن أن يقارن بك شيئاً أو توصف به .. بصمة أزلية وحب لا ينتهي وشوقاً وحناناً وحلماً جميلاً عنوانه العودة إلى ترابك الطاهر يا طهر الروح وبسلم جراحي .

ها أنذا على أرصفة بلد الضباب أتجول بين أجوا رود وبين بج بن ولا أشعر بشيء يجذبني كي ينسيني ألم الشوق إليك فأركب قطار البعد متجها نحو بورسميث ورغم الهدوء الذي يسكنها إلا أن هدوءها لا يشبه نقاء هدوءك يا وطني .. فأرتحل إلى طرقات بريدنج فلا أجد ذاتي فيها فأهرب إلى بريتن وأتجول على سواحل هذه الأخيرة فأجد سواحلها لا تشبه سواحلك يا وطني ورملها المعبأ بنثار الحصى لا يشبه رمالك المعبأة بالنعومة والنقاء .

كل شيء يعيدني إليك فلا الحدائق الغناء الممتدة تخفف وطأة الحنين ولا ملاهي الليالي الحمراء وضجيج تايجر تايجر يلغي الشوق .. كل شيء هنا عدم دونك أيها الوطن ، وكل راحة هنا شقاء ببعدك يا وطن ، وكل صمت هنا أنين باسمك يناديك يا وطني وضجيج .

ألملم أوراقي والليل المنسدل سكونه على وقع قطرات المطر المتساقط على نوافذ هذه الغرفة البعيدة يشعل تحت المطر والبرد نار الشوق إلى عمان الحبيبة أرض السلام ودار الكرام فمتى يأخذني القدرإلى دار لا تشبهها دار وناس لا .................