مسترجله يابعدها المرجله عنك

[يزيد فاضلي]

استرجالُ المرأةِ-أختي الكريمة شاعرة الليل-كاستخناثِ الرجل..كلاهما سواءٌ في شذوذ الفطرةِ السويةِ ونشازها عن الوضع الطبيعي كما أرادَ اللهُ تعالى منذ أن خلقَ آدمَ وحَوَّاءَ وجعلَ لهما الأرض ذلولاً ليمشوا في مناكبها...

وبَداهة ً،نحن هنا لا نتحدثُ عن القصور الهرموني الذي قد تختلُّ صبغياته-لسببٍ أو لآخر-داخل شريط المورِّثاتِ الجينيةِ،فينشأ عنه اضطرابٌ فظيعٌ وتشوُّهاتٌ خِلقية تـُظهِرُ الأنثى في إيهابِ ذكَر وتظهِرُ الذكرَ في إيهابِ أنثى-في ملامح البنية الجسدية أو على مستوى التصرف والسلوك-ولا حيلــة..!!

إنما الشذوذ والنشاز الحقيقي هو وجودِ هؤلاءِ المسوخ الذين تزحَمُ بهمُ المدنية المعاصرة-من فئة المراهقين والشباب خصوصاً-والذين لا يُعانون قصوراً هرمونيا ولا خللاً بيولوجيًّا،ومع هذا فإن اندفاعهم إلى الاسترجال والاستخناث-تحت ذريعة العصرنة ومقتضى المُودة-يُثيرُ العَجَبَ والتأسي معاً..!!

دائماً مصدَرُ عَجبي وأسايَ ليسَ لِمَا يَحدثُ هناكَ في المجتمعاتِ الغربية-في أوروبا وأمريكا-أو مما يَجري من انحرافٍ وفسادٍ وشذوذٍ داخلَ أوساطها،فإن مَدنية الغرب حينَ راحتْ تسحَقُ الروحَ والأخلاقَ تحت سنابكِ الماديةِ،لمْ نكنْ ننتظرُ منها أن تقدمَ الشيءَ الكثيرَ لفطرةِ الإنسان وجبلـَّتِهِ كما خلقها المولى عز وجَلَّ..

العَجبُ والأسى الحقيقيان مما نراه ونسمعه ونلمسُه في كثيرٍ من شبابنا العربي المسلم..وأينَ..؟؟ في مواقعَ،كان المفرضُ أن تكونَ مظنة للحفاظِ على الهُويةِ والجديةِ والسمُوِّ والرفعةِ في كل شيءٍ،أو على الأقل الحفاظ على الحَد الأدنى من هذه السماتِ الثابتة..كالجامعات ومراكز البحوث ودور الإعلام والفن والثقافة الراقية...!!

إن ظاهرة الاسترجال والاستخناث تجاوَزتْ في بعض مجتمعاتنا العربية ( المودرن ) حدوداً تكادُ تضارعُ المجتمعاتِ الغربية ذاتِها،وربما فاقتـْها في المَياعةِ والشخلعة..!!

وإذا كنتِ-أختي-تعرضينَ هنا تقليعة الاسترجال لبعض النسوة الإناث في مجتمعاتنا-وهي حقيقة وواقِعٌ موجودٌ-فإن وكسة استئناث كثير من ذكْرَاننا ( الرجال ) لحد التخنث،أراها أخذى وأنكَى..!!

فمَنْ منا يزعُمُ أو يُنكِرُ وجودَ الفلول الغفيرة من قطعان الشباب الذكور الذين تزحَمُ بهم مؤسساتنا التربوية والعلمية-خصوصاً في المعاهد والجامعات-وتمتلئ بهم الشوارعُ والأندية،وليسَ بينهم-وهم الذكور-والتأنيثِ في الشكل والمضمون إلاَّ مُسمَّى التذكير المُقيد في شهادة الميلاد..!!

كريماتٌ وأصباغٌ تمددُ في الوجه والجسم يوميا وتنميصٌ بالرقة للحواجب..قيراطٌ في الأذنين وآخرُ أحياناً في الأنف وربما تحلقَ اللسانُ والشفتان الناعمتان أيضاً..تليينٌ وتدهينٌ مستمر ومتواصلٌ للشعر وظفـْرهِ أحياناً أو تكويمه كحزمة بقدونس في القفا..قميصٌ مضبوط،ينفتح على جيدٍ ناعِمٍ،تتوسطه سلسلة ذهبية أو ماسية،تكادُ-من الأنوثة-أن تصرخَ وتصيح..!!..بنطالٌ مشرشفٌ قصيرٌ وضيقٌ-من الجينز-يَحوي الأردافَ بطريقةٍ تدفعُ الشابَّ ( الذكَرَ ) إلى مِشيَةٍ مائعةٍ،لا تكادُ تجدَ لها فارقاً بينها وبين مِشيَةِ بنتٍ ( أنثى ) ترافقه..!!

ودعكَ من طريقة الكلام ومستوى الأداء الصوتي الناعم الرقيق الذي يَكادُ ينسحبُ عليه قوله تعالى : (( فلا تخضعن بالقول فيَطمَعَ الذي في قلبه مَرَضٌ ))..!!

والصورة المهزلة تنسحب أيضاً على طريقة الأكل والشرب والجلوس والقعود والقيام..وحتى...وحتى النوم..!!!!

وحتى في التفكير والاهتمامات،تبحث فتجد فقط التفكير في ما له علاقة بالأنثى وعالمِها..!!

ووالله كلما أبصرتُ هذه الفئة تسيرُ أمامي أو تتحدث في التلفزيون أو تفتخر بنشر صورها في مواقع النت والتواصل الاجتماعي إلا وتذكرتُ وصفَ الشاعر الساخر ناصح الدين الأرجاني لرجل مستأنِثٍ :

بَدَويٌّ بدت طلائعُ لحظـيْـهِ ** فـكــانت فــتــاكـــة فتانـــهْ..!!
ردّ منّا القلوبَ منكســراتٍ ** عندما لاحَ كاسراً أجفانــهْ..!!
وغــزانا بقامــةٍ وبعَــيْــن ** تلك سِــيَافـهُ وذي طِعَانـــهْ..!!
خطرَاتُ النسيم تجرح خدَّيْهِِ ** ولمْسُ الحرير يُدمي بَنانهْ..!!!

رَحِمَ اللهُ ذلكَ الأعرَابيَّ ( الذكَر ) الذي لما عابتـْهُ زوجتـُهُ لخشونةِ الذكورة الطافحة في شخصيته،نظرَ لوجهه الرجولي الصارم البادية صرامتـُهُ في المرآة،فقال :

فان لمَ تكُ المرآةُ أَبْدَتْ وَسَامَة ً** فَقَد أبدتِ المرآةُ جَبْهَة َ ضَيْغـَــمِ..!!!

أما أسبابُ هذه المصائب في شبابنا-ذكوراً وإناثاً-والحلول البدائل المُقتـَرَحة،فأظن أن مناقشاتِكِ-أختي-مع أعضائنا الكرام قد كشفتْ عن بعضِها أو أهمها..وربما عدتُ في جولةٍ ثانية بالإدلاء إن شاء الله..ودمتِ شاعرتـَنا الكريمة بخير...